اليمني الذي أحرقَ أمريكية!
لقد حذرهم السيد القائد في الرابع عشر من سبتمبر بمفاجآتٍ في الدفاع الجوي!
لكنهم تعاموا واستكبروا!
كما تعاموا بالأمس من تحذيراته فيما وراء الحدود، ولم يؤمنوا إلاَّ بعد أن امتلأَ وادي جارة،
والربوعة،
والخوبة،
والحثيرة
بالمآت من الدبابات والمدرعات والأطقم التي تم إحراقها بالولاعة…
وذاتَ العمى، وذاتَ الغرور ركِبهم، ولم يسمعوا تحذير القائد من الاقتراب من شواطئنا الغالية في البحرِ!
ولم يستفيقوا إلاَّ بعد أن تلقَّت بارجاتهم وسفنهم الحرقَ والغرقْ، والمحظوظتان منهن، من سلمِتا من الغرق، وهما اليوم في ميناء اليونان، معروضتان للبيع كخردة!
وبالأمسِ جاءَ الأمريكي، بغرورٍ لا يشبهه غرور، وعنجهية ليس مثلها عنجهية، وكأنه يقول لعُملائه العُربان “ليس لها إلا أنا”!
وأتى مُستَعرضًا بأحدث ما توصَّلت إليه التكنولوجيا، من طائراتِ بدون طيار، يصعُبُ صيدها، ويعجز الرادار عن كشفِها، وتُجيدَ التمويه والتخفي، ومزودة بأحدث تقنيات الرَّصد والأمان والسلامة.
وهي طائرة الدرون ام كيو 9 وتُعَدُّ من أكبر وأحدث الطائرات الأمريكية، فقيمتها 56 مليون دولار
ويبلغ طولها 11م وعرضها مع الأجنحة 20م وارتفاعها عن الأرض قرابة 4م ووزنها فارغة أكثر من طنين.
وتحلق بمسافة 1850كم دون التزود بوقود إضافي ويمكنها القيام بمهام متعددة ومجهزة بنظام رادار ينقل البيانات لعدد من الطائرات أو المواقع الأرضية، وتستطيع حمل صواريخ موجهة، ودقة التصويب فيها عالية جدًا، وتستطيع قراءة أرقام لوحة سيارة من ارتفاعاتٍ عالية!
فاستقبلها وعدُ القائدِ!
أيَّما استقبال!
وصادَها الصاروخ اليماني الإيماني، المملوء حكمةً ومعرفة.
بعد أنْ وجَّهتهُ وحددت مساره، أيادٍ ملؤها الإيمان، والثقةِ والإتقان!
وانطلقَ بقوةٍ كما انطلقَ
إخوانه وأخواله وأعمامه و أبناء عمومته!
إلاَّ أن وِجهته هذه الكرَّةُ جديدة؛
فالفضاءُ الواسعُ عنوانه، وملاحقة التائهات في سمائنا ميدانه…
لاحق الصاروخ اليماني، الطائرة الأمريكية! بمهارةٍ وخِفة!
وكان يحمل معه بَصَمَات العزة والكرامةِ والشموخِ والإباء اليمني!
فيما كانت تحملُ معها بصمات النذالةِ والخسةِ والإجرام الأمريكي!
كانَ يشقُّ طريقه خلفها، بسرعةٍ ودِقَّة، ورائحةُ البُنْ الذي شربَهُ مُودِّعُوه ما تزالُ تفوحُ منه!
فيما كانت تتعرق، ورائحة الدماءِ تخرجُ مِنها، ويتساقطُ ماؤها، مِنْ خزاناتها التي مُلِأَتْ من مياه زمزم!
كانَ يُحدثها بلهجةٍ صعديَّةٍ مشدودة!
فيما كانتْ تتلعثمُ بلهجةٍ سعوديةٍ مكسَّرةٍ مُرتخية!
أخبرَها أن تعودَ أدراجها إن أرادتِ السلامة!
وأجابته أنها أمريكية، ومَنْ يكون! حتى يتجرأ على اعتراضها!
ردَّ عليها بأنه يمني، والسماءُ سماؤه، والقرارُ قراره!
ارتعدت، وبدا عليها الاضطراب، وهي تقول ” مُتأكد أنك يمني! وكيفَ حدثَ هذا” !
أجابها بصوتٍ مملوءٌ بالفخر: أنا يمني، من الحديد، إلى البارود، ومن المحرك، إلى الصاعق، وصُنِعتُ بأيادٍ يمنيةٍ مخلصةٍ صادقة!
ارتبكتْ أكثر وبدأت الاتصالات تتوالى منها وإليها!
بينما تردَّدَ في مسامعه صدى صوت من ودَّعوه، وهم ما يزالون يُرددون “ومارميتَ إذْ رميتَ ولكن الله رمى”!
وتردَّدَ في أُذنيها صوتَ الجنرالٍ الأمريكي جوزيف فوتيل يصيحُ بأعلى صوته” أطلقي كل الصواريخ التي تحتَ إبطيكِ، والتي في بطنك”.
أشعلَ شرارة الالتحام، والتصق بها!
فتطايرت في الهواء، وكأنما اصطدمتْ بجبل كبير، واندلعت النيرانُ فيها، وتهاوتْ نحو الأرضْ، تستقبلها الصيحاتُ المدوية
” الله أكبر…الموتُ لأمريكا”…
وسجَدتْ خاضعةً ذليلة، أمامَ الأطفال الذينَ تحلَّقوا حولها، والذين كانتْ أسماؤهم، في قائمة أهدافها اللعينة!
وعند هذا الإنجاز الجبَّار النَّوعي المُذهِل!
نوجه للقائد!
وللرئيس!
وللوزير!
ولرجال التصنيع العسكري
ولأبطال القوات الجوية:
مليارُ إجلالٍ وإكبارٍ وامتنانٍ وتحية!
بقلم / مصباح الهمداني