التطبيع الإماراتي الإسرائيلي.. الثقافة بوابة جديدة لتجميل صورة الاحتلال
الصمود / 2 / أبريل
في الوقت الذي تشهد فيه الأراضي الفلسطينية معارك دامية بين الشعب الفلسطيني وقوات الاحتلال الصهيوني، وعلى الرغم من أن جرائم العدو لم تعد بحاجة إلى توثيق أو دليل على ارتكابها، فإن بعض الدول العربية، وعلى رأسها الإمارات، لا تزال تتعمد غض النظر عن هذه الجرائم. تطبيع ثقافي
تحولت الأراضي الفلسطينية منذ يوم الجمعة الماضي، إلى صالة عزاء كبيرة، ففي الوقت الذي شيّعت فيه عشرات العائلات الفلسطينية شهداءها الذين سقطوا ضحايا مواجهات مع قوات الاحتلال خلال مسيرة يوم الأرض، كانت الإمارات تحتفل بعرض الفيلم الأمريكي البريطاني “7 أيام في عنتيبي”.
وكشف الناشط عارف اليديوي، عبر حسابه على “تويتر”، أن دولة الإمارات تعرض فيلمًا يحكي قصة عملية تحرير قوات الكوماندوز الإسرائيلية، رهائنَ مسافرين من تل أبيب، بعد اختطاف طائرتهم من قبل أفراد من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام ١٩٧٦ في أوغندا، وأكد الناشط، أن “الفيلم يصوّر الصهاينة أبطالًا ينقذون الرهائن، والفلسطينيين إرهابيين يخطفون الرهائن ويهددون بقتلهم”.
تدور أحداث الفيلم في 4 يوليو عام 1976، ويرصد عملية اختطاف طائرة “إيرفرانس” من أثينا إلى مطار عنتيبي في العاصمة الأوغندية، والتي كان على متنها 248 مسافرًا من بينهم 102 من المسافرين اليهود أو بجوازات سفر إسرائيلية، وهي العملية التي نفذتها عناصر من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث كانت الطائرة متوجهة من مطار “بن جوريون” في تل أبيب باتجاه العاصمة الفرنسية باريس، يوم 27 يونيو عام 1976، وعند هبوط الطائرة في أثينا اختطفتها مجموعة من الفلسطينيين وانطلقوا بها نحو مطار عنتيبي في أوغندا بعد توقف قصير في ليبيا، وانتهت العملية باستشهاد فلسطينيين تابعين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، و3 من الرهائن الصهاينة إلى جانب عدد من الجنود الأوغنديين، والضابط جوناثان نتنياهو، شقيق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
عدد من المراقبين رأوا أن عرض الفيلم يأتي في إطار محاولة القيادة الإماراتية تسويق صورة الاحتلال الصهيوني على أنه “ضحية للإرهاب”، وهي الصورة التي تحاول إسرائيل تسويقها في العالم بأي ثمن، حتى إنها أنشأت مؤخرًا وحدة كاملة تسمى “وحدة الوعي” تابعة لقسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي، ومهمتها العمل على تحسين صورة الكيان الصهيوني في دول العالم وشرعنة النشاطات الإسرائيلية، وكشف مُحلّل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” العبرية، عاموس هرئيل، تفاصيل إنشاء جيش الاحتلال لهذه الوحدة، مؤكدًا أنها تعمل على التنسيق مع الجيوش والدبلوماسيين ووسائل الإعلام في دول العالم، لافتًا إلى أنها أُنشئت بداية العام الجاري، وتهتم بالأساس بشرعنة نشاطات جيش الاحتلال أمام العالم، وتركز نشاطاتها على عدة مستويات، مثل المستوى القانوني، الدبلوماسي، الإعلامي، والعسكري.
تطبيع سياسي
يبدو أن العلاقات التطبيعية بين الإمارات العربية والكيان الصهيوني، باتت تشمل كافة مجالات الحياة، فلم تعد تقتصر على السياسة فقط أو الدعم الدبلوماسي السري، بل امتدت لتشمل المجالات الرياضية والعسكرية والاستخباراتية وحتى الثقافية، وقد سبق أن قطعت الإمارات أشواطًا في التطبيع السياسي السري والعلني مع الاحتلال الصهيوني، بزيارات غير رسمية لقيادات ومسؤولين إماراتيين إلى تل أبيب بهدف التنسيق السياسي والعسكري، ومنذ عام 2010 تستضيف أبوظبي مكتبا تمثيليًا إسرائيليًا بزعم عضوية إسرائيل في “إيرينا” للطاقة المتجددة والتي تتخذ من أبوظبي مقرًا لها.
تطبيع عسكري
إلى جانب التطبيع السياسي برز التطبيع العسكري، فقد اشتركت الإمارات مرتين في مناورات عسكرية مع الاحتلال إلى جانب دول أخرى، ففي سبتمبر عام 2016، انطلقت مناورات “ريد فلاج” التي شارك فيها طيارون من الإمارات والكيان الإسرائيلي وباكستان، وكانت تلك المناورات هي الأولى التي تشارك فيها أبوظبي إلى جانب تل أبيب، ليتم إعادة التجربة في 20 مارس الماضي باليونان، تحت عنوان “Iniohos“، واشترك في التدريبات القوات الجوية الإسرائيلية والإماراتية والإيطالية والأمريكية والبريطانية والقبرصية.
تطبيع رياضي
التطبيع الإماراتي الإسرائيلي وصل أيضًا إلى المجال الرياضي، فقد شارك رياضيون إسرائيليون في بطولة سباق السيارات الصحراوي “كروس كانتري” التي انطلقت فعالياتها في 25 مارس الماضي واحتضنتها الإمارات، ودخل المشاركون الصهاينة أبو ظبي بجوازات سفر إسرائيلية، ونقلت الصحافة الإسرائيلية عن أحد المتسابقين قوله “المُنظمون رحبوا بنا بطريقة دافئة واحتضنونا”، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تطبع بها الإمارات مع إسرائيل رياضيا، فقد شارك المنتخب الإسرائيلي لرياضة الجودو، في أكتوبر الماضي، في بطولة “جراند بري” التي نظمها “اتحاد الجودو الدولي”، وأقيمت في أبو ظبي أيضًا.
بقلم : هدیر محمود