العقيق اليماني؛ خفايا أسرار خصوصيّته الجمالية وانجذاب الكثيرين لاقتنائه
الصمود | متابعات
– اشتهرت بلاد اليمن منذ القدم وعلى مرّ التاريخ بميراثها الحضاري والثقافي ولقد تعاقبت على هذه البلاد التي تقع جنوب شبة الجزيرة العربية الكثير من الحضارات والأمم التي كان لها دور فعّال في إثراء ذلك الميراث وتميزت بلاد اليمن بامتلاكها الكثير من مناجم الأحجار الكريمة ولاسيما أحجار العقيق اليماني الذي يعتبر من أهم أنواع الأحجار الكريمة التي ارتبط اسمها باليمن ولقد ورد اسم العقيق كثيراً في كتب التاريخ كأحد الأحجار الكريمة النفيسة وتقول المعلومات إن ممارسة اليمنيين الأجداد لمهنة نحت الجبال وبناء القصور والمعابد أدّت إلى اكتشاف هذه الحجارة الكريمة التي تعدّ منافساً قوياً للذهب والفضة وفي وقتنا الحالي تجاوزت شهرة هذا العقيق حدود اليمن إلى بعض الدول العربية والإسلامية و لايزال الصنف اليمني من العقيق المتعارف عليه بـ”العقيق اليماني” يحظى بتفضيل معظم الصاغة لأنه يجذب الكثير لاقتنائه والتزين به وذلك نظراً لخصوصيته الجمالية المنبثقة من نقاء وبريق جوهره وحدّة وجمال ألوانه.
تاريخ اكتشاف العقيق اليماني وأماكن وجوده
وحول الأصول التاريخية للعقيق اليماني، تنوعت الروايات حول بداية معرفة اليمنيين لهذا النوع من الأحجار الكريمة ولكن الكثير من تلك الروايات تشير إلى عصر الدولة الحميرية وحول هذا السياق أعرب الدكتور “غيلان حمود غيلان”، أستاذ الآثار والفنون الإسلامية في قسم الآثار في جامعة صنعاء، قائلاً: “تُشير الدلائل الأثرية إلى أن صناعة العقيق اليماني ترجع إلى عهود قديمة، إذ ظهرت رسوم لفصوص العقيق في المنحوتات السبئية والمعينية، كما وُجدت فصوص من العقيق اليماني المصقول بعناية فائقة وإجادة تامة وتعود إلى العصر الحميري“
وتبرز جبال منطقتي أنس وعنس التابعتان لمحافظة ذمار الواقعة جنوب العاصمة صنعاء، كأشهر مناطق التعدين للعقيق، بالإضافة إلى جبال خولان في محافظة صنعاء وجبال المحويت وجبال محافظة أب وسط اليمن وفي محافظة تعز وعدن وحضرموت وفي وسط مدينة صنعاء القديمة حيث تتوزع الأسواق الحرفية المتخصصة، يقع “سوق العقيق” مستقلاً بنفسه في بناية تاريخية تعرف بأسم “سمسرة النحاس”، يتقاسم دكاكينها أشهر حرفيي وتجار هذا النوع من الأحجار الكريمة.
فوائد العقيق اليماني
العقيق اليماني لا يظهر فقط كحجر زينة، بل إن هنالك روايات منسوبة إلى النبي محمد (ص) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) ركّزت على فوائد التختم بالعقيق اليماني، ففي حديث مروي عن الرسول (ص) عن العقيق اليماني يقول “تختموا بالعقيق فإنه ينفي الفقر واليمنى أحق بالزينة” وفي رواية أخرى قال عليه الصلاة والسلام “إن صلاة ركعتين بفص عقيق تعادل ألف ركعة بغيره“. وعن الإمام الحسين بن علي عليهما السلام أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “يا بني تختم بالياقوت والعقيق فإنه ميمون مبارك وكلما نظر الرجل فيه إلى وجهه يزيد نوراً والصلاة فيه سبعون صلاة“.وعن الإمام الصادق (ع): “قال رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم: قال الله سبحانه: إني لأستحي من عبد يرفع يده وفيه خاتم فصه فيروز فأردها خائبة“. وعن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام “قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تختموا بالعقيق فإنه لا يصيب أحدكم غم ما دام ذلك عليه“.
أنواع العقيق اليماني
فيما يخص أنواع العقيق فإن هناك أنواعاً كثيرة من العقيق اليماني تختلف باختلاف المنطقة المستخرج منها، فهناك العقيق الرماني “الكبدي” الأحمر الذي يعتبر من أثمن أنواع العقيق اليماني، لأنه يحظى بأهمية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، حيث يعتبره الكثيرون حجراً يمنح البركة ويمنع الحسد ويتميز هذا النوع من الحجارة بلونه الرماني المشابه للون الياقوت ويأتي في المرتبة الثانية من حيث الثمن والأهمية بعد الحجر الرماني، العقيق المزهر الذي يُعرف أيضاً بالعقيق المصور وذلك بسبب وجود صور وأسماء ورسومات في داخله الأحمر وبعد ذلك يأتي حجر الدم الذي يعتبره الكثيرون بأن له فائدة في حبس الدم ويتصف هذا الحجر بعدم شفافيته وبعد ذلك يأتي حجر الجزع الذي يُعد أول حجر كريم تم اكتشافه في اليمن ويتميز بخطوطه وشفافيته وهو موجود باللونين الأبيض والأسود ومن الأنواع الأخرى أيضاً يأتي حجر الشمس الذي يتميز بخاصية البريق التي يمتلكها والتي جعلته لامعاً كالشمس، كما أنه يتميز بقدرته على الاحتفاظ بالحرارة ويتصف هذا الحجر بأنه شفاف يميل إلى اللون الأبيض.
استخراج وإنتاج العقيق اليماني
يقوم الحرفيون اليمنيون باستخراج أحجار العقيق على شكل كتل صخرية مختلفة الأوزان لا يتجاوز وزن الخام من العقيق فيها الكيلو جرام من داخل الصخور الواقعة في المناطق الجبلية وبعد ذلك تبدأ عملية إنتاجه بوضع تلك الكتل الصخرية في فرن بدرجة حرارة معينة لفترة 24 ساعة وذلك ليتم تليينه، بعد ذلك يلصق العقيق في كمية من “اللوك” وهي مادة من اللبان والرماد لإزالة الشوائب ثم يُقطع بأدوات خاصة وبدقة فائقة إلى فصوص مختلفة الأحجام والأشكال والألوان ومن ثم تبدأ مرحلة حك الفصوص على الحجارة الملساء المستوية على النار عدة مرات وصولاً إلى المرحلة الأخيرة وهي “التنعيم” من خلال الصقل بالطباشير وهي المادة الأخيرة التي يجهز فيها العقيق قبل عرضه للبيع.