صمود وانتصار

السعودية تصب نيران حقدها على العُمَّال اليمنيين

تحقيق / أنس القاضي
حرب إفقار جديدة تدشنها السعودية ضحاياها جيل من شباب القُرى والمدن اليمنية وأُسر تترقب يد ممدودة بالخُبز لتنجوا.. وتحت سياط الظلم والاستغلال السعودي، كل المغتربين اليمنيين سواء، عُمال مظلومون، باختلاف مذاهبهم ومناطقهم، وحزبية مواقفهم.
تسبب ترحيل العُمَّال اليمنيين من المملكة عقب حرب الخليج 1990 بأكبر الهزات التي عصفت بالاقتصاد اليمني خلال العقدين الماضيين. رغم استقرار الاقتصاد اليمني آنذاك، وما تُقدم عليه السعودية اليوم سيكون أشد كارثية في ظل الانهيار الاقتصادي والحصار؟
يتجلى، اليمني في ذهنية بني سعود “ككائن ناقص الآدمية”، ففي مملكتهم الاستغلالية الظالمة يعاملونه معاملة “عبد أجير”، ويرونه في الوطن كـ”متمرد”، و”متخلف” و”كافر”. يرسلون عليه الوهابيين والأحلاف العدوانية العسكرية، ويفرضون عليه وصايتهم فيمنحون الانظمة الفاسدة التابعة “الحق” و”الشرعية”، ولولا ضُعف الحكومات اليمنية وفسادها وإهانتها لكرامة الانسان في الداخل ما أسترخص الأجنبي من قدر المواطن اليمني.
لا تقتصر المعاناة على “غربة العمل المأجور” ، بل تُضاف إليها غُربة أُخرى، هي غربة العيش بعيداً عن الأحبة ووجوه الطفولة، في مملكته معادية تسعى لقهر اليمن ومنع تقدمه كوصيلة لجدهم المؤسس! واليوم يُهجر مئات الآلاف من شباب الوطن كانوا يبيعون جهد عملهم ونوم عيونهم، لم يكونوا لصوصاً، ولا مرتزقة يطلبون صدقات “الملك”!
جارة السوء واستضعاف المغتربين اليمنيين

تصب السعودية نيران حقدها على العُمَّال اليمنيين وتنتقم من المدنيين المجردين من السلاح كلما هزمت في مواجهة المقاتل اليمني، في الجبهات الحدودية، برغم فارق الامكانيات!
صنوف من العذاب يتلقاه اليمني في الغربة، تطارده السُلطة السعودية، في حملة لا إنسانية تُسمى: “وطن بلا مخالف”، تقوم بها وزارة الداخلية السعودية، بطريقة بربرية تنتهك حقوق الانسان وحقوق العُمَّال التي ضمنتها المواثيق الدولية.
تُظهر الشهادات الشخصية والصور والفيديوهات القادمة من السعودية، مشاهد مداهمة قوات الداخلية السعودية ومكافحة الشغب، منازل المغتربين اليمنيين وإخراجهم مع عوائلهم، بطريقة مهينة، كذلك يقوم بعض الجنود السعوديين بسرقة الذهب والأموال النقدية من البيوت التي يداهمونها.
في صور أُخرى يظهر العُمَّال اليمنيون وهم ينامون على صقيع البلاط دون فراش او لحاف، كما لا يُعامل أسرى الحرب، فكيف بمن هم عُمَّال كانوا الى ما قبل اعتقالهم ينتجون ويخدمون المجتمع والدولة السعودية.
(معاملة لا إنسانية في سجون الترحيل )
لم تستهدف هذه الحملات فقط العُمَّال المتهربين، بل استهدفت بشكل أساسي مَن مُنحوا رخصة زائر في العام 2015م، كما تستهدف اصحاب الإقامة القانونية، الذين دفعوا عشرات آلاف الريالات السعودية لشرائها من عصابات مافيا الفيزا السعودية. و لا تُخفي السعودية وحشيتها بل تباهي بها، وكُشفت الكثير من الصور والفيديوهات، التي تظهر ما يتعرض له عمال اليمن وعوائلهم من الإهانة والإذلال والسجن، بسبب عدم قدرتهم تسديد الرسوم الجائرة التي تفرضها السلطات السعودية، وبسبب سعودة الاعمال التي كانت بين ايديهم.
وما تعتبره السعودية تهريباً ودخولاً لا شرعيا هو حق مثبت ومقر في اتفاقية “الطائف” 1934 واتفاقية “جدة” 2000م بأن يحظى اليمني بحقوق تضمن له حرية الدخول والحركة والعمل والمُلكية في السعودية، وهي الحقوق التي انقلبت عليها السُلطة السعودية، التي تعجز عن فصل التداخل الاجتماعي في المناطق الشمالية اليمنية مع الأقاليم اليمنية تاريخيا التي ألحقها ابن سعود بسلطنة نجد فغدت مملكة!
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عبر عن قلقه من الاجراءات الاخيرة التي تقوم بها السعودية تجاه المغتربين اليمنيين، فقد اعتبر أن على السعودية “أن تأخذ بعين الاعتبار تدهور الأوضاع الإنسانية التي خلفتها الحرب المندلعة على اليمن منذ مطلع العام 2015 والتي تعد السعودية طرفًا رئيسًا فيها”.
وقال المرصد إن اليمنيين في الوضع الراهن مع ما تشهده البلاد من حرب، ينطبق عليهم وصف اللاجئين ما يجعلهم يندرجون تحت قاعدة «اللجوء وعدم الطرد» التي نصت عليها الاتفاقية الخاصة باللاجئين لعام 1951 وهو ما يجعل طردهم وترحيلهم انتهاكًا لهذه القاعدة وقد يعرض حياتهم للخطر.
وأشار المرصد الحقوقي الدولي إلى أنه تلقى إفادات من يمنيين قالوا إن الحملة التي أطلقتها السلطات السعودية باسم “وطن بلا مخالف” أدت كذلك إلى اعتقال عشرات منهم حيث جرى نقلهم قسرًا إلى معسكرات التجنيد للقتال في جبهات الحدود نيابة عن الجيش السعودي.