الموارد العامة في زمن الأزمات والحروب
الصمود | بقلم | احمد ماجد الجمال
في العادة يتناول الاقتصاد دراسة السلوك البشري والعيش الكريم لأفراد المجتمع كعلاقة بين الغايات والأهداف التي لها استعمالات بديلة وبين الموارد المتاحة سواء كانت محدودة ونادرة أو تتمتع بوفرة ويتطرق في ذلك للإنتاج والاستفادة منها والوصول إلى درجة الاكتفاء أو الوفرة .
بيد أن هذا الطرح أو غيره من الأطروحات في تعريف الاقتصاد يتغير سياقها فالاقتصاد في زمن السلم غير الاقتصاد في زمن الأزمات والحروب ومن هنا تتجه الدول في زمن الحرب إلى ما يسمى بمفهوم التعبئة الاقتصادية .
وتعني توجيه كافة الموارد الاقتصادية والتي تتراجع في الحرب لاتجاه معالجة آثارها السلبية على أفراد المجتمع الذين يعيشون حياة مثقلة بسبب الأعباء المادية المتزايدة ومن منظور اقتصادي يمكن النظر إلى زمن الحرب أو الأزمة أنها فرصة أيضا لسبر أغوار النشاطات الاقتصادية غير الفاعلة وتفعيلها ومحركاً للبحث في اتجاهات تخدم تعبئة الموارد العامة (هي عبارة عن جميع الأموال العينية والنقدية والعقارية التي ترد إلى الخزينة).
ولأن الاقتصاد عصب الحياة ويعكس دائما الوضع المعيشي للمجتمع فقدعرقلت عجلة الاقتصاد وتأثر أفراد المجتمع سلبا نتيجة ذلك شهدت الأسعار ارتفاعاً للسلع والبضائع ومن المؤكد أن الاقتصاد يمر بتحول استثنائي في مؤشراته الكلية فقد ألقت الحرب بظلالها على الموازنة العامة والاقتصاد الكلي عامة وضاعفت من حجم الضغوط على مجمل الموارد العامة أما الإمكانيات المتوفرة ربما تكون إلى حد ما مصدر قلق ولكن اكتشاف سواء السبيل والى بدائل مختلفة لتحقيق الخيارات الجيدة أمر مطلوب منها على سبيل المثال جملة السياسات والإجراءات والوسائل والمقاييس والفترة الزمنية المطلوبة للسياستين المالية والنقدية لاتخاذ الخطوات الفعالة الذي يمكن أن يدفع بالاقتصاد في الفترة الحالية كمحاولة امتصاص الصدمة والسعي للثبات ولو جزئيا بحيث تنفذ تلك السياسات باتساق واحتراف كبير ومهنية عالية,كما أن هناك آليات مطلوبة لتفعيل الكثير من الأدوات وأولها معالجة المصروفات التشغيلية الحتمية بانضباط واقتدار يتماشى مع احتياجات ومتطلبات المجتمع في الحدود الآمنة.
قبل كل عملية متابعة تحصيل للإيرادات بكافة أنواعها هناك خطوط تصنف كأساسي وثانوي وبنفس الأهمية النسبية لكليهما ويمكن من خلالها تحقيق زيادة في الطاقة الايرادية و يعد ملخصاً بأهدافها وطرق تحقيقها أخذا في الاعتبار تفاصيل البيئة الخاضعة للفحص والمتابعة وتفكيك مشكلاته الحالية وأنواع الموارد المتاحة من(الرسوم الضريبية والجمركية والخدمية والإتاوات الحكومية والغرامات وعوائد النشاط الاقتصادي ….الخ) والمتغيرات التي أثرت بها سواء في حجمها أو مقدار تعرفتها لتحديد مدى عدالة جبايتها وتوافقها مع الأنظمة والقوانين واللوائح والفرص التي تقف خلفها وتحديد أوجه الضعف والقصور و من خلال تلك المواطن والاقتراحات والوسائل والإجراءات اللازمة يجري التصحيح كتوفير أساليب جديدة لتحصيلها وتغيير اللوائح والخطط وتعديلها لتتوافق مع الظروف الجديدة وكلما ظهرت الحاجة التي تستدعي ذلك وبدون شك يعالج ما يقبل المعالجة وتستبدل ما يحتاج الاستبدال في الأدوات للوصول لمكامن الموارد العامة غير المفعلة وتنشيطها ونسج الخيوط المتينة حولها لتكون النتائج إيجابية على قدر الجهود وبعيدا عن التحصيل الهش والضعيف من المهم أن يكون دور الإدارتين المالية والنقدية ديناميكياً يتغير باستمرار مع تغير الظروف لمقابلة حاجات المجتمع .
والهدف الأول حماية الموارد العامة بكل أنواعها وجزئياتها وتحصيلها أولاً بأول وضبط تسربها خارج إطارها العام والعمل على الحفاظ عليها من الضياع أو التلاعب ونحو ذلك وهذا يحتاج إلى تضافر الجهود ومن كل المستويات وشيوع استخدام أدوات اقتصاد زمن الحرب مهما كانت الفجوات والتضارب في الأحداث لأن ذلك يخلق ثراء وفعلاً عملياً وحال الحديث عن الاقتصاد يأتي التحفيز كمحور مهم وحيوي ليخرج الاقتصاد من الأوضاع الحرجة إلى خاصية الاستمرار باعتباره قيمة مضافة ونوعاً من الومضات التي تحصل عليها المالية العامة ودعما للسياسة والإدارة النقدية وينعكس أثرها على أفراد المجتمع .
باحث بوزارة المالية