صمود وانتصار

البخل يعتبر جريمة من الكبائر التي تجر إلى كبائر

 

 الصمود|ثقافة قرآنية {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} (النساء: من الآية36)، قد يكون الخيلاء والافتخار مما يدفع بالإنسان إلى أنه لا يراعي حقوق جار ولا حقوق مسافر ولا ابن سبيل {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً} (النساء:37)، ما ينافي للحقوق هذه حقوق أيضاً مالية سيظهر حقوق مالية وبذل معروف، وبذل المعروف قد يتناول أيضا بذل مال، فالبخل قد يجعل الإنسان بعيدا عن مراعاة حقوق الجار سواء من قرابة أو قريب باعتبار السكن، ومراعاة المعروف مع الصاحب في السفر ومع ما ملكت أيمانكم، أي: البخل نفسه هو من الكبائر التي تجر إلى كبائر أو تجعل الإنسان بعيدا عن الإلتزام بتوجيهات هامة جدا.
{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً} لاحظ كيف للمال أدوار هامة جدا ويترتب عليه حقوق كثيرة وقضايا كثيرة ترتبط به {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} هذه فئات كثيرة وظاهرة في المجتمع والشيء الطبيعي أنه فيما يتعلق بالإحسان وبذل المعروف يرجع للجانب المالي فالبخل قد يجعلك بعيدا عن أن تعمل بالتوجيهات هذه التي تتناول فئات متعددة.
{وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} حتى لا أحد ينقد عليه {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً}.

{وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} (النساء: من الآية38) يدور الموضوع كله بشكل عام حول موضوع مال، أخذ مساحة كبيرة في السورة هذه {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} (النساء: من الآية38)، فالبخل يعتبر جريمة، وكذلك الرياء، الإنفاق رياء {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً} (النساء: من الآية38) نعوذ بالله، لأن الشيطان قد يدفعك فيما يتعلق بالمال أن تبخل في المقام الصحيح، وأن ترائي في مقام آخر تنفق رياءً أو تبخل {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ} (النساء: من الآية39) في الأخير عندما يقول للناس أن ينفقوا يقول: مما رزقهم هو {وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} (النساء: من الآية40) لا تعتقد بأنه ظلمك، أمرك أن تعطي من مالك لليتامى والمساكين والجار ذي القربى، وأن تعطي المرأة ميراثها أن تعطيها مهرها، فتعتبر أنه قد ظلمك، إنه كله له {مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ} لا يعتبر ظلماً، هذا قسط هذا عدل وله آثاره الهامة باعتبار الناس، حياة الناس وكل واحد يحتاج لا يستطيع أحد يضمن نفسيته أنه على وضعية قد لا يكون في يوم من الأيام كأي فئة من هذه الفئات الأخرى، ممكن تكون ابن سبيل ممكن تكون جارا لآخرين لا يكن عند واحد أنه ستبقى وضعيته على ما هي عليه، لو يحصل أوضاع وأصبح الناس يخافون، واحتاج واحد ينتقل إلى مكان آخر ألم يصبح جارا عند آخرين؟ أصبح بحاجة إلى حقوق قائمة، قد يسافر ويصبح ابن سبيل قد يصحب أحدا وهكذا.

{إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} (النساء:40 ـ41). لأن رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) لمعرفته بدين الله وعظمته وحكمة هذا التشريع وشمول هدايته، يعتبر شاهداً؛ لأنه وهو نفسه يقدم الأشياء هذه للناس يقدمها بأهمية ويعرف أهميتها، أعني: يلمسون من خلال تعامله مع القضايا هذه وتقديمها أنها أشياء ذات أهمية لديه هم يعرفونه شخصيا أنه إنسان حكيم وإنسان رزين وإنسان ذكي وفاهم وإنسان متكامل أن يظهر شيء ذو أهمية عند إنسان هو على هذا النحو، هو يشهد فعلا بأهمية ذلك الشيء، فهو شاهد في الحياة وشاهد في الآخرة أنه قد بلَّغ، وبلَّغ على أكمل وجه، وأعطى لكل القضايا أهميتها هو لا يبلغ الأشياء ببرودة؛ لأنه أحيانا قد تميت موضوعا هامّا بأسلوبك، ورسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) أن يختاره الله ليكون نبيا ليست متوقفة على أنه فقط سيصدق، بمعنى ماذا؟ بمعنى أنه لا يكذب على الله، لا، القضية أوسع من هذا بكثير، هناك صادقين كثير غيره، أليس هناك صادقون؟ وأوصى الناس أن يكونوا صادقين، وأوجب على الناس أن يكونوا صادقين؟ لكن، لا. القضية أوسع من هذا هو يعرف دين الله ويعرف كيف يقدمه ويعرف أهميته يعرف كيف يتعامل مع الناس في تقديم هذا الدين يعرف عظمته بشكل قد لا يصل إليها ذهن أي واحد منا في معرفة عظمة دين الله.
{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ} (النساء: من الآية41 ـ42)، أنه لو أمكن أن يفتدي بالأرض أو أن يكونوا هم والأرض سواء أن يبقى ترابا يبقى كشيء من الأرض في قراءة: {لو تَسَّوى}.

{لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً} (النساء: من الآية42) بمعنى أنه عندما لا يكون هناك استجابة لله واستجابة لرسوله والذي قدم دينه على أكمل وجه وأبلغ بيان وأوضح صورة، أنه لم يعد وراءه إلا ماذا؟ خسارة وندم وحسرة كبيرة، يتمنى العاصي للرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) أنه لو يملك الأرض كلها أن الأرض له ويمكن أن تقبل ليفتدي بها من عذاب جهنم، أو يتمنى أنه لم يبعث على الإطلاق وأنه بقي من ضمن الأرض.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

[الدرس السابع عشر – من دروس رمضان]

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ: 17 رمضان 1424هـ
الموافق: 11/ 11/2003م
اليمن ـ صعدة.