عام على تشكيل المجلس السياسي وتحول مسار المعركة (تقرير)
الصمود / 16 / أغسطس
تقرير/ محمد الحاضري
لم تكن الحرب على اليمن التي شنتها السعودية بالتحالف مع 13 دولة ومن ورائها أمريكا وبريطانيا هي المحاولة الأولى لتدمير الدولة اليمنية، فقد أوعزت السعودية وحلفاؤها إلى هادي تقديم استقالته مع رئيس الوزراء خالد بحاح عقب ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014 في محاولة منها لتدمير الدولة وصولا إلى انهيار مؤسساتها، بيد أن ملئ اللجنة الثورية للفراغ وتولي مهام المرحلة حال دون انهيار مؤسسات الدولة.
شن العدوان السعودي الأمريكي الحرب على اليمن في وقت كانت مفاوضات موفمبيك بين القوى السياسية على مشارف نهايتها لاختيار مجلس سياسي بديلا عن هادي المستقيل ليتولى الفترة الانتقالية حسب ما أكده المبعوث السابق إلى اليمن جمال بن عمر في إفادة له أمام مجلس الأمن، لكن العدوان الذي بدأ في 21 مارس 2015 أفشل تلك المفاوضات.
استمرت اللجنة الثورية في تولي مهام الدولة رغم الحرب والحصار وسيطرة العدوان على الموارد الاقتصادية اليمنية، واستطاعت إدارتها بحرفية عالية أن تحافظ على مؤسسات الدولة، بالتزامن مع استمرار المفاوضات السياسية بين القوى الوطنية المناهضة للحرب والعدوان لتتوج بالاتفاق السياسي بين أن نصار الله وحلفاءهم وحزب المؤتمر وحلفاءه في 28 من يوليو2016، ثم إشهار المجلس السياسي الأعلى في السادس من أغسطس، ثم أداء اليمين الدستورية تحت قبة البرلمان في 14 أغسطس ثم استلام السلطة من اللجنة الثورية في 15 أغسطس ليدير شؤون البلاد سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً وإدارياً واجتماعياً وفقاً للدستور، وأيد وبارك الشعب اليمني الذي خرج في مسيرات مليونيه في 20 أغسطس في صورة واضحة تعبر عن إرادة غالبية الشعب الرافض للعدوان.
وسلمت اللجان الثورية إدارة البلاد للمجلس السياسي بطريقة سلمية حضارية قل ما نشاهدها في منطقتنا العربية، وغادر رئيس اللجان الثورية محمد على الحوثي القصر الجمهوري ليتولى المجلس السياسي قيادة البلاد.
تولى المجلس المسئولية في وضع لا يحسد عليه فقد “فتك العدوان بكل مقدرات الشعب وحاصر كل مصادر دخله التي كانت تمثل الحد الأدنى لتوفير احتياجات الشعب في الظروف الطبيعية، ناهيك عن تغطية احتياجات الشعب في ظل العدوان والحصار”، بحسب ما ذكر رئيس المجلس صالح الصماد اليوم في الاحتفال بمناسبة الذكرى الأولى لتولي المجلس السياسي الأعلى إدارة البلاد.
ولفت الصماد إلى تجاوز المجلس “أزمات عدة كادت أن تعصف بالمجلس السياسي الأعلى وشلت من قدرته على أداء مهامه واستغرقت وقتاً وجهداً كبيراً لتجاوزها حرصاً على تعزيز عوامل الصمود والحفاظ على تضحيات الشعب, وكان منها أربعة أشهر حتى تم تشكيل الحكومة والتي جاءت على مؤسسات عانى كوادرها من انقطاع رواتبهم لأشهر لولا وطنيتهم واستشعارهم لمسئوليتهم لكان الوضع أسوأ, وتعرضت بنيتها التحتية لكل أنواع الاستهداف من قبل العدوان”.
وأشار إلى أن العدوان سيطر على 80% من موارد الدولة بسيطرته على منابع النفط والغاز، وأن العدوان سيطر على مقدرات البلد ولم يبق سوى ميناء الحديدة الذي يخضع للحصار والمضايقة والتفتيش وهذا المورد لا يمثل 5% من إجمالي الـ 20% المتبقية”.
برغم التحديات والصعوبات التي صاحبت تشكيل المجلس إلا أنه شكل ضربة قاسية لدول العدوان وهي التي شنت حملتها العسكرية على اليمن تحت عنوان إعادة الشرعية، فقد بارك مجلس النواب تشكيل المجلس، ومن ثم نالت حكومة الإنقاذ التي ضمنت الشراكة لكافة أطياف العمل السياسي في اليمن، ثقة مجلس النواب لتكون الحكومة الدستورية الوحيدة التي تنال الثقة عقب استقالة بحاح.
جن جنون دول العدوان عقب هذه الخطوات الدستورية والقانونية وحاولت إسقاط المجلس من خلال التصعيد العسكري في جبهات القتال، ومن خلال الحرب الاقتصادية ونقل البنك المركزي إلى عدن ومنع صرف الرواتب لموظفي الدولة بعد شهر واحد فقط من تشكيل المجلس، بالإضافة إلى نهب 7 ملايين برميل نفط تم بيعها من خلال الموانئ الواقعة تحت سيطرة دول الاحتلال، ولم يعلم أحد أين ذهبت أموالها.
يرى مراقبون أن المجلس السياسي ذو العشرة مقاعد شكل شراكة حقيقية بين مختلف القوى السياسية، ورغم تصعيد العدوان والحرب الاقتصادية ومحاولة الطابور الخامس تفتيت هذه الشراكة إلا أنه تمكن من الحفاظ على مؤسسات الدولة، وأدار الملف التفاوضي بندية، وأفشل محاولات شق الصف، واستطاع المجلس بإمكانات المحدودة بسط الأمان والاستقرار في المناطق التي تسيطر عليها الدولة، فيما تعاني المناطق الرازحة تحت الاحتلال من أوضاع أمنية متردية وانتشارا للعصابات والجماعات التكفيرية، وعشرات السجون السرية التي أعتقل فيها الآلاف من أبناء هذا البلد، بالإضافة إلى صراعات بين أجنحة العدوان نفسه المتنافسة على نهب ثروات اليمن.
خلال العام الأول من تشكيل المجلس برز دور الرئيس الصماد كقائد محنك متنقلا في جبهات القتال الملتهبة، من جبهات الحدود في جيزان ونجران إلى جزيرة كمران على البحر الأحمر، إلى المنطقة الرابعة متحديا قوى العدوان والتكنولوجيا التي يملكها.
مع أن المجتمع الدولي إثر الصمت لقاء مليارات الدولارات التي جناها من السعودية والإمارات من خلال صفقات أو رشاوى أو ما شابه ذلك، إلا أن التطورات السياسية أجبرته على النظر لما يجري في اليمن على أنها أزمة وهذا بدا واضحا من خلال رفض الأمم المتحدة لطلب دول العدوان بالسيطرة على مطار صنعاء وقالت إن الأمر متعلق بأطراف “الأزمة” اليمنية وهو ما شكل ضربة لدول العدوان التي سعت خلال عامين ونصف من العدوان لتصوير العدوان على اليمن بأنه ضد جماعة انقلابية.
التطورات التي شهدها الواقع السياسي والعسكري اليمني خلال العام الماضي جعلت ولي العهد السعودي يعيش حالة من “الإحباط والهزيمة” بسبب فشله في اليمن وهو ما ظهر في اعترافه لمسئولين أمريكيين سابقين بأنه يريد الخروج من حرب اليمن بحسب ما نشره موقع “ميدل إيست آي البريطاني” مؤخرا.
في مقابل حالة الإحباط والهزيمة التي تعاني منها دول العدوان أعلن الرئيس الصماد الأسبوع الفائت خلال زيارته للمنطقة الرابعة وحضوره احتفالا بتخرج دفعات عسكرية عن قرب تحول مسار الحرب وانتقال وشيك من الدفاع إلى الهجوم، في تجسيد واضح على أن الجيش اليمني ولجانه العسكرية استطاعوا إعادة بناء قدراتهم العسكرية وتطويرها واختراق قوات العدو وهو ما بدا واضحا من خلال الضربات الباليستية المتتالية التي ضربت العمق السعودي مؤخرا، ونقل المعركة إلى الداخل السعودي.