السيد عبدالملك الحوثي : الاستجابة الجماعية للتحرك في سبيل لله
الصمود|ثقافة قرآنية
{انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} انفروا تحركوا في سبيل الله جميعاً، {خِفَافًا وَثِقَالاً} حتى من كان ثقيل باعتبار آخر، إن قلنا بالاعتبار المادي نفترض ثقل سمنة أو تعب أو ما شابه ذلك، أو لديه في واقع الحياة علائق كثيرة تثقله. على كل حال المطلوب في حالة الاستنفار أن يكون الموقف الجماعي للمؤمنين هو الاستجابة، وخصوصاً أنه في بعض المراحل تأتي ظروف تتوجب أن يكون هناك تحرك جماعي من الأمة، استجابة جماعية، تحرك عام، وتختلف المسألة من وقت إلى وقت ومن ظرف إلى ظرف ومن تحدٍ إلى تحدٍ، وحسب الاحتياج، وحسب طبيعة ما يستنفر له. ومثلما تقدم الكلام أحياناً استنفار لمظاهرة، أحياناً الاستنفار لقتال، أحياناً الاستنفار لأي شيء، المهم في سبيل الله.
{وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} جاهدوا هذا واجبكم مسئوليتكم، جاهدوا أولاً بالمال لا يبخل الإنسان بماله، الجهاد بالمال والنفس، وللأسف الشديد، للأسف الشديد الكثير من الناس يقصرون في الجهاد بالمال، والبعض يريد أن يجاهد بطريقة مختلفة لا يدرك مسئوليته في الإنفاق.
والنفس كذلك {وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ}؛ لأن ما تقدمه في سبيل الله الله سبحانه وتعالى سيبدله لك بالخير الكثير، وما يترتب على جهادكم في سبيل الله من خير كبير لكم في الدنيا والآخرة يجب أن يدفعكم إلى الجهاد في سبيل الله {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ}، ووراء الإخلال به شر عليكم. الجهاد خير لكم، إن لم تجاهدوا فالبديل هو شر عليكم، وأي شر أكبر من سيطرة الأعداء وهيمنتهم بما يترتب على ذلك.
حث كبير، أوامر صريحة وواضحة من الله، مثلما قلنا الموقف الصحيح هو الاستجابة، يا مؤمن استجب لله، استجب لله، التزم بتوجيهاته، أطع أمره، لكن لا هناك الكثير من الناس، الكثير من المنتمين للإسلام، الكثير من المحسوبين على الإيمان ويعتبرون أنفسهم مؤمنين، مع كل هذا التأكيد من الله سبحانه وتعالى، مع كل هذه الأوامر المتكررة، مع هذا التحذير وهذا الوعيد مع هذا كله يحاول البعض أن يتهرب، ويحاول البعض التملص والتنصل عن المسئولية، البعض قد يحاول أن يجمل نفسه وموقفه ببعض من الأعذار والمبررات والبعض لا، البعض وقح، قليل حياء يعني، لا يستحي من الله ولا من عباده فيتخذ موقف سلبي وسيء تجاه الجهاد في سبيل الله وبدون مبالاة، بدون مبالاة. البعض يعتبر الجهاد في سبيل الله غلط بالكامل، والله عنده غلط عندما أمر الناس يجاهدوا، والمؤمنون الذين استجابوا لله يعتبرهم غلطوا، هكذا الحمقاء والضالين.
{لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ}
{لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ} النفوس المريضة ضعفاء الإيمان، البعيدون عن الإيمان هم هكذا لا يستجيب للجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، ويتنصل ويتهرب ويبتعد ويتخاذل ويتثاقل، لكن لو كان في المسألة أشياء أخرى {عَرَضًا قَرِيبًا} عرضاً من الدنيا، متاعاً من الدنيا، غنائم على سبيل المثال، أو أي شيء من متاع الدنيا، وقريب، والمسألة أن هناك استنفار للخروج إليه، تعالوا يا جماعة هناك في منطقة كذا غنائم نريد أن نذهب ومن يصل إلى هناك فيأخذ منها له، مثل هذه الدعوة ستستفزهم وتحركهم ويستجيبون لها ما دام في المسألة شيء من متاع الدنيا.. لماذا لم تستجب لله فيما فيه خير الدنيا والآخرة؟.
{لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا} سفر ليس بعيداً، سهل الطريق قريب المسافة، سفراً سهل الطريق قريب المسافة{لاَّتَّبَعُوكَ} وخرجوا معك وما عندهم مشكلة، ما دام في المسألة مداقل وطريق سهلة ولا هناك مشقة، يعني: البعض من الناس في واقعه الإيماني ضعيف جداً، وإذا لمس في أي شيء مشقة يتهرب ويتنصل ويحاول أن يبعد نفسه، عندما يلمس أن هناك مشقة في شيء، لا بأس إذا المسألة سهلة جداً هو مستعد أن يتحرك بقدر إيمانه القليل جداً جداً، يتحرك قصير الخُطا قريب المسافة، ما عنده تحمل لأعمال أو مهام كبيرة.
{وَلَـكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ} إذا في المسألة مشقة إما سفر بعيد مثلما كان في عصر النبي إلى تبوك في مواجهة الروم، في عصرنا هذا البعض إذا بعدت عليهم الشقة ولو على مستوى مناسبة أو مظاهرة أو أي شيء، ومثل هذه النوعية المتهربة من الجهاد في سبيل الله يحاولون أن يبرروا لأنفسهم تخاذلهم بذنب، بذنب، {وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ} والله يعني: يحلف يمين، يحلف يمين، ويمين فجرة، يمين فاجرة، يمين غموص، يحاولوا أن يبرروا تخاذلهم أنه بسبب عجزهم عن الخروج لم يستطيعوا، {يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ} ما يمكن أن يخادع أحد يخادع الله أبداً، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} فهم في واقع الحال يستطيعون أن يجاهدوا وأن يخرجوا وأن يتحركوا، إنما أيمانهم محاولة للتبرير لتبرير تخاذلهم وتثاقلهم، ومحاولة لتجميل موقفهم حتى لا يكون مخزياً أمام المؤمنين.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
(دروس من سورة التوبة – الدرس الرابع)
ألقاها السيد/عبد الملك بدر الدين الحوثي/ حفظه الله.
بتاريخ:13/ رمضان/1434هـ
اليمن – صعدة.