الإرهاب والاستراتيجيّة الإعلامية السعودية!
تواصل السعوديّة عدوانها على اليمن. وإن كان اليمن بشكل مباشر، فإن أغلب دول الشرق الأوسط تشظّت من الإرهاب السعودي المباشر والغير مباشر على حدّ سواء.
إلا أن السعوديّة اليوم التي تدير معركتها مع قطر بشعار مكافحة الإرهاب، تعمل في الوقت عينه على نفي هذه التهمة عنها رغم ثبوتها في عشرات، بل مئات، التقارير الحقوقية العربية والغربيّة.
الرياضّ التي تعدّ المسؤول الأول عن تفشّي وباء الكوليرا في اليمن إثر الحصار والعدوان، عملت على إعلان مشروع لمكافحة الإرهاب، لتروّج له إعلامياً بشكل غير مسبوق. لم تكتفِ بذلك، بل عمدت إلى استخدام منبر الجامعة العربية في سبيل الترويج لها حيث أشاد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط “بدعم المملكة المستمر للقضاء على الكوليرا في اليمن”، متناسياً عن كونها المسؤول الأوّل والأخير عن تفشّي هذا الوباء.
إذاً، هناك استراتيجية سعوديّة متكاملة في نفي التهم التي تطال المملكة بدعم الإرهاب، فضلاً عن الترويج لها على أنّها دول مكافحة للإرهاب، ليس آخرها تخصيص السلطات الماليزية أرض مساحتها 16 هكتارا في مدينة بوتراجايا العاصمة الإدارية، لبناء المقر الدائم لمركز الملك سلمان للسلام العالمي، والذي أعلن عن إقامته خلال الزيارة الأخيرة للملك سلمان إلى ماليزيا في فبراير الماضي.
إن مواجهة الاستراتيجية الإعلاميّة السعوديّة، تتطلّب جهداً كبيراً يضاهي الجهد الميداني، وبالتالي لا بد من نشر التقارير الحقوقيّة التي تفضح جرائم العدوان السعودي على الشعب اليمن، سواء العربي أو الغربي منها.
أوّلاً: لا بدّ من إفشاء الجرائم السعودي بعد توثيقها بغية الاستفادة منها في الدعاوى والتحقيقات المستقبلية في الأمم المتحدة. إن هذه الوثائق كفيلة بمحاكمة ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان كمجرم حرب. حاولت السعودية مواجهة هذا الأمر عبر سلاحها الاقتصادي، ظنّاً منها أنها قادرة على ستر جرائمها بهذا الأمر، كما فعلت سابقاً مع الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون حيث هدّدته بوقف الدعم الاقتصادي للمؤسسات الحقوقية في حال عدم رفع اسمها من اللائحة السوداء.
ثانياً: السعودي أيضاً، وعبر السلاح الاقتصادي نفسه، المتمثّل بصفقات السلاح مع أمريكا وبريطانيا نجحت في إسكات هذه الدول، لا بل منع نشر التقارير التي تتهم السعودية بتمويل ودعم الإرهاب، كما حصل في بريطانيا باعتبار أنّ هذا الأمر يعني إنهاء الصفقات العسكرية التي تدرّ على خزينة هذه الحكومات عشرات المليارات من الدولارات. جيرمي كوربين” الشخصية الشعبية وزعيم حزب العمال البريطاني وصاحب المواقف المثيرة للجدل حسب الساسة البريطانيين، يتحدث عن الحكومة البريطانية ويهاجم “تريزا مي” التي تبيع السلاح لنظام هو من أشد وأظلم الأنظمة في العالم ويقصد بذلك السعودية. باحثة ألمانية متخصصة في قضايا التطرف قال إن نتائج الدارسة البريطانية حول دعم السعودية للإرهاب (مؤسسة هنري جاكسون سوسيتي البريطانية قد نشرت تقريراً عن التمويل الأجنبي للمتطرفين في بريطانيا اتهمت فيه السعودية بأنها أحد أكبر الداعمين) لم تفاجئها على الإطلاق، مؤكدة أن الرياض كانت وما زالت تصدر التطرف بإيديلوجيا تشبه إلى حد كبير إيديولوجيا تنظيم داعش الإرهابي.
ثالثاً: السعودية التي نجحت في إسكات هذه الحكومات، فشلت في إسكات المعارضات في هذه الدول. المعارضة وبغية التصويب على الحكومة في أي دولة تستخدم ورقة السعودية بغية محاربة الحكومة باعتبار أن آل سعود أصحاب صيت سيّئ لدى الشعوب الغربيّة. على سبيل المثال، جدّدت المعارضة الألمانية انتقادها لترخيصات برلين الجديدة بشأن صادرات الأسلحة للسعودية “باعتبار وجودها في منطقة ملتهبة، معتبرة أن الحكومة تساهم بذلك في تأزيم الوضع في المنطقة وربما موجة جديدة من النازحين”. وقد قالت كاتيا كيبينغ رئيسة حزب اليسار الألماني المعارض إن “الصادرات الألمانية للسعودية تعدت منذ زمان كل الحدود”.
رابعاً: السعودية التي أرادت تلميع صورتها عبر مركز الملك سلمان للسلام العالمي في ماليزيا، تعرّضت لهجوم ماليزي إعلامي تمثّل في إعلان إحدى المواقع الماليزية أن مركز الملك سلمان يعد اتحاد دولياً لدعم الإرهاب، خاصّة ان هذا الاتحاد على صلة مباشرة مع حركة طالبان وتنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين.
خامساً: في سياق المحاولات السعودية لنفي تهمة الإرهاب، قال وزير الخارجيّة السعودي عادل الجبير إن بلاده ستقدم لباريس ملفاً كاملاً عن “دعم قطر للإرهاب والتجاوزات التي ارتكبتها”، إلا أن عضو مجلس الشيوخ الجمهوري ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي “بوب كوركر”، سبق الجبير في حديثه عن قضية حصار قطر إثر اتهاماتٍ من قبل التحالف الذي تقوده السعودية بأنّ الدولة الخليجية الصغيرة هي أكبر مؤيد للإرهاب في العالم، قائلًا: “إنّ حجم الدعم للإرهاب من قبل السعودية يجعل قطر قزمًا بالنسبة لها بالفعل”.