صمود وانتصار

الحصار السعودي يفتك بأطفال اليمن

الصمود || متابعات

كان الطفل خضر، الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، يصارع بلا جدوى للاستمرار في الحياة بوحدة العناية المكثفة بمستشفى الصداقة بمدينة عدن اليمنية؛ فهو مصاب بالتهاب رئوي حاد، ولا يوجد جهاز للتنفس الصناعي يساعده على التنفس.

 

عيناه مغمضتان، وصدره يرتفع مع الجهد الذي يبذله لاستنشاق الهواء، وقرب سريره صندوق قمامة ممتلئ بأكياس دم تم إفراغها وإبر تم الاستغناء عنها، وهناك مروحة تدور دورانا ضعيفا يخفف رائحة الهواء الكريهة، والذباب يستقر على خضر، وأمه تحاول إبعاده بلا فائدة قبل أن ترتمي على سرير طفلها مهزومة من الذباب.

 

قالت الأم إن خضر ظل مريضا أسابيع، لكنها لم تأت به للمستشفى إلا قبل ثلاثة أيام فقط لأن الرحلة من قريتهم جنوب محافظة أبين تستغرق ست ساعات، والوقود غير متوفر وتكلفة السفر فوق الاحتمال، وخضر هو طفلها الوحيد.

 

توفي خضر بعد يوم واحد، واعترفت مختصة الأطفال الدكتورة نهال عرشي التي ظلت تعمل بهذا المستشفى 24 عاما بأن وفاة خضر كان من الممكن تفاديها مثل كثير من الوفيات المشابهة بالمستشفى لو أتى في وقت أبكر، ولو كان لديهم جهاز للتنفس الصناعي، ولو كانت لديهم مضادات حيوية تؤخذ عن طريق الأوردة، ولو كان لديهم ما يكفي من الأطباء والممرضات، وتستمر القائمة في التمدد.

 

حتى الصابون

 

تقول المراسلة كلاريسا وارد تبينت انزعاجا كبيرا على وجه د. عرشي عندما كانت تغسل يديها بماء من قارورة في عنبر ما قبل الولادة، إذ لا يوجد صابون لغسل يديها جيدا.

 

نظام الرعاية الصحية في اليمن عانى فوق طاقته خلال سنوات الحرب الثلاث؛ فالأطباء ظلوا يصارعون مع وجود نحو مليون حالة من إصابات الكوليرا منذ أبريل/نيسان الماضي، وعودة انتشار وباء الدفتريا.

 

جنوب اليمن تحت السيطرة الاسمية لقوات التحالف الذي تقوده السعودية، لكن في الواقع تجد أن الشوارع تديرها مليشيات مختلفة تتطلع للسيطرة على ميناء عدن وموارد النفط الغالية.

 

الوضع المزري

 

في قرية يملأها الغبار بمحافظة لحج (شمالي عدن)، يقضي الطفل أحمد حلمي (خمس سنوات) أغلب ساعات يومه مستلقيا على لحاف نحيف على أرضية خرسانية، والغرفة التي يوجد بها أحمد هي الأكثر برودة بالمنزل، وأمه سمية تعمل على راحته بكل ما وسعها.

 

أحمد -المصاب بسوء التغذية- ليس أكثر من جلد نحيف يغطي عظاما هشة وعينين رماديتين واسعتين تحدقان بلا تعبير من محجرين مجوفين.

 

قالت سمية، إنها أخذته إلى طبيب في عدن، في بعض الأحيان تتحسن حالته، لكن سرعان ما يهاجمه الإسهال؛ “الحياة صعبة، لكننا نخطو فيها بعون الله”.

 

وعند الخروج من القرية يمر الشخص بسوق تباع فيها الفواكه والخضراوات التي لا يستطيع أحد شراءها إلا القليل جدا من الناس، وغير بعيد عن هذه السوق تجد أطفالا جوعى، إنه أحد المشاهد المتنافرة بلحج وكل المحافظات الجنوبية باليمن.