ووفقا لـمراقبين، فإن آخر ما أثار الجدل في هذا الشأن هو مانقلته صحيفة عبرية عن منتج سينمائي إسرائيلي التقى “محمد بن سلمان” خلال جولته في الولايات المتحدة قبل اسابيع، أن الأخير يرى أنه جاء الوقت لعلاقة جديدة بين السعودية وإسرائيل.

تصريحات “بن سلمان” مع تصريحات ومواقف أخرى في هذا الشأن تكشف بصورة أو بأخرى أن ساعة الصفر قد اقتربت لحسم الجدل في علاقات الرياض وتل أبيب وإعطائها الشكل الرسمي الدبلوماسي، عن طريق افتتاح سفارة سعودية في إسرائيل قريبا، أو فتح سفارة إسرائيلة في بلاد الحرمين قريبا.

“العدسة” ومن خلال التقرير التالي تستعرض مساعي بن سلمان الحثيثة لتقريب المسافات بين إسرائيل والسعودية، والتي يستهدف من خلالها إرضاء الإسرائييلن والإمريكيين، بغية الحصول على إذن وموافقة بإعتلاء عرش السعودية خلفا لأبيه.

قصة حب بين بن سلمان وإسرائيل

لنبدأ أولا بآخر التقارير التي تحدثت عن العلاقات الإسرائيلية السعودية، والتي أوردتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» في تقرير تضمنه ملحقها الأسبوعي، والتي تكشف العلاقة الحميمة بين إسرائيل والسعودية في عهد بن سلمان.

وقالت الصحيفة إن المنتج الإسرائيلي – الأمريكي حاييم سبان التقى محمد بن سلمان في مأدبة عشاء خاصة خلال زيارته الأخيرة، وقال على مسمعه إنه يتطلع لتغيير صورة الإسلام والسعودية ويحلم بطبعة جديدة لـ «لورانس العرب».

وأضافت «يديعوت أحرونوت» أن هوليوود تشهد قصة حب جديدة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي فتح الباب للسينما بعد 38 عاما من حظرها في المملكة، معتبرة ذلك خطوة ذكية.

ونقلت الصحيفة عن آدم أرون مدير عام الشركة الأمريكية الإسرائيلية التي فازت برخصة تشغيل عشرات دور السينما في السعودية، إن اختيار فيلم «الفهد الأسود» كأول فيلم يعرض في المملكة ليس صدفة. موضحا أن الفيلم يتحدث عن أمير شاب يقوم بتغييرات ثورية في بلاده، وهذا «مألوف للأذن» في السعودية. كما تنقل عنه قوله إن الخطة تقضي بفتح 400 دار سينما و2000 صالة عرض في السنوات الخمس المقبلة. منوهة أن قرار محمد بن سلمان بالتصادم مع المؤسسة الدينية المحافظة المعارضة للسينما لم يأت من فراغ.

وتنقل عن باحثة خبيرة بالشؤون السعودية في جامعة تل أبيب الدكتورة ميخال يعاري قولها إن بن سلمان اتخذ قراره بإتاحة السينما بعدما أدرك أن العائلة الحاكمة المتقادمة فقدت شرعيتها لدى الشباب السعوديين. كما تشير إلى القضية الاقتصادية وتقول إنه يبحث عن مصادر دخل بديلة للنفط علاوة على البحث عن إعجاب الفئات الشبابية به. وفي هذا السياق تذكر أن 32 مليون شخص يقيمون اليوم في السعودية 11 مليونا منهم عمال أجانب و 70٪ من السعوديين دون جيل الـ 25 عاما و 40 ٪ منهم عاطلون عن العمل، رجالا ونساء. كما تشير إلى أن 180 ألف شاب يغادرون السعودية كل عام لاستكمال دراستهم في العالم وبدعم حكومي ويستصعبون العودة لبلادهم بسبب السياسات المتشددة المحافظة. وتوضح أن صناعة السينما معدة لتوفير 30 ألف مكان عمل جديد على أمل أن ترتفع إلى 200 ألف مكان عمل بعد عقد.

حق اليهود في فلسطين

لم تكن تصريحات “بن سلمان” للمنتج الإسرائيلي هي الأولى من نوعها، لكن الشواهد على إقامة علاقات رسمية معلنة بين البلدين مستمرة، حيث احتفت الصحف الإسرائيلية احتفت  مطلع الشهر الجاري، بتصريحات مماثلة لولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” والتي اعترف فيها لأول مرة بحق اليهود في وطن قومي في إسرائيل.

اعترافات “بن سلمان” جاءت خلال مقابلة مطولة مع الصحفي الأمريكي اليهودي، “جفري جولدبرج”، نشرت أمس “الاثنين” 2 أبريل، في مجلة “ذي أتلانتيك”.

وتصدر عنوان “محمد بن سلمان: أؤمن بحق الإسرائيليين في تملّك أرض لهم”، الصفحة الرئيسية لموقع المصدر الإسرائيلي، الذي أبرز قول “بن سلمان”: إن “الاقتصاد الإسرائيلي اقتصاد نامٍ وكبير، بالمقارنة مع حجم الدولة”، مشددًا على أن “إسرائيل والسعودية تملكان مصالح مشتركة غير مواجهة إيران”.

وتحت عنوان “ولي العهد السعودي يعترف بحق إسرائيل بالوجود، وتحدث عن العلاقات المستقبلية”، تناول موقع “تايمز أوف إسرائيل”، مطولا كل ما ورد في مقابلة ولي العهد السعودي، حيث أبرز “إشادة “بن سلمان” بإمكانية العلاقات الدبلوماسية المستقبلية بين مملكته والدولة اليهودية”.

وأبرزت صحف “يديعوت أحرونوت” و”هآرتس” و”معاريف” وغيرها من وسائل الإعلام الإسرائيلية، إشادة ولي العهد السعودي، بالاقتصاد الإسرائيلي، الذي وصفه بأنه “كبير بالنسبة لحجمها”، وذكرت كيف ساهم قرار والده الملك سلمان بتعيينه وليًّا للعهد في يونيو الماضي، في “وضعه بقوة في المرتبة الأولى على خط العرش، وهو الشخصية المعروفة لدى واشنطن”.الي

لقاءات سرية مع الإسرائليين

وفي إطار التمهيد للتطبيع الكامل بين “إسرائيل والسعودية” كشف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي “غادي آيزنكوت”، في مارس الماضي، أن ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” التقى رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي “مئير بن شابات”.

وقال “آيزنكوت” في حوار مع صحيفة “معاريف” العبرية: إن هناك تطابقا في المصالح بين السعودية و”إسرائيل” في مواجهة “التهديد الإيراني”

ولم يوضح الجنرال الإسرائيلي، مكان وزمان اللقاء.

وفي السياق ذاته أكد مسؤول في السلطة الفلسطينية لصحيفة “خليج تايمز” الإماراتية، في وقت سابق، أن مسؤولين سعوديين وإسرائيليين عقدوا عددا من الاجتماعات في القاهرة بوساطة مصرية.

وبحسب الصحيفة، فقد التقى ممثلو الوفود السعودية والإسرائيلية والمصرية في فندق ضخم لمناقشة قضايا اقتصادية، خاصة في منطقة البحر الأحمر.

وأضاف مسؤول السلطة الفلسطينية: “أضر دفء العلاقات بين السعودية وإسرائيل بالسلطة الفلسطينية، يبدو أن إسرائيل لم تعد أكبر عدو للمنطقة بعد الآن”.

كما أكد موقع “تايمز أوف إسرائيل”، أن هناك لقاءات سرية عقدت في القاهرة، بين مسؤولين من المملكة العربية السعودية وإسرائيل، تزامنًا مع تواجد “ابن سلمان”، هناك في زيارته الرسمية لمصر.

الطيران الإسرائيلي يحلق فوق المملكة

واستمرارا للتمهيد في إقامة علاقات إسرائيلية سعودية على أعلى مستوى، سمحت المملكة العربية السعودية، لشركة طيران الهند (إير إنديا) الإذن للطيران فوق أراضيها عبر مسارات جديدة من وإلى تل أبيب، في مارس الماضي، وذلك لأول مرة في تاريخ البلدين، بحسب ما أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، “بنيامين نتنياهو”.

وجاء إعلان “نتنياهو” خلال حديث مقتضب لمراسلين إسرائيليين في واشنطن، بعد اجتماعه مع الرئيس الأمريكي، “دونالد ترامب”، وفق ما نشرت وكالة “رويترز”، الثلاثاء.

وسيكون رفع الحظر على استخدام المجال الجوي المفروض منذ 70 عامًا مؤشرًا فيما يبدو على انفراج في العلاقات بين “إسرائيل” والمملكة.

ويشار إلى أنه في فبراير الماضي، كانت أعلنت شركة طيران الهند أنها تعتزم البدء في تسيير ثلاث رحلات أسبوعيًّا إلى تل أبيب عبر الأراضي السعودية، لكن الهيئة العامة للطيران المدني بالرياض قالت في ذلك الوقت إنها لم تمنح أي إذن لطيران الهند.

وتنظم شركة طيران العال الإسرائيلية أربع رحلات أسبوعيًّا إلى مومباي لكنها تستغرق سبع ساعات؛ لأنها تأخذ مسارًا جنوبيًّا صوب إثيوبيا، ثم شرقًا تجاه الهند لتفادي المجال الجوي السعودي.

ضغوط سعودية لقبول صفقة القرن

لم تتوقف جهود بن سلمان في تقريب المسافات بين “إسرائيل والسعودية” عند حد بلاده وفقط، لكن “بن سلمان” بات يقدم قربانا تثبت ولاءه لإسرائيل أكثر من أي شخص آخر، حيث كشفت تقارير صحفية أن “بن سلمان” يقود ضعوطا سعودية على الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن للقبول بـ «صفقة السلام» التي تعرضها الولايات المتحدة الأميركية، والمعروفة بـ «صفقة القرن»، حسب ما نقل موقع إسرائيلي عن مصدرين فلسطينيين.

وكشف المسؤولان الفلسطينيان المقرّبان من السلطة في رام الله، لموقع «i24NEWS»، عن أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أبلغا الرئيس الفلسطيني أنه «لا خيار أمامه إلا أن يكون براجماتياً ويقبل الصفقة التي تُعرف باسم (صفقة القرن) التي يعرضها ترمب، والتي تشمل التنازل عن حق العودة الفلسطيني وعن إقامة العاصمة الفلسطينية في القدس الشرقية».

وذكر الموقع أن الضغط السعودي-المصري على القيادة الفلسطينية يشدد على أنه «على عباس عدم التحدي ومواصلة التمسك بمواقفه المتصلبة أمام الولايات المتحدة وإسرائيل»، معتبرين أن هذه «أفضل فرصة لتحقيق صفقة سلام الآن، وإلا فسيندم على ذلك مستقبلاً».

وأكد الموقع أن «عباس يتعرض لضغوط من عدد من الدول العربية، كالسعودية ومصر، لقبول تنازلات في بعض المسلّمات الفلسطينية، ومنها التنازل عن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وقبول أبوديس بدلاً منها، والتنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أن يتم توطين اللاجئين في البلدان التي يقطنون فيها، في حين أن الصفقة -كما كشفت معالمها- تمنح إسرائيل السيادة الكاملة على المواقع المقدسة في البلدية القديمة في القدس».

 

كتب / جلال ادريس