صاروخ “أنصار الله” يمكن أن تنقله واشنطن إلى”اللوفر”
الصمود| تقرير
إن كان هناك جائزة عالمية لشن الحروب وتدمير البلدان الآمنة؛ فإنها ستكون فيما لايدعو للشك من نصيب الولايات المتحدة الامريكية التي أمضت 93 بالمئة من عمرها في شن الحروب على دول العالم، بحسب الوثائق والإحصائيات، وعلى ما يبدو فإن السعودية اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً أعلى لها في هذا المجال وربما تنافسها يوما ما “من يعلم؟!”.
الفشل الأمريكي
خلال العقدين الماضيين على الأقل منيت الولايات المتحدة الامريكية بخسائر متلاحقة حطمت أسطورة الدولة العظمى التي شكلت رعبا لأغلب دول العالم وانهزم مشروعها في الشرق الأوسط عبر حركات المقاومة العربية وظهور قوى جديدة سحبت البساط من تحتها؛ الأمر الذي جعلها تستشرس لإعادة ماء وجهها في المنطقة عبر تقديم دعم لا محدود لكل من يساعدها في إعادة فرض الهيبة الأمريكية على دول الشرق الأوسط حتى وإن كان من سيساعدها “جماعات إرهابية متطرفة” وهذا الأمر شاهدناه مع الوثائق والاثباتات في كل من العراق وسوريا.
سقط المشروع الامريكي في العراق بعد أن عجزت واشنطن عن تحقيق أي هدف كانت تدعو له قبل شنها الحرب على العراق بل على العكس ما حدث هو تعميق الفوضى وتأجيج النزاعات والصراعات وحل الجيش العراقي وظهور جماعات إرهابية “زادت الطين بلة” لتخسر الولايات المتحدة الامريكية ثقة الشعب العراقي بها هذا “إن كانت موجودة هذه الثقة”، وعلى اثر الفشل الأمريكي ظهرت قوى وطنية من داخل الشعب العراقي ومن جميع أطيافه دافعت عن أرض العراق ووحدته وكانت الجمهورية الاسلامية الايرانية في تلك المرحلة وحتى الآن هي الداعم الاكبر لهذه القوى المدافعة عن أرض العراق واستطاعت هذه القوى التي يعد “الحشد الشعبي” عمادها إعادة الاستقرار إلى البلاد وطرد أخطر تنظيم إرهابي فيها.
هنا جن جنون الامريكي وشعر بأن مايحدث سيقوض من حجمه ويجعل الإيراني يتصدر المشهد العراقي ويكسب ثقة الناس هناك، لذلك حركت الولايات المتحدة الامريكية أذرعها في السعودية للدخول إلى المشهد العراقي وإعادة التوازن هناك لصالح أمريكا ولكن هذا ما لم يحدث، ونفس السيناريو تكرر في سوريا وأيضا فشلت أمريكا والسعودية هناك ولم يتمكنوا من إحداث أي تأثير فعلي على الأرض.
وما كان على الولايات المتحدة الأمريكية هنا إلا القيام بأي استعراض جديد لكبح جماح النفوذ الإيراني والذي يعري في حقيقة الأمر المخططات الأمريكية _السعودية في المنطقة، اليمن نموذجا لهذا الأمر، ولهذه الأسباب وغيرها تعمل الولايات المتحدة الامريكية الآن على تصدير إيران للعالم بأنها “بعبع” يجب الحذر منه، وما فعلته سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، الخميس 14 ديسمبر/كانون الأول 2017 خير دليل على ذلك، عندما أحضرت حطام صاروخ إلى إحدى القواعد العسكرية قرب واشنطن، زاعمة أنه بقايا الصاروخ الذي استهدف العاصمة السعودية الرياض في الرابع من تشرين الثاني الماضي قائلةً أنه “صناعة إيرانية”.
هذا الاستعراض الامريكي الذي لم تستطع هوليوود بكل ماكيناتها الإعلامية ومخرجيها أن يصنعوا شبيها له، لم يتمكن من جلب أي حقائق تؤكد أنه صناعة إيرانية أو أن إيران هي من أرسلته لجماعة “أنصار الله”، وحتى أمميا لم يثبت الأمر، وفي السياق، قال الناطق باسم الامين العام للأمم المتحدة فرحان حقّ إن التقرير الذي قدّمه الأمين العام إلي مجلس الأمن الدولي اليوم هو تقرير نصف سنوي بشأن مدي تنفيذ قرار المجلس رقم 2231 “والمتعلق ببرنامج طهران النووي”، حول الصاروخ الذي أطلق على السعودية ، قال حق : “لا توجد أدلة قاطعة على مصدر تلك الصواريخ”.
إذا لماذا هذا الاستفزاز الأمريكي حاليا ومالغاية منه؟!، وهل سنشاهد صاروخ “أنصار الله” في متحف اللوفر من كثرة اهتمام الأمريكان به ؟!، ربما النقاط المذكورة أدناه توضح جزءا يسيرا من المستور والباقي نتركه للأيام القليلة القادمة:
أولاً: تحميل إيران مسؤولية فشل الحروب الأمريكية_السعودية على المنطقة، عبر توجيه التهم لها وتكريس هذا الأمر في المحافل الدولية ووسائل الإعلام المرئي والمقروء والمسموع لتغطية جرائم السعودية في اليمن من جهة، وإبعاد الأضواء عما يجري هناك من ناحية أخرى خاصة أن الولايات المتحدة شريك في الحرب الدائرة في اليمن، كيف لا وهي من تمد السعودية بكافة أنواع الأسلحة ووقعت عقدا عسكريا معها بمبلغ 110 مليار دولار، أثناء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية في مايو/أيار المنصرم.
وكان الأجدر بهايلي ودولتها أن تعير بعض الإهتمام للجرائم التي تنفذ يوميا بحق اليمنيين وأن تطلب من حلفيتها السعودية أن تفك الحصار عن الشعب اليمني الذي يشهد كارثة إنسانية ومجاعة لن ترحم كل من تسبب بها، عوضا عن إعطاء المملكة العربية السعودية الضوء الأخضر لانتهاج سياسات إقليمية عدوانية.
ثانياً: تغطية لفشل السعودية في حروبها من لبنان إلى اليمن، هذا الكلام حقيقي وواقعي، إذ تعاني السعودية من فشل ذريع في مخططاتها الحالية التي يشرف عليها الامير الشاب محمد بن سلمان، والذي تسبب لبلاده بكثير من المآسي وهو لم يجلس بعد على “كرس المُلك”، ولمن لايعلم فقد ذكرت وكالات أنباء عالمية؛ أن التقديرات غير الرسمية لتكلفة حرب اليمن، تتراوح بين 85 مليارا و760 مليون دولار، إلى 87 مليارا و560 مليون دولار، بما لا يشمل الخسائر غير المباشرة المتعلقة بتراجع الاستثمارات في السعودية على وجه التحديد، والزيادة في الإنفاق العسكري، والنقص في احتياطي النقد الأجنبي.
وقدرت دراسة أخرى، نشرتها مؤخرا جامعة “هارفارد” الأمريكية، أن التكلفة اليومية للحرب تصل إلى 200 مليون دولار في اليوم الواحد.
ثالثاً: صرف الانتباه عن قضية القدس، التي لاتعيرها السعودية أي أهمية وهذا ما أكده معهد واشنطن، في ورقة بحثية، من ما سماه “تعامل السعودية في السياسة الخارجية مع موضوع القدس”، مشيرا إلى “تجاهل الرياض لهذا الملف المهم”.