صمود وانتصار

الكيانان “السعودي” “الإسرائيلي” تاريخٌ من التحالف

الصمود / 12 / فبراير

خرجت العلاقات “السعودية – الإسرائيلية” من سردابها إلى العلن بعد مرور زمنٍ طويلٍ على التّنسيق السرّي بينهما، بل إن الأمر أكبر من ذلك بكثير.

فاستحواذ آل سعود على الجزيرة العربية، ووجودهم في سدّة الحكم حتى الآن هو صفقة تاريخية حصلت بينهم وبين الصهاينة، حينما كان اللوبي الصهيوني يجوب المنطقة عبر الإستخبارات البريطانية، بحثاً عن حلفاء لضمان مستقبل الدولة “اليهودية” التي كانت مشارفة على احتلال فلسطين، وبالتالي فإنهم (آل سعود) استحوذوا على السلطة مقابل الولاء “لإسرائيل”.

أما عن جذور آل سعود وأصولهم اليهودية فذلك مبحث آخر يطول سرده.

محمد بن سلمان وعلنية التنسيق مع “اسرائيل” مع صعود محمد بن سلمان “ولياً للعهد” ظهر الزّخم الأكبر من بثّ الأخبار والتقارير الموثّقة التي تُثبت تورّط الحكّام “السعوديين” بالتعامل والتخابر مع الكيان الصهيوني، فما حرص “الملوك السعوديون” على عدم ظهوره إلى العلن، تجاهر به “الإسرائيليون”، بين الحين والآخر، كان أبرزه ما قاله وزير الطاقة الإسرائيلي “يوفال شتاينتز” أثناء حوار مع إذاعة الجيش الصهيوني: “لدينا اتصالات، هي في قسم منها سريّة، مع كثير من البلدان الإسلامية والعربية، (…) وبالنسبة لنا فليس ثمة مشكلة في تطور العلاقات مع المملكة العربية السعودية أو مع دول أخرى، وهي كثيرة، ولكننا ندعها سرية”، يأتي ذلك في سياق ما نشره موقع ويكيليكس من مراسلات للخارجية “السعودية” في نهاية العام 2017 ممهورة بعبارة “سرّي للغاية” تؤكّد أن ثمة علاقات تاريخية مهمة بين الكيان الصهيوني و”السعودية”، وإنها تجاوزت السياسة إلى الإقتصاد ومنه إلى زيارات رجال المخابرات (أبرزهم اللواء السابق أنور عشقي في زيارته الأخيرة عام 2016 للكيان الصهيوني).

إسرائيل تقوم اليوم بحماية النفط السعودي الذي يضخّ من (ميناء ينبع) على البحر الأحمر، كما كشفت الوثائق كثيراً من المستور عن علاقات “سعودية” مع “إسرائيل” في مجالات عدّة منها تبادُل المعلومات والتنسيق ضدّ حركات المقاومة وضدّ الجمهورية الإسلامية في إيران.

كما ذكرت الوثائق أن تطور العلاقات بدأ بإلحاح سعودي على طرح مسألة التطبيع مع “إسرائيل” ومبادرة السلام السعودية عام 2002 التي تبنّتها جامعة الدول العربية في قمّة بيروت في العام نفسه.

من التطبيع الى التحالف مع العدو الجدير بالملاحظة هو أن طبيعة العلاقات بين البلدين تجاوزت سقف التطبيع بأميال، فالتطبيع يُعرف على أنه مشاركة في مشروع أو نشاط يضمّ الكيان الصهيوني، أما العلاقات “السعودية” – “الإسرائيلية” تاريخياً هي أعمق من ذلك بكثير.

مستوى التنسيق بين البلدين بلغ التعاون العسكري والتجاري والإقتصادي، حتى استيقظ العالم العربي على وقع تصنيفه “حليفاً” في الآونة الأخيرة، بجهود محمد بن سلمان لتحقيق رقم قياسي في التخاذل والخيانة حيث أكدّ مراقبون سياسيون لوكالة “فرانس برس” أن “الأمير السعودي”، الذي زار تل أبيب في العام السابق هو محمد بن سلمان.

إلتفاف “سعودي” – “اسرائيلي” في وجه إيران لا شكّ في أن العلاقات الإسرائيلية – السعودية بلغت أوجها بعد تواجد ترامب في سدّة الرئاسة وبالتحديد بعد مرور حوالي العام على فترة حكمه، ترامب هو الأخير سحب وثيقة قرار إعلان القدس عاصمة “لإسرائيل” من إحدى أدراج الكونغرس لمسايرة “الجمهوريين” و”الديمقراطيين” المقرّبين جداً من “إسرائيل” وذلك بعدما وجد نفسه مرفوضاً ومعرّضاً للطّرد من البيت الأبيض في أية لحظة، علماً أن الوثيقة عينها كانت متواجدة في عهد جورج بوش وأوباما وسابقيهم، إلاّ أن أحداً منهم لم يجرؤ على إعلان هذا القرار، وما إن كان ترامب قد أطلق قنبلته تلك حتى ما انفكت الأصوات “السعودية” تغرّد معه في عين السرب، برعاية سلمان بن عبد العزيز وولده محمد.

ما يجمع “السعوديّة” مع “اسرائيل” اليوم هو العدوّ المشترك، وفقاً للمبدأ الإنتهازي: “عدو عدوّي صديقي”، “السعودية” لديها إستعداد للتحالف مع الشيطان بنفسه بغية صدّ المدّ الإيراني، لذا فإنه مع تراجع الدور الأمريكي في المنطقة إثر دخول اللاعب الروسي في الحرب الأهلية السورية جرى إعادة ترتيب لقوى النفوذ بتموضع أمريكي ملحوظ في الوقوف أمام إيران وحلفائها، وهذا من شأنه أن يجعل “السعودية” تبحث عن حليف جديد لكسب أي فرصة ستبادر فيها “اسرائيل” بشن حرب على إحدى أجنحة إيران في المنطقة لا سيما حزب الله اللبناني.

جدوى التحالف إن هذا التحالف يأتي في قمّة المصلحة لإسرائيل، فما الذي قد تريده الأخيرة أكثر من دولة عربيّة بحجم وثراء “السعودية” حتى تمضي قدماً بحربها على الشعوب العربية ونهب ثرواتهم؟ يا للعار إنها تقاتل العرب بسلاح حكّامهم! لو علم أولئك المتخاذلين كمّ الإحتقار الذي يكّنه حلفاؤهم إليهم لربما خجلوا، لكنهم لا يخجلون، أما ما نالته “السعودية” من تحالفها هذا فهو ليس إلا مزيداً من وصمات العار الممتدة إلى جذور تولي آل سعود الحكم والسّيطرة على شبه الجزيرة العربية، وليس إلا تأكيداً على المؤكد وهو أن آل سعود عائلة خائنة تتغذى على دم الشعوب العربية والإسلامية وتمدّ يدها إلى قاتلهم وقاهرهم.

ومشكلة “السعودية” لا تقتصر على إيران فقط إنما مع جميع قوى المقاومة التي تقاتل على جبهات مشتركة في العالم العربي وخارجه، الفكر الإسلامي الحر المقاوم هو رهاب “السعودية” الذي يدفعها الى التّحالف مع “أميركا” و “إسرائيل” وأي قوى إستكباريّة أخرى، للقضاء على المقاومة التي شقّت نضالها ضدّ المستعمرين والإرهابيين ومن جملتهم آل سعود الذين استعمروا شبه الجزيرة العربية وسمّوا سكانهم بإسمهم “سعوديين”، في حين أنها لا تخجل من تشويه الإسلام واحتكار بيت الله الحرام وتسييس الحج وتصدير الفكر الوهابي الإرهابي الذي بات كفيلاً بإفساد الأرض برمتها.

بقلم : زينب فرحات