صمود وانتصار

من مواصفات أولياء الله

ثقافة |قرآنية

من يمثلون أولياء الله حقاً في واقع إيمانهم وتقواهم لهم مواصفات في القرآن الكريم تتجلى في سلوكهم، مواصفات تعكس واقع نفسياتهم، تتجلى في أعمالهم في واقع الحياة.

فلنعد إلى جملة آيات من القرآن الكريم تتحدث عن صفات أولياء الله، الذين هم المؤمنون، والمؤمنون الذين هم على هذا النحو، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (الشورى: من الآية36) أليست هذه واحدة؟ اتكالاً على الله من منطلق الثقة بالله، والاتكال على الله لا يعني أن نُوكِل الأمور إليه فندعه هو يعمل بدلاً عنا، ننطلق نحن في ميدان الحياة في واقع الحياة في أداء المسئوليات، في أداء المهام، ونحن نتكل عليه حيث نهتدي بهديه، حيث نلتجئ إليه، حيث ندعوه.

{آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} من منطلق إيمانهم بأن الله هو ربهم، من يهمه أمرهم، من يعمل على تدبير شؤونهم.

{وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} (الشورى:37)

 لاحظ كيف سلوكياتهم تكشف واقع نفسياتهم، التي ملؤها الإيمان الواعي، الإيمان الراسخ، الإيمان الذي لا ارتياب معه، هم يجتنبون كبائر الإثم حياء من الله، ولما لكبائر الإثم من أثر في جعلهم غير جديرين بتحقيق وعود الله على أيديهم ولهم.

{وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} لا يتجاوزون الحق، لديهم اهتمامات كبرى، لديهم حرص على رضى الله سبحانه وتعالى، فسيصفح وسيغفر لأخيه إذا ما بدرت منه إساءة أو زلة، هو لا يريد أن يغرق المجتمع في مشاكل ثانوية تصرفه عن القضايا المهمة التي يجب أن يعطيها كل اهتمامه، فهم عادةً إذا ما غضبوا لا يدفعهم غضبهم إلى التجاوز، ولا إلى الباطل، بل يغفرون أيضاً.

{وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ} (الشورى: من الآية38) لأنهم مؤمنون بربهم فاستجابوا له في كل ما أرشدهم إليه، وكل ما أراد منهم، وطلبه منهم.

{وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (الشورى: من الآية38) أمورهم وهم في ميادين المواجهة، في ميادين العمل على إعلاء كلمة الله، في كيف يحافظون على صلاح المجتمع، في كيف يحققون التعاون على البر والتقوى، في كيف يؤهلون أنفسهم ليكونوا أمة تدعوا إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، يتشاورون في أمورهم كيف نصنع؟ ما الذي ينبغي أن نعمل؟ يشعرون بمسئوليات كبيرة وعظيمة، وهم في نفس الوقت نفوس متآلفة قريبة من بعضها بعض، كلٌ منها ينصح، كل منها لديه رؤية من واقع اهتمامه بواقع الحياة، بوضعية الأمة، ليسوا من أولئك الذين تمر الأحداث، وتمر الوضعيات السيئة وهم لا يلتفتون إليها، ولا يحملون أي رؤية عملية نحوها، ولا يفكرون في ماذا يصنعون من أجل المخرج منها، فأنت لا تجد لديهم أي فكرة، أما هؤلاء فاهتماماتهم تجعلهم جديرين بأن يكون لديهم أفكار ذات قيمة في مجال بناء الأمة، في مجال المواجهة لأعداء الأمة، في مجال الحفاظ على صلاح المجتمع، لديهم رؤى، ومتى يمكن أن يكون لديك رؤى؟. عندما يكون لديك اهتمامات كبرى بواقع الأمة.

{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (الشورى: من الآية38) يبذلون أموالهم، ومما رزقناهم ينفقون من علمهم، من مالهم، من خبراتهم، بأقلامهم، بأيديهم، بكل ما رزقهم الله من إمكانيات ينفقون، ينفقون في مجال ماذا؟ في المجالات التي يجب أن تهمهم كمسلمين، كمسئولين أمام الله، كمؤمنين مصدقين بما وعد الله به المؤمنين في الدنيا وفي الآخر، فهم لا يبخلون؛ لأنهم يثقون بمثل قول الله تعالى {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}(سـبأ: من الآية39) {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} (الأنفال: من الآية60) أليست هذه وعوداً؟ لكنها تتطلب إيماناً، وتتطلب أن تكون أنت ممن يحمل اهتماماً من واقع إيمانك حتى تعرف مدى أثر ما تنفق، وتعرف أنه يجب أن تبذل مالك، وتبذل من كل ما رزقك الله من خبراتك، وإمكانياتك.

فهم هكذا شأنهم كمؤمنين واثقين بوعد الله، حريصين على رضا الله، عارفين أثر الإنفاق في تحقيق ما يَصْبُون إليه وما يريدون تحقيقه، فهم ينفقون.

{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} (الشورى:39) لديهم وعي إيماني بأن الصبر على الظلم لا يمثل إلا الضَّعَة والذلة والخنوع، لا قيمة له عند الله إذا لم يكن صبراً عملياً، إذا أصابهم البغي إيمانهم، تربيتهم الإيمانية ثقافتهم القرآنية جعلتهم يمتلكون نفوساً عالية، نفوساً أبيّة، نفوساً تفهم كيف ستكون العاقبة السيئة إذا ما خنعوا، إذا ما خضعوا إذا ما استُذِلوا وقُهروا كيف ستكون الحياة، كيف سيصبح الدين، كيف سيضيع الحق، كيف سيسود الباطل، كيف سينتشر الفساد، فهم ينتصرون، ينتصرون إذا أصابهم البغي في أنفسهم لأن نفوسهم أبية، نفوسهم كبيرة لا يطيقون السكوت على أن يُظلموا، وأن يُهضموا، وأن يُذلوا، ينتصرون لدينهم.

وعادة ما يكون أحياناً البغي عليهم هدفه البغي عليهم باعتبار ما يحملون في دينهم في كونهم هم طائفة محقة، في كونهم من يحملون اهتمامات بأمر الدين فالبغي عليهم هو عملية ضرب للدين من خلال ضربهم هم، فهم ينتصرون على من بغى عليهم، وليكن هدفه ما كان.

هكذا آية واحدة تعرض مثل هذه القيم المهمة، والصفات العليا لأولياء الله، هذه الصفات التي تجسد إيمانهم الحقيقي الصادق، والراسخ، الواعي.

يقول أيضاً سبحانه وتعالى عن المؤمنين، وهم بالطبع أولياؤه لأنه قال في مقدمة وصف أوليائه مَنهم؟ {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} آمنوا، كيف هذا الإيمان؟ هو هكذا إيمان من هذا النوع {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحجرات:15) وهؤلاء هم أولياء الله، الصادقون هم: أولياء الله، الصادقون في إيمانهم، آمنوا بالله ورسوله إيماناً واعياً لا ارتياب معه، ولا يمكن أن يتعرض لأي ارتياب أمام هذه الشبهة، أو هذه الدعاية، أو أمام هذه الإغراءات، أو هذا الترهيب، أو هذا الترغيب، إيماناً عملياً يفهمون الإيمان، الإيمان العملي الذي يجسدونه في التزاماتهم، وفي اهتماماتهم، أنه إيمان بقضايا، بمبادئ وعقائد، بأحكام تتطلب الالتزام بها وتتطلب أيضاً الدفاع عنها، وتتطلب أيضاً نشرها والعمل على إعلاء كلمة الله في سبيل تطبيقها وسيادتها في أرضه.

{وَجَاهِدُوْا}، جاهدوا من أجل ماذا جاهدوا ؟. وبماذا جاهدوا ؟. بأموالهم وأنفسهم، وهي أغلى ما يملك الإنسان: ماله ونفسه، فلتكن الأموال رخيصة، ولتكن النفوس رخيصة في سبيل من؟. في سبيل الله.

هؤلاء هم الصادقون، وحدهم هم الصادقون، والصادقون من هم؟. هم أولياؤه. أولياؤه من هم؟. هم الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. هم من لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، المؤمنون من هم؟. هم من ينتفعون بالذكرى إذا ما ذكروا، لماذا؟. لأن نفوسهم مهتمة، قلوبهم مفتحة لتستقبل الهدى لتنتفع بالذكرى، ولهذا قال الله لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}(الذاريات:55) وهم من سيحتاجون إلى الذكرى، وهم من تنفعهم الذكرى ؛لأنهم دائماً في عمل، في عمل وهم يزكون أنفسهم، وهم يصيغون نفسياتهم على أساس من هدي الله سبحانه وتعالى، وهم ينطلقون في سبيله، في سبيله يجاهدون بأموالهم وأنفسهم، يواجهون في مختلف ميادين المواجهة لأعداء الإسلام وأعداء الأمة، فهم من تنفع فيهم الذكرى، من تنفع فيهم الذكرى المستمرة، هم من تبنيهم الذكرى {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}. هم من قلوبهم التي ملئت إيماناً أصبحت على هذا النحو {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (الأنفال: من الآية2) لشعورها بعظمة الله، لخشيتها من الله، وخوفها من الله ورغبتها في رضى الله، ورغبتها في أن تحظى بقربه، ورغبتها في ما عنده.

وَجِلَت قلوبهم توجل، تخاف، تخفق، قلوب ما زالت مفتوحة لم يطبع الله عليها، لم يختم عليها، لم يضَع عليها أكِنَّة، لم تُدَنِّسْها السيئات لم تدنسها الخطيئات والمعاصي، لم تهيمن عليها العقائد الباطلة، لم تقفلها العقائد الباطلة، إنها قلوب تتعامل مع الله سبحانه وتعالى وتتلقى هداه، فكانت على هذا النحو تَوْجَل إذا ما ذكر الله.

{وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} (الأنفال: من الآية2) ففي كل جلسة يزدادون إيماناً، ومع كل آية يسمعونها، ومن خلال كل آية من آيات الله يسمعونها يزدادون إيماناً، فليسوا من أولئك الذين يقولون {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً؟ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (محمد: من الآية16)هؤلاء قلوبهم ليست ممن طبع الله عليها، بل قلوب مستنيرة، [تتلى عليهم آيات الله] فيزدادون إيماناً، وهم يرون أنفسهم دائماً بحاجة إلى أن يزدادوا إيماناً؛ لأنهم يعرفون ما هو الإيمان، وهم في ميادين العمل الإيماني يحتاجون دائماً إلى زيادة إيمان.

لماذا؟ لأن كل إيمان في الإسلام هو عملي، وكل عمل في الإسلام لـه غاية إيمانية، فيزدادون دائماً إيماناً، فتتجلى لهم الغايات فتتجلى لهم الوقائع والأحداث من خلال آيات الله سبحانه وتعالى التي تُتْلَى عليهم، تتجلى لهم من واقع الحياة، ومن خلال آيات الله في كتابه الكريم، تلك الحقائق التي ترسخ الإيمان في قلوبهم بصدق وعد الله لهم.

{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (الأنفال: من الآية2) ومن الذي يحتاج إلى أن يتوكل على الله إلا من لديه اهتمام بأمر الله، من هو دائم اللجوء إلى الله، من هو عظيم الثقة بالله، فتصبح صفة لديه، وتصبح صفة لديهم، هؤلاء المؤمنين أنهم دائماً على ربهم يتوكلون، لكن ليس ـ كما قلنا سابقاً ـ إيْكَال الأمور إليه فلينطلق هو، فيكون واقعهم كما قال بنوا إسرائيل لموسى {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (المائدة: من الآية24) .

يتوكلون على الله وهم في ميادين العمل لإصلاح الأمة والاهتمام بأمر الدين وإصلاح أنفسهم، اتكالهم على الله، اهتداؤهم به، استرشادهم به، التجاؤهم إليه، رجاؤهم العظيم فيه، أن يوفقهم ويرشدهم ويهديهم ويلطف بهم ويرعاهم.

{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} وما أكثر ما كُرر التأكيد على إقامة الصلاة، لم تأت حتى بلفظ [يصلون] {يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} هي تشبه في ما يتعلق بالزكاة { وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}، فالزكاة لأنك مؤمن أنت من تنطلق لتؤتيها فتدفعها أنت لا تنتظر إلى من يأتي ليأخذها قسراً منك، من واقع إيمانك وشعورك بالمسئولية أن تؤدي هذا الواجب العظيم عليك، الذي فيه رضاً لله سبحانه وتعالى، كذلك الصلاة هم حريصون على أن يصلّوا، ولكن صلاة قيَّمة، حريصون على أن تكون صلاة لها قيمتها فيقيمونها على النحو الذي شرعت له، ويعملون على أن يحصلوا من خلالها على تحقيق الغاية التي شُرعت لأجلها. والصلاة لها معانيها العظيمة، لها قيمتها الكبرى، لها أثرها العظيم، إذا ما فهمنا معاني الصلاة وكيف نقيمها.

{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}،نفس الكلام السابق تجد ليس هناك إيمان بدون إنفاق، بل أنت لا تحتاج إلى من يدفعك إلى الإنفاق في ما إذا فهمت مسئوليتك أمام الله سبحانه وتعالى، إذا ما أصبحت إنساناً تهتم بأمر دينه وعباده، إذا ما عملت كعضوٍ في أمة تنطلق في الدعوة إلى الخير، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، سترى ماثلاً أمام عينيك أهمية الإنفاق في هذه المجالات، إنما الذي يتقاعس عن بذل المال هو ذلك الذي لا يحمل أي اهتمام، وليس ربما في قلبه حتى مثقال ذرة من إيمان، يقرن الإنفاق هنا بالصلاة، الصلاة التي هي خير الأعمال، وأنت في ميدان الإقبال على الله سبحانه وتعالى يبرز الإنفاق في الجانب المالي من أهم الأعمال في ميدان العمل في سبيل الله تعالى.

{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} هذه طبيعتهم، وهذه عادتهم .. لاحظوا هنا يعرض صفاتهم التي هم عليها أصبحت شبه تلقائية لديهم، صفات أصبحت غرائز في نفوسهم: مجاهدين صادقين، يزدادون إيماناً، يتوكلون، يقيمون، ينفقون. لم تأتِ بشكل أوامر، هكذا أصبحوا، وهكذا يصبح من يكون إيمانه بالله إيماناً صادقاً؛ كأنه هنا يقول: هكذا يكون المؤمنون, عندما يقول: إنما المؤمنون, هكذا يكون المؤمنون، وهكذا هم المؤمنون حقيقة، الذين يكون شأنهم هكذا، إيمان بالله ورسوله لا ارتياب معه، جهاد في سبيله بالمال والنفس، إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، إذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً، يتوكلون على الله، يقيمون الصلاة ينفقون مما رزقناهم، هكذا شأنهم ..{أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً}(الأنفال: من الآية4) كما قال هناك {أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُوْنَ}.هنا: { أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً}

{لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}(الأنفال: من الآية74) والمؤمنون عادةً من يكون إيمانهم صادقاً بالله سبحانه وتعالى ويفهمون ماذا يعني الإيمان به، ماذا يعني، وما يتطلب من أعمال، وما يترتب عليه من مسئوليات، ينظرون إليها نظرة شرف وافتخار واعتزاز بها، أنهم أصبحوا من يحملها، هم فيما بينهم كالجسد الواحد، كلٌ منهم يحرص على أن تكون علاقته بأخيه علاقة قوية، إنما المؤمنون هكذا شأنهم {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}(التوبة: من الآية71) من واقع ماذا أصبحوا هكذا بعضهم أولياء بعض بعضهم مع بعض، يقفون مع بعض يتعاونون، يـبذلون معروفهم لبعضهم بعض، يقفون صفاً واحداً، كلمة واحدة، كتلة واحدة، جسداً واحداً، يهمهم أمر بعضهم بعض ؟ لأنهم نوعية تحمل شعوراً بمسئوليات كبرى، فينطلقون في البداية لتأهيل أنفسهم والحفاظ على وضعية تأهيلهم لأن يؤدوا مسئوليتهم التي ينظرون إليها كمسئولية كبرى لا يتحقق لهم صدق الإيمان مع التفريط بها، وأنها ليست من النوع الذي يـبحثون عن المبررات للتقاعس عنها.

هكذا هم بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر – كما قلنا أكثر من مرة – دائرة واسعة يشمل كل مجالات وشئون الدنيا والدين.

{وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة: من الآية71) ولاحظوا كيف يأتي الوعد بالمغفرة وبالرزق الكريم بالرحمة والجنة لهؤلاء الذين يقول عنهم هم الصادقون وهم المؤمنون حقاً، بعضهم أولياء بعض.  ليشعرنا بأن هؤلاء هم وحدهم الذين سيكون لهم هذا الجزاء العظيم. أوليسوا من يضعون لأنفسهم صِيَغاً إيمانية يُفَصِّلُونها على حسب وجهة نظرهم، وعلى الواقع الذي يريدون أن يكونوا عليه هم، هؤلاء ليسوا ممن يقول عنهم {أُولَئِكَ}، ليسوا من أولئك الذين لهم مغفرة ورزقاً كريماً، ولا من أولئك الذين سيرحمهم الله في دنياهم وآخرتهم لأن الله هو ربهم وهو العزيز الحكيم.

المؤمنون بلغ بهم إيمانهم إلى درجات عليا من الإنشداد نحو الله سبحانه وتعالى، والرغبة في الحصول على رضاه والرغبة فيما وعد به أولياءه المؤمنين فأصبحوا لا يحتاجون ـ تقريباً – إلى من يعرضهم على الله ليبيعهم منه، بل هم من ينطلقون ليبيعوا أنفسهم من الله، ليبيعوا أنفسهم وأموالهم من الله، فالله يأتي ليشتري، بالشكل الذي يوحي، وكأنها لم تحصل مساومة بل هم انطلقوا ليعرضوا أنفسهم وأموالهم في سوق الله، ليحصلوا على ذلك الثمن العظيم [الجنة]، {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}(التوبة: من الآية111) ماذا يريدون من أنفسهم وأموالهم عندما باعوها؟. هم يريدون الجنة. باعوها منه ابتغاء رضاه فمنحهم رضاه ومنحهم الجنة.

وعندما باعوها باعوها بصدق [بيع صَرْم نافذ] كما نقول في منطقنا [باعوها بيع صَرْم نافِذ وطَرَّقوا صَبّ وصَلَب وسَيْل وغَيْل] كما نقول نحن في مبايعنا على هذا النحو، فانطلقوا ليقاتلوا في سبيل الله، وليس فقط بيع ولا يزال فيه خيار، وشرط أن يشاور والده إذا رضي، ويشاور والدته إذا كانت ستوافق وأعجبها الثمن لا بأس سيبيع وإلا فلا. ليس هذا بل هو بيع صَرْم نافذ يريدون الجنة، يريدون رضا الله.

ففيما تَجَسُّد هذا البيع؟ تجسد في قتالهم في سبيل الله، ذلك الميدان الذي يتطلب بذل النفس والمال، فهاهنا يكون البيع، وهاهنا يكون الشراء من الله سبحانه وتعالى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}(التوبة: من الآية111) وعندما ينطلقون للقتال في سبيل الله لا يتصورون بأن مجرد البيع هو أن يحضروا ميدان المواجهة بل ينطلقون في خوض الصفوف في غَمَرَات الأهْوال يقاتلون.

وليس فقط يتفرجون كما كان بعض أولئك ممن يوصفون بأنهم عظماء فيقال عنهم بأنهم كانوا يحرسون رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في معركة بدر ومعارك أخرى فتراهم عندما تصول الصولة من جانب الكافرين يكونون هم من أول من ينهزمون فيتركون النبي (صلوات الله عليه وعلى آله)، فليسوا هم من قاتل في الميدان، وليسوا هم من حافظ على النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) في وقت الخطر، هذا ليس بيعاً.

هؤلاء ينطلقون ليقاتلوا بجدية في سبيل الله بأنفسهم وأموالهم، هم باعوها من الله، لم يبيعوا مجرد تحرك وهْمِي لينتظروا هذا الطرف أو هذا الطرف من الذي سيدفع أكثر لنـتحرك معه؟. لا.. ليحصلوا على أموال لأنهم قد خرجوا بشكلهم كمقاتلين خرجوا بشكلهم بآلتهم كمقاتلين فيريدون من الذي سيشتري، من الذي سيدفع أكثر من الأموال من الذي سيعطي بنادق، من الذي سيعطي ذخيرة، من الذي سيعطي رتب، من الذي سيعطي كذا ننطلق معه. هؤلاء ليسوا من هذا النوع، رأوا أن أنفسهم غالية، وفعلاً ((إن نفوسكم غالية ليس لها ثمن إلا الجنة)) هكذا ورد حديث بهذا المعنى عن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أن النفوس عظيمة وغالية ليس لها ثمن إلا الجنة، ماذا يعني؟. أبذلها في سبيل تحصل على الجنة.

هؤلاء انطلقوا يقاتلون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، فأمام إغراءات أعدائهم لا يفكرون أن يميلوا يميناً أو شمالاً؛ لأنهم لا يبحثون عن المال بل هم من باع المال، وأمام إرهاب وتخويف أعداء هم أيضاً ليسوا ممن يخاف الموت لأنهم من باعوا النفس أيضاً. فماذا يصنع معك العدو أكثر من أن يُرغِّبْ أو يُرهب، أكثر من أن يعد أو يتوعد؟ فتصبح كل الوعود لا قيمة لها، وكل التَّوَعُّد أمامك لا قيمة له، {بأن لهم الجنة}، وعدٌ إلهي صدقوا به أيضاً. هكذا هو شأن أولياء الله الذين آمنوا، تصديق بثقة بأن لهم الجنة، ويؤكد الوعد {وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ} (التوبة: من الآية111) أنني سأمنحهم الجنة فصدقوا وانطلقوا {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} (التوبة: من الآية111) ما الذي يمنعه من أن يفي بعهده؟، ومن الذي يمكن أن يحول بينه وبين أن يفي بعهده؟، ومن هو ذلك الطرف الذي يملك ما يملك الله؟ حتى يمكن أن يكون مثله بالوفاء بعهده، من هو ذلك الطرف الذي يمكن أن يكون أوفى من الله بعهده؟ لا، {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ} (التوبة: من الآية111) هذا ليس خسارة، هو بشارة {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة: من الآية111) .

المؤمنون الذين دفعهم إيمانهم وترسخ في نفوسهم من خلال هذا العمل ومن خلال هذا العمل، ومن خلال هذه الآية، ومن خلال تلك الكلمة، ومن خلال ذلك الموقف الذي تجسد في عمل الرسول ( صلوات الله عليه وعلى آله) ، لم يكن وليدة لحظة بل ترسخ في نفوسهم لأنهم كانوا هكذا {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ}(التوبة: من الآية112) هم هؤلاء المؤمنون الذين قال عنهم بأنهم باعوا أنفسهم من الله، كأنه قال هم الذين يمكن أن يصلوا إلى هذه الدرجة، هم أولئك الذين هم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله. وبشر المؤمنين. ما هي البشارة من جانب الله؟ رضوانه، والجنة، والفوز في الدنيا والآخرة، الكرامة في الدنيا والآخرة، العزة في الدنيا والآخرة.

(وهم من كان إيمانهم إيماناً كاملاً، إيماناً وهم يتجهون نحو الله سبحانه وتعالى فتبرز من كل جوارحهم ما يجسد إيمانهم حتى وهم يتحركون في الأرض سائحون في أعمال التجارة في مختلف الأغراض يسافرون فيكون سفرهم أيضاً مما يصبح عبادة من خلال تأملاتهم، ومن خلال اهتماماتهم بواقع الحياة، ومن خلال اهتمامهم ببناء الأمة، فخبرات من هنا ومن هنا يحصلون عليها في مجال بناء الأمة. سواء في تعاملهم مع الآخرين أو تعاملهم مع الله، هكذا {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}(الرعد: من الآية21)لأنهم مسلِّمون، ومستسلمون ونفوسهم سليمة، ومستسلمة لله ربهم وملكهم، وإلههم، وسيدهم، فهم لا يأنفون من أن يصلون ما أمر الله به أن يوصل، لأنهم عبَّدوا أنفسهم لله، {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}(الرعد: من الآية21) قلوبهم مملوءة بالخشية من الله، والخوف من يوم الحساب، أن يقفوا بين يديه فيحاسبوا حساباً عسيراً، لأنهم يعرفون ماذا وراء الحساب العسير أن وراءه النار.

{وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} (الرعد: من الآية22) أليست هذه الصفات يحكيها كواقعة ؟. صفات متجسدة فيهم في مختلف المجالات.{ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ } هذا هو الصبر العملي: الصبر على نقصٍ، في الأنفس على نقصٍ في الأموال، صبر على شدائد، صبر وهم يواجهون حصارات اقتصادية، صبر وهم يواجهون هجمات إعلامية ؛لأنهم في ميدان العمل بوعي وثقة بالله وصدق مع الله، منطلقين في أعمالهم من واقع الوفاء بعهد الله، ومواثيقه، والحرص على أن يصلوا ما أمر الله به أن يوصل فلا ينقطع في نصف الطريق الذي أمرهم الله بأن يواصلوا السير عليه، إلى الغاية المنشودة التي يجب أن يسعوا لأن يصلوا وهم في طريقهم إليها، وهم عندما يصبرون يصبرون ابتغاء وجه ربهم؛ لأنهم مخلصون له فلا ينتظرون ثناء من ذا أو من ذاك .

{ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ}، فهذا هو الصبر العملي، الصبر الذي منـزلته من الإيمان بمنـزلة الرأس من الجسد. أما ذلك الصبر على الذل، الصبر على الخضوع، الصبر على القهر، الصبر والباطل يسود، والفساد ينتشر، والحق ضائع، والناس يظلمون، ويقهرون، وعباد الله يستضعفون، واليهود والنصارى يتحركون هنا وهناك، وأمريكا وإسرائيل تتحرك هنا وهناك، الصبر في هذه المرحلة هو ذل، لا يمكن أن يسمى صبراً، إنه ذل بكل ما تعنيه الكلمة، إنه ضياع للإيمان، إنه انحطاط في النفوس. هؤلاء المؤمنون يصبرون في ميادين العمل في مواجهة أعداء الله، ويتحملون مختلف الشدائد، مهما كانت؛ لأنهم صبروا ابتغاء وجه ربهم.

سواء طالت المرحلة أو قصرت، هم حتى لم يضعوا لأنفسهم حداً معيناً هناك، أننا نتحرك إلى هذا المستوى، إلى هذه النقطة، لا بأس سنصبر إلى هنا.. لا. هم صبروا ابتغاء وجه ربهم، وهذا هو الصبر في المجالات المفتوحة، في المجالات نحو الغايات الطويلة، نحو أداء المهام الكبيرة، فهم لا يقولون: فقط سنصبر إلى هنا ثم بعد لا. [وجه الله] الله لا يزال باقياً، وحاجتهم إليه كمؤمنين في أن يحصلوا على رضاه ما تزال أيضاً قائمة، فليس هناك حدود فيما بينهم وبين الله، ليس هناك نقاط تحدد ما يطلبونه من الله، وما يبتغونه، وما يعملونه ابتغاء وجهه.

ولأنهم يصبرون ابتغاء وجه الله يصبح للصبر طعمه الحلو لديهم فعلاً. كان يقول أحد الأئمة وهو يتشرد بأنه يرى نفسه في نعمة عظيمة، أنه أصبح يرى أنه استطاع أن يخيف الظالمين وأن يتخوف منهم، وهو يتشرد ويواجه التعب والجوع، أصبح بتلك الحالة التي تعتبر مظهراً من مظاهر الصبر وهو في ميدان العمل أصبح يراها نعمة، أوليس الإنسان ينظر إلى النعمة نظرة يرتاح لها ويلْتَذ بها كأنهم -لأنهم صبروا ابتغاء وجه الله- لا يرون أنفسهم، ولا ينظرون إلى واقعهم وهم في ميدان العمل فيرون أنفسهم أنه قد أجهدهم هذا فأصبحوا على حافَّةٍ من الملل ومن التخلي، ومهما بلغت الأمور إليه، فالمسألة هي ازدياد من الصبر والازدياد من الصبر ابتغاء وجه الله، يعني الحظوة برضاه أكثر،والقرب منه أكثر.

{وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ }(الرعد: من الآية22) لاحظوا كم تتكرر هذه الآيات وعلى هذا النحو الصلاة والإنفاق، الصلاة والإنفاق، فأين أولئك الذين يزعجون الناس بصلاتهم وبمكر فو نا تهم، ثم لا ينفقون في سبيل الله، ليفهموا أنه لا قيمة لصلاتهم إذا لم يتحركوا للإنفاق في سبيل الله، حين تصلي صلاة جديرة بأن ترفع لها ولو عدة أجهزة من مكبرات الصوت، صلاة ولو تريد أن يسمعها الناس على بعد مسافات بعيدة فلتكن صلاة معها ذلك المُقَوِّم الآخر الذي يجعلها قيّمةً هو الإنفاق في سبيل الله سبحانه وتعالى.

وتأمل هنا في كم آيات يقرن الإنفاق في سبيله بالصلاة {وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً}(الرعد: من الآية22) في كل الحالات في كل الظروف، وهم أيضاً هؤلاء المؤمنون ممن يهمهم أمر دينهم، وأمر أمتهم فيحرصون جداً على وحدة كلمتهم، وصلاح ذات بينهم.

{وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} (الرعد: من الآية22) يدفعون بالكلمة الحسنة، بالقضية الحسنة، بالموقف الحسن السيئةَ، الكلمة السيئة البَادِرَة السيئة، الزلة السيئة من طرف آخر منهم يدفعونها؛ لأنهم يعرفون قيمتها، أنه لا بد أن نتعامل هكذا فيما بيننا، لنحافظ على صلاح ذات بيننا، لنبقى أمة تستطيع أن تؤدي ما أوجب الله عليها، وما حملها، مسئوليته من الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعمل على إعلاء كلمته، وإصلاح عباده، ونشر دينه، فهم حريصون.

وهم يعرفون قيمة ما يتركه الدرء بالحسنة، ما يتركه من أثر في الطرف الآخر، من خلال قول الله سبحانه وتعالى في آية أخرى {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}(فصلت:34)

 أنا سأدفع السيئة التي بدرت منك بشكل زلة أدفعها بالكلمة الحسنة، ولا أرد بالكلمة عشراً، عندما تكون أنت طرف لا تزال إنسان لا تزال يمكن أن تسمى إنسان فأنت ستبادل الشعور وسأراك وأنت منكسر الخاطر أمام موقفي الحسن، فتصبح تنظر إليّ، وأنت تشعر بقربك مني وكأنك وليٌ حميم أي صديق مقرب لي، هكذا يترك كظم الغيظ والعفو والدرء للسيئة بالحسنة، الدفع.

{وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} (الرعد: من الآية22) الجنة، العاقبة الحسنة في الدار في الدنيا وفي الآخرة، في الآخرة جنات عدن إقامة وخلود.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

[سورة المائدة – الدرس الرابع ]