هام | تعرف على صفقة سحب السفارة الروسية من العاصمة صنعاء
الصمود || متابعات
أثار قرار مغادرة البعثة الروسية العاصمة اليمنية صنعاء، بعد مرور ثلاثة أعوام من الحرب، وفي هذا التوقيت بالذات، العديد من التساؤلات عن الأسباب والأبعاد وعلاقة الأمر بالأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة بين الحلفاء، وانتهت بمقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، أكدت، الثلاثاء، أن روسيا علقت وجودها الدبلوماسي في اليمن، وأن أفراد بعثتها غادروا البلاد بسبب الوضع في العاصمة صنعاء. وتفيد المعلومات بأن السفير الروسي وبعض الدبلوماسيين سيعملون من العاصمة السعودية الرياض.
المثير للتساؤل، هو ذاك المتعلق بالسبب الذي أورده الروس للمغادرة وقالوا إنه «أمني». وكيف يمكن لهذا السبب أن يكون مقنعاً إذا ما تمت مقارنة أوضاع صنعاء حالياً بأوضاع المدينة في فترة الحرب التي ظلت السفارة الروسية خلالها متواجدة، وكانت السفارة الوحيدة التي أبقت عملها في صنعاء منذ بداية الحرب وبداية انطلاق عملية «عاصفة الحزم»، والتي بفعلها كانت السفارات وكل الملحقيات والبعثات الدبلوماسية تركت اليمن حينها.
الواضح حتى الآن أن السفارة الروسية قررت المغادرة من صنعاء، ليس بسبب الوضع الأمني فيها، بل إن القرار له أبعاد وأهداف، خلف الكواليس، أنتجتها أحداث صنعاء الأخيرة، ومقتل صالح – الفرصة المناسبة لموسكو التي أرادت، هي الأخرى استثمارها، لتحقق من ورائها بعض المآرب.
لطالما كان الحديث، في الفترة الماضية، عن أن علاقة ما تربط حركة «أنصار الله» بروسيا، وأن هناك تواصلاً وتفاهماً بين الطرفين، بل يقال إن ثمة انسجاماً كبيراً بينهما، ولطالما راهن البعض على أن تلعب روسيا دوراً إيجابياً ومهماً في التفاهم مع «أنصار الله» ومع جماعة صالح.
إذاً ما الذي تغير؟ يجيب عضو «اللجنة الثورية العليا»، القيادي في «أنصار الله» الشيخ فيصل أبو شوارب، بأنه «هذا من حقهم؛ يبقوا أو يغادروا صنعاء، وهذا لم يغير في المشهد السياسي أي شيء، وكنا نتمنى من روسيا أنها تدرك ماذا يحدث في اليمن. هو عبارة عن حركة شعب، حركة تغيير اجتماعي، ولكن للأسف كما يبدو أن إعلام الإخوان المسلمين من جانب، وإعلام الخونة الإماراتيين من جانب، استطاع أن يصوروا للروس بأن الوضع في اليمن خارج إطار السيطرة، وكانت خطوة غير موفقة من الروس».
ويتابع أبو شوارب، في حديثه إلى «العربي»: «إذا كان الأمريكان، الذين اعتدوا على الشعب اليمني، طالبوا التحالف برفع الحصار على اليمن. الروس في خطوتهم الأخيرة يقولون إنهم سيعملون وسيمارسون عملهم من الرياض، هذا حسب ما تناقلته وسائل الإعلام، وإلى حد الآن لم يتم التأكد رسمياً من السفارة الروسية، ولكن إذا تم ذلك ومارس الروس عملهم من الرياض فهي خطوة غير موفقة في ظل مراجعة الأمريكان لموقفهم».
ويضيف: «سيخضع المجتمع الدولي لإرادة الشعب اليمني، عاجلاً أم آجلاً. المجتمع الدولي يتلقى معلومات خاطئة عن طريق وسائل الإعلام التي أساسها يمتلكها الإخوان والنظام السابق. هناك ما يسمى بالجيش الالكتروني، يعني أكثر من 120 موقعاً إعلامياً تابعاً لرموز الفتنة كانت كلها شغالة لتزييف الحقائق». ويعود أبو شوارب إلى الأحداث الأخيرة ليستشهد بها: «ما حدث على أرض الواقع، عندما أراد علي عبد الله صالح أن يشعل الفتنة في صنعاء لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة، نتيجة للضغط عليه بسبب وجود أولاده في الإمارات وأمواله، ودفعه إلى هذا المخطط الإجرامي الذي أراد أن يمزق النسيج الاجتماعي للشعب اليمني، ويريد أن يبيع دماء الأطفال والنساء الذين سفكت لقرابة ثلاث سنوات من أجل صفقة سياسية، ونجاته شخصياً ونجاة ولده… الذي حدث أن الشعب اليمني لم يقف مع صالح، وأصبح صالح ليس صالح ذلك المصور في وسائل الإعلام».
وعن طبيعة العلاقة الإيجابية بين «أنصار الله» وروسيا، سابقاً وحالياً، يقول أبو شوارب: «نحن نرحب بكل من يحترم إرداة الشعب اليمني وسيادته واستقلاله، ونحن لا نرحب بأي دولة، كان كائناً من كان، سواء دولة عربية أو إسلامية أو أوربية أو أمريكية، شقيقة أو صديقة، لا تحترم إرادة الشعب اليمني ولا سيادتنا واستقلالنا ووحدة ترابنا الوطني ولا حقوق الشعب، نحن سنحترم من يحترم الشعب».
الملف السوري وصفقة الرياض – موسكو
ولم يستبعد أبو شوارب، في حديثه، أن يكون السبب الرئيسي وراء المغادرة وجود صفقة تمت بين روسيا والسعودية، مؤكداً أن الأمر مرتبط أيضاً بالملف السوري، وما يدور خلف الكواليس الدولية بهذا الشأن، حيث يقول الرجل: «من بداية العدوان كان هناك مواقف طيبة لروسيا… ولكن الفلوس والأموال في الأخير التي تأتي من السعودية: أول دفعة 17 مليار دولار لروسيا، وثاني دفعة 10 مليار دولار كصفقات، صحيح أن الروس بقوا في صنعاء، وهذه تحسب لهم، ولكن لم يكن هناك موقف روسي حقيقة حازماً من الوضع في اليمن، بل إنه ربما للموضوع علاقة وارتباط بالموضوع في سوريا، كانت روسيا تضغط بالملف الإنساني في مجلس الأمن، بينما تضغط أمريكا في الملف الإنساني في سوريا، وهذه مصالح دولية، ولكن لا نقبلها في اليمن، وأي لعبة دولية لن نقبلها».
المراقبون السياسيون، هم الآخرون، لا يستبعدون أن يكون الأمر متعلقاً بالملف السوري، بل وبمصالح تسعى روسيا للحصول عليها الآن من الرياض. يقول المحلل السياسي، وضاح الجليل، لـ«العربي»: «أعتقد أنه أصبح هناك تفاهمات بشكل واضح بين السعودية وروسيا، خصوصاً في الملف السوري، وروسيا تدرك أن جهدها أو قدرتها العسكرية والمادية والاقتصادية لا تسمح لها بالاستمرار أكثر بالقتال في سوريا، وبالتالي كان لا بد أن تقدم تنازلات للسعودية وتحصل على مقايضات، تحصل على استثمارات تعويضاً عن الخسائر حقها في سوريا، وتقدم تنازلات في اليمن، وهذا ممكن يكون أكثر معقولية».
أما أن تكون روسيا قد غادرت اليمن بسبب الوضع الأمني، فهذا غير منطقي وغير واقعي. لكن البعض اعتبر أن مغادرة الروس أتت بنصح من «التحالف»، حيث أن عملية عسكرية كبيرة ستطال صنعاء، وهذا ما تحاول وسائل الإعلام السعودية أن تروج له. والواضح أن الشارع اليمني.
من زاوية أخرى، يرى بعض المراقبين أن قرار روسيا مغادرة بعثتها صنعاء، قد يكون من باب الضغط على «أنصار الله» للقبول بتسوية سياسية.