العام 2015 .. اليمنيون تعلموا الكثير ويودعونه بكل أوجاعه
بعد أقل من 20 ساعة، يطوي العام 2015 صفحاته، مسجلا العام الأكثر صعوبة ودموية في تاريخ اليمنيين في العصر الحديث، عام تصدى فيه اليمنيون لأكبر مؤامرة تحاك ضد بلادهم، وتستهدف حياتهم وتاريخهم وحضارتهم، بل ووجودهم .
وحمل العام 2015 برغم فصول المعاناة التي عاشها اليمنيون إنجازا وطنيا وشعبيا مهما، تمثل في التخلص من كافة أشكال الهيمنة والتبعية للمملكة السعودية، التي ظل الشعب يتجرع بأسها عقودا مضت، كذلك كان العام عاما للتحرر من التبعيات الأخرى بامتياز .
يدرك اليمنيون وهم يودعون هذا العام بكل أوجاعه أنهم تعلموا الكثير، فالاتكال على المعونات والمساعدات، ودعم الدول “الشقيقة والصديقة” لم يعد مجديا، فبذل الجهد بالاستناد إلى الإمكانات المتاحة بعد الله هي الأرضية التي ينبغي أن يتم الانطلاق منها لإحداث البناء والتغيير نحو المستقبل المنشود .
وتمثلت أبرز المحطات التي شهدتها الساحة اليمنية خلال العام 2015 في أبرزها بما تمخضت عنه ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014 ضد الفساد والمفسدين، ومشاريع العمالة والتبعية المقيتة، التي جعلت اليمن في كف عفريت، فمنذ الأيام الأولى للعام 2015 بدأت خيوط اللعبة والمؤامرة تتكشف شيئا فشيئا في سعي الفار هادي وقيادات الأحزاب التابعة للسعودية بالإنقلاب على إتفاق السلم والشركة الذي حظي بمباركة وطنية ودولية، واستمر ذلك حتى بعد اختتام مؤتمر الحوار الوطني .
وكان قد حذر المجلس السياسي لأنصار الله في ديسمبر 2014 من محاولات الإنقلاب على مضامين اتفاق السلم والشراكة الذي وقعته الأطراف السياسية في اليمن بتاريخ 21 سبتمبر الماضي .
وأكد بيان للمجلس “أن أي خطوة أو قرار أو تعيين يجب أن يخضع لمضامين ومحددات اتفاق السلم والشراكة الوطنية، وفي مقدمتها مضامين البندين الأول والسادس، التي أكدت على وجوب تحقيق الشراكة الوطنية الفعلية في كل مؤسسات وأجهزة الدولة على مستوى المركز والمحافظات بما يضمن التمثيل العادل لكافة القوى والمكونات السياسية في تلك المؤسسات والأجهزة.”
وعندما رفض أتباع السعودية وعلى رأسهم الفار هادي الللتزام والعودة إلى الاتفاق، بل مضوا في تنفيذ مؤامرة تقسيم اليمن إلى كانتونات، ومنح بعضها للدواعش والتكفيريين، بدأت الأحداث تتسارع مع دخول العام 2015، حيث ضبطت سلطات الأمن في 17 يناير مدير مكتب هادي، أحمد عوض بن مبارك بعد التأكد من لعبه لدور كبير في مؤامرة دولية لتجزئة اليمن، تحت غطاء مؤتمر الحوار الوطني، وكشفت تسجيلات صوتية لمكالمات هاتفية له مع الفار هادي تثبت ذلك .
وفي 19 يناير تم التحفظ على رئيس الحكومة في ذلك الوقت خالد بحاح، في القصر الجمهوري، ومن ثم التحفظ في اليوم التالي على دار الرئاسة اليمنية، وتم جلوس القوى الوطنية مع الفار هادي الذي كان رئيسا للدولة حينها للعودة إلى اتفاق السلم والشراكة ومخرجات الحوار الوطني، التي انقلب عليها وسعى لتمديد فترة رئاسته، مقابل تنازلات لقوى التبعية للسعودية .
وفي 22 يناير قدم هادي استقالته من رئاسة البلاد بعد ساعات من تقديم حكومة خالد بحاح لاستقالتها ضمن مؤامرة لإدخال البلاد في فراغ دستوري، والضغط للسكوت على انقلابهم على اتفاق السلم والشراكة ومخرجات الحوار الوطني .
في 24 يناير تم التحفظ على مقر إقامة هادي، في منزله بشارع الستين بصنعاء لمراجعته في تقديم استقالته والسير فيما اتفقت عليه القوى السياسية لكنه رفض ذلك تبعا لإملاءات خارجية .
وانطلاقهم من مسؤوليتهم الوطنية، قام أنصار الله ومعهم العديد من الشخصيات الوطنية والإجتماعية في 6 فبراير بالإعلان الدستوري، وبتشكيل لجنة ثورية عليا، لإدارة شؤون البلاد، لتمرير الفرصة على مؤامرة تقسيم اليمن بإستمرار بقاءه في فراغ دستوري .
وفي 21 فبراير فر هادي إلى عدن بعد الترويج بأنه كان في حالة صحية حرجة، وكانت الخطوة الأولى لتنفيذ العدوان على اليمن. ولم يكد يصل هادي إلى عدن لتقفز إلى شاشات التلفزيون الإخبارية أخبار عاجلة من عدن الجنوبية، وأخرى آجلة عن بيان منتظر من الرئيس المستقيل .
وفي 24 فبراير أعلن الفار هادي في بيان له عدوله عن قرار استقالته، وتحويل عدن عاصمة مؤقتة للبلاد، واستقبال البعثات الدبلوماسية فيها .
وهكذا قيل فجأة إن هادي هو الرئيس اليمني، وهو الذي استقال من تلقاء نفسه، في إشارة إلى تراجع الرجل عن قراره، هكذا قال الإعلام المحسوب على دول الجوار، ناسبا إلى عبد ربه منصور هادي إبطاله لكل الخطوات المتخذة منذ الواحد والعشرين من سبتمبر الماضي .
ويقول البيان المفترض إعلاميا، دون أن يقول الرجل ذاته حرفا واحدا إن هادي ملتزم بمخرجات المرحلة الانتقالية، وفقا لخطة مجلس التعاون السابقة، عبارة تشد الانتباه وتوجه الأنظار إلى مرحلة ما قبل الإعلان الدستوري، ودور إقليمي مشبوه في خطوة الفرار إلى الجنوب .
ولقي البيان الذي ظل معلقا إلى يومه الثاني دون تأكيد صريح نفيا قاطعا، لصدوره أصلا من قبل رئيس اللجنة الأمنية العليا، وأيضا لفرضية تراجع هادي عن الاستقالة، وهو ما نقل عن اللواء محمود الصبيحي بعد ساعات من البيان الذي نسب إلى الرئيس المستقيل .
وفي 1 مارس قاد الفار هادي معارك لمسلحين ضد معسكرات قوات الجيش والأمن في عدن والمحافظات الجنوبية، حيث تصدت قوات الجيش والأمن، واستمرت المعارك لأيام، تخللها سكوت هادي لقيام تكفيريين بذبح أكثر من 20 جنديا من قوات الأمن المركزي بمحافظة لحج .
وفي 21 مارس تعزيزات أمنية تدخل محافظة تعز، بعد الفوضى التي أحدثها بيان الفار هادي، ومحاولة مسلحين يتبعون( القاعدة ) بالسيطرة على مواقع لقوات الجيش .
وفي 25 مارس سيطرت قوات الجيش واللجان الشعبية على الوضع في قاعدة العند الجوية في مدينة لحج لتأمينها، وتأمين عدن بعد قيام هادي بارتكاب جريمة تسليم المعسكرات في عدن، والمحافظات الجنوبية لمسلحين من القاعدة والجماعات التكفيرية، حيث قامت قوات الجيش والأمن بمعية اللجان الشعبية بالقيام بواجبها وحماية المواطنين ومؤسسات الدولة .
فر هادي في 25 مارس عبر البحر إلى سلطنة عمان، ومنها إلى السعودية، برفقة حكومته لتعلن السعودية بعد يوم واحد من واشنطن تشكيل تحالف من عشر دول، وبدعم أمريكي تم العدوان على اليمن وشن غارت منذ الدقائق الأولى ليوم 26 مارس على العاصمة صنعاء استهدفت قاعدة الديلمي ، وارتكاب أولى مجازر العدوان في شمال صنعاء ، وقصف مواقع مختلفة .
وفي 27 مارس أعلنت دول التحالف سيطرتها على الأجواء اليمنية والمياه الإقليمية، وقصف المطارات العسكرية، ومع ذلك واصل الجيش واللجان تقدمه نحو عدن وتأمين المحافظة .
وحينما رأى العدوان السعودي الأمريكي أن سلاح الجو لم يجد نفعا شكل في 17 أبريل فصائل مسلحة من حزب الإصلاح والجماعات التكفيرية في مدينة تعز لمساندة هادي، ومنع تقدم أنصار الله وسط المدينة تحت مسمى “المقاومة الشعبية”، التي مازالت المعارك مستمرة فيها حتى اليوم .
وفي 6 مايو فرضت قوات الجيش واللجان سيطرتها على مدينة التواهي الإستراتيجية، حيث يقع ميناء عدن الدولي، ومقر قيادة المنطقة الرابعة، ومبنى الإذاعة والتلفزيون والقصر الجمهوري .
واستغل العدوان في 17 يوليو إعادة تموضع بعض قوات الجيش واللجان، وقام بسياسية الأرض المحروقة في عدن لإحتلالها بتواطؤ من مرتزقة هادي والعدوان والإستعانة بقوات من مختلف الجنسيات .
ورغم إدعاء العدوان ومرتزقته تمكنهم من عدن مطلع أغسطس إلا أن المدينة لم تشهد بعد ذلك التاريخ إستقرارا لأي من قيادات مرتزقتهم كبحاح وهادي، ودخلت المدينة بعد ذلك في فوضى عارمة، شهدت فيها المدينة تمددا للجماعات التكفيرية وتصارع مصالح الجماعات المسلحة التابعة للفار هادي والعدوان .
ومع استمرار فشل العدوان ومرتزقته في جبهات القتال، ظل أبناء الجيش واللجان الشعبية يدافعون عن وطنهم ببسالة وحتى بعد ستة أشهر، وزعم تحالف العدوان في الأسبوع الأول تدميره معظم مقومات القوة الصاروخية للجيش اليمني، ففاجأ الجيش واللجان الشعبية العالم في 4 سبتمبر بإطلاق صاروخًا باليستيًا من طراز توشكا، على مقر لقوات تحالف العدوان في منطقة صافر بمدينة مأرب، شرقي البلاد، أودى بحياة نحو 120 جنديًا، 55 منهم إماراتيين و50 يمنيًا من المرتزقة، و10 سعوديين و5 بحرينيين، بالإضافة إلى عشرات الجرحى، في حصيلة غير نهائية، ليشكل بذلك ضربة قاصمة للعدو الذي كان يظن أن الجيش اليمني قد إنتهى .
وفي 6 أكتوبر هزت ثلاثة انفجارات مدينة عدن بينها فندق القصر الذي اتخذته الحكومة اليمنية مقرًا لها، إلى جانب مقر قيادة التحالف الذي تقوده السعودية، ومركز الهلال الأحمر الإماراتي، وقتل 15 جنديًا من قوات تحالف العدوان السعودي الأمريكي والمقاومة الشعبية في تلك الهجمات التي تبناها تنظيم داعش في وقت لاحق .
واستمرت الفوضى في عدن التي أصبحت ملعبا لتصارع مصالح أطراف العدوان ومرتزقته، حيث قتل في 6 سبتمبر محافظ عدن، المعين من قبل الفار هادي اللواء جعفر محمد سعد، في هجوم ناجم عن انفجار استهدف موكبه في منطقة التواهي جنوبي اليمن، وتبناه في وقت لاحق تنظيم داعش .
وقبل عملية توشكا أطلقت قوات الجيش واللجان في السادس من يونيو صاروخ اسكود على قاعدة خالد الجوية بخميس مشيط أسفر عن مصرع قائد القوات الجوية الملكية السعودية الفريق الركن محمد الشعلان وخبراء عرب وأجانب بينهم إسرائيليون، كما احدث الصاروخ دمارا هائلا في العتاد العسكري للعدوان.
وفي ضربة أخرى قاصمة للعدوان السعودي الأمريكي قتل قائد القوات الخاصة السعودية في عدن، العقيد عبدالله السهيان، بصاروخ توشكا، أطلق في 14 ديسمبر على مقر قيادة العمليات في باب المندب بتعز، حيث كان أرفع مسؤول سعودي يقتل في اليمن منذ بدء العدوان، ومعه ضابط إماراتي، ثم تلاه مصرع العشرات من قيادات شركة بلاك ووتر الأمريكية بينهم مستشارين بريطانيين وفرنسي وهولندي واسترالي إلى جانب المئات من عناصر الشركة .
وفي 15 ديسمبر وبعد أن أنهك تحالف العدوان، وفي محاولة للملمة صفوفه، وارتكاب المزيد من الجرائم، تحت غطاء الأمم المتحدة، أعلن في 15 ديسمبر إنطلاق أول مشاورات سياسية مباشرة بين وفدي القوى الوطنية ووفد الرياض برعاية أممية، في مدينة بيال السويسرية، تزامنا مع سريان إتفاق لوقف إطلاق النار لم يلتزم به العدوان ومرتزقته .
وقد تم الاتفاق على عقد جولة مفاوضات جديدة في منتصف يناير من العام المقبل .
بمزاج الصمود والثورة والأمل بنصر الله للمستضعفين يستقبل اليمنيون عامهم الجديد 2016 غير معوّلين على أحد سوى الله في صنع نضالاتهم للدفاع عن أرضهم وسيادتهم وطرد الغزاة ومرتزقتهم للوصول إلى يمن العز والمجد .
#المسيرة_نت