صمود وانتصار

في ضرورة نقل المعركة إلى أرض العدو

الصمود || كتب ||عبدالجبار الحاج

هذا المقال استمرارا لفكرة مترابطة تناولتها في أكثر من مقال احدهما بعنوان حرب واحدة لإنهاء كل الحروب والثاني بعنوان استراتيجية الحرب طويلة الأمد وكلاهما نشرا على صحيفة الثورة في الأسبوع الماضي .

ففي الحالة اليمنية على عكس التجربة الصينية التي كانت محكومة بإدارة الحرب داخل أرضها فقط وليس أمام القيادة الثورية الوطنية من خيار أو إمكانية لنقلها ارض العدو أما في الحالة اليمنية مع السعودية توجد حدود مباشرة وتوجد ارض محتلة منذ 34 وما بعد وتزدحم تلك الأرض بسكان يمنيين يكنون الكراهية للنظام السعودي وعلى استعداد أن يكونوا مؤخرة وبيئة أمنة ومؤاتية في حال التقدم أو في حال التسلل لتنفيذ عمليات نوعية في العمق ..

خلت تجربة الحروب الصينية من مسارات تفاوضية بالمعني الذي يمكن تسميته بمسار سياسي موازي للمسار العسكري فقد حسمت كل الحروب بانجاز أهداف الانتصار العسكري الكامل .

وفي التجربة العسكرية الصينية في البر الصيني الهائل الاتساع كان إتباع تكتيك الانسحاب الاستراتيجي هو التكتيك المستخدم وفق نظريات ماو تسي تونج ومبادئ الجيش الأحمر الجناح العسكري للحزب الشيوعي الصيني الأكثر تطبيقا والتي كانت تؤدئ إلى استنزاف وأنهاك العدو سواء مع جيش الكومانتنج في الحرب الثورية الأهلية أو مع جيوش اليابان أثناء اجتياحها للصين ابتداء من منشوريا في 1937م وحتى احتلال الصين كلية من قبل اليابان .

كما لم يكن ممكنا نقل المعركة في الحالة الصينية إلى اليابان ذلك أن الجيش الأحمر كان يعتمد في تجربته على نهج حرب العصابات ولم يكن يمتلك آنذاك قوة بحرية تمكنه من نقل المعركة إلى اليابان التي تفصلها عن البر الصيني بحار واسعة .. لكن خبرة الحزب الشيوعي والجيش الأحمر نجحت في تدريب ألوية من اليابانيين أسميت الألوية الحمراء ونفذت عمليات عسكرية داخل اليابان ..

ولم ينتظر الحزب الشيوعي الصيني وحلفائه في الحرب الثورية الممتدة من ١٩٢٦م إلى ١٩٤٩م تحقيق الانتصار الشامل بل قدم نموذجا لتجربة حكمه وبرنامجه السياسي والاقتصادي بحيث يطبق نظامه في كل منطقة أو مقاطعة يستكمل السيطرة عليها ومن هذه الإجراءات إعادة توزيع الأرض من الإقطاع إلى الفلاحين وتأمين التعليم المجاني والصحة وتمكين السكان من تنظيم حياتهم السياسية والإدارية وتطبيق العدالة بصورة جعلت عموم السكان يتمسكون ويقاتلون عن منجزاتهم بأنفسهم .

بدون هذا ما كان للحزب الشيوعي الصيني أن يتوسع في باقي المقاطعات عاما بعد عام وابان الحروب الثورية والوطنية التي اشتعلت في الصين على مدى ثلاثة عقود .

من هذه المقارنة السريعة فان الحرب السعودية بقيادة التحالف الدولي ضد اليمن تتماثل مع الحالة والحروب الصينية بحيث تغدو الحروب الحاسمة والنهائية عسكريا على الأرض هي المقررة لوضع حد نهائي يتوج مبداء حرب واحدة لإنهاء كل الحروب لاتاخذ في الحسبان ولا في المبداء خيار المسار التفاوضي الموازي .. بل من هذه الزوايا والمعطيات وفي ظل حقائق الصراع ووقائعه فان مسيرات التفاوضات تصب حتما في صالح الطرف السعودي الذي يملك الأموال الضخمة لشراء الأطراف الدولية .