السيد حسين الحوثي : ما عند الله هو أبقى وأهم وأدوم مما لديك
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} (آل عمران: من الآية13ـ14) الناس بشكل عام هنا وهنا مما قد يجعل الإنسان بعيداً عن أن يكون لديه عبرة ،أن يكون صاحب بصيرة ، يعتبر بما يقدم إليه من آيات الله جانب الكافرين وأعداء الله بشكل عام ، وجانب المؤمنين فمتى ما تزينت لديك الأشياء هذه صرفتك عن أن تعتبر ، أن تستبصر فتعتبر بما ذكره الله من آيات كثيرة تبين لك كيف يجب أن تكون نظرتك إلى المال كيف يجب أن تكون ثقتك به ، وكيف يجب أن يكون شعورك بالمسئولية ، وكيف تكون نظرتك إلى أعداء الله.
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} عملية تزيين تأتي أما هي في واقعها فهي طبيعية هي من متاع الحياة الدنيا لكن يأتي… لاحظ ما هو يأتي بعض الناس يزين لك يقول لك: [لاحظ أنت ذا عندك في خير ونعمة ومعك بيت باهر ومعك أموال إنما فقط ستكلف على نفسك وتخسر الأشياء هذه] أليست مسألة تزيين؟ يشدك إلى ما أنت عليه، إلى ما عندك من الأشياء.
{ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (آل عمران: من الآية14)كل هذه التي تبدو بأرقام كبيرة بما فيها القناطير المقنطرة من الذهب والفضة مهما كانت هي تمثل متاعاً لهذه الحياة ، هذه الحياة هي قصيرة بالنسبة للحياة الآخرة {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (آل عمران: من الآية14) يجب أن تكون نظرتك مهما كان لديك وإن كان عندك قناطير مقنطرة من الذهب والفضة ، القنطار يقولون عنه : ما يملئ جلد ثور من الذهب ، هذا القنطار ما يملئ جلد ثور ، قد يكون أكثر من [طن] من الذهب ، يجب أن تعرف أن ما عند الله هو أبقى وأهم وأدوم {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (آل عمران: من الآية14) حسن المرجع.
{قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ} (آل عمران: من الآية15) لاحظ هذه قضية من القضايا التي تقعد الناس مثلاً قضية:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ} قد تقعدهم مثلاً حالة افترضها على هذا النحو: قناطير مقنطرة من الذهب والفضة {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ} من القناطير المقنطرة من الذهب والفضة ، والخيل المسومة ، والأنعام ، والحرث والأراضي والمزارع ، وأشياء من هذه يجب أن تلحظ أنه مهما كان عندك من هذا الشيء أن تحرص على ذلك الخير العظيم الذي هو خير مما عندك {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} (آل عمران: من الآية15) أفضل من النساء ألم يقل: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}(آل عمران:14){وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} (آل عمران: من الآية15) معنى هذا بأنه يمكن أن يكون عند الإنسان أي شيء لكن يجب عليه أن يفهم بأن كل ما يملكه في هذه الدنيا وإن كانت الدنيا بكلها إنما عند الله هو خير من هذه الدنيا بكلها ، أي لا يعد يشكل ما لديك عائق ، ولا يكون بالشكل الذي يجب أن تتخلى منه بمعنى [إذاً تدمر ذهبك وفضتك وتحرقها] لا ، أن تكون عندك هذه النظرة، النظرة الصحيحة : هو أنما عند الله هو خير مما في الدنيا هذه بكلها .
أيضاً تلاحظ بأنه مسألة ـ لأن الله يعلم بالنسبة للإنسان أنه يحب الخير بحكم طبيعته كما قال في آية أخرى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (العاديات:8)ـ القعود قد يكون خيراً لكن معروف عنك كإنسان بأنك تحب الخير والعادة أن الإنسان يحب الخير الأكثر ، والخير الأدوم أكثر من الخير الذي هو دون ولا يدوم ، أليست هذه أيضاً قضية؟ إذاً فهناك ما هو خير من هذا يجب أن لا يقعدك هذا فتخسر، ستكون خاسراً متى ما حصلت النظرة هذه، وهي نظرة قريبة من ذهنية الإنسان فعلاً، نظرة قريبة من ذهنيتك إذا أنت إنسان تعقل وتفهم، وتؤمن بالله، وتثق بالله، وتطلع على ما عرضه في هذه في آيات القرآن الكريم من كلام عن الآخرة، عن الجنة، وعن رضوانه، أليست هذه أفضل من كل هذه الدنيا ؟ إذاً لاحظ كيف خسارة الإنسان عندما يقعد.
هذه الآية تعني: بأنه لا ينبغي لك أن تؤثر هذه الأشياء على ما هو خير أفضل منها، وأدوم منها ، وأرقى منها فكيف حالتك عندما يقعدك لا شيء ؟ مثلنا ، لا شيء ، من الذي معه كيلو من الذهب ما بالك قنطاراً من الذهب؟ يقعد الناس لا شيء ! بيوت غير جيدة، ولا يوجد ذهب ، ولا فضة ، ولا خيل ، ولا نسوان مثلما قال هناك: {وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} (آل عمران: من الآية15) ماذا معه؟ قد يكون معه قطعة أرض عوجاء فيها [ سربين ، ثلاثة قات ]لم يعد مستعداً أبداً أن يفلتها ! مع أنه في الأخير ما تنتهي المسألة بأنه يقال لك: تخلى عن هذه لكن اعرف ..
لاحظ نظرة نبي الله سليمان كيف كانت دنيا هائلة جداً ، مع هذه إنسان مرتبط ، في ذهنيته يعرف رضوان الله أهم من هذه كلها {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} (النمل: من الآية40) ألم يقل هكذا؟ لا يوجد إنشداداً إلا الجهل، الجهل الذي يجعل الإنسان ينشد أعني: الجهل بالله، الجهل بكتابه ، الجهل بما وعد به ، الجهل بما هو خير لك ، أعني : نحن جاهلون بما هو خير لنا فينشد إلى دنيا ليست شيئاً ! أعني: لا ينبغي أن تنشد إليها فتؤثرها وتقعدك وإن كانت على هذا النحو: نساء وبنين وقناطير مقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة ـ من أرقى الخيل معلَّمة، معنى مسومة : معلَّمة ـ والأنعام والحرث {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (آل عمران: من الآية14)
ثم يقول: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ} (آل عمران: من الآية15) من كل هذا بكله ، ليست الآية تعني هجوماً على الدنيا ، هل فيها ما يعني هجوماً على الدنيا؟ لا ، المشكلة هنا في الداخل ، المشكلة عند الإنسان عندما لا يتفهم، لا يعقل ، لا يعرف ، متى ما فهم ستكون هذه وإن كان يملك هذه كلها خير له ، ويأتي من ورائها الخير العظيم له في الآخرة ، ما يقال نتخلى منها ، هل قال نتخلى منها؟ نوضفها في الخير العظيم في الدنيا والخير العظيم الذي هو أرقى خير في الآخرة ، الجنة ورضوان من الله {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} (آل عمران: من الآية15) هو بصير عندما تؤثر مثل هذه أو دونها يحولها إلى عذاب لك ، يجعلها خسارة لك ، هو بصير بعباده بعدما قال {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} (آل عمران: من الآية15) لاحظ موضوع خالدين ، فيجب أن تقارن حتى لو الجنة دون هذه الحالة ، لو هي دون وهي دائمة لا تنقطع أنها أفضل أعني: لو أنت تقارن بين حالتك أنت في الدنيا أليس الكثير من الناس قد يكون راضياً بوضعيته هكذا ؟ حتى لو لم تكن الجنة إلا مثل ما معك في الدنيا وهو دائم أنه أفضل مما معك ما بالك عندما يكون موضع سوط فيها أفضل من الدنيا هذه بكلها.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
[الدرس الثاني عشر – من دروس رمضان]
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 12 رمضان 1424هـ
الموافق: 6 /11/2003م