صمود وانتصار

الإعلام العربي المخطوف سعوديا..

هاشم أحمد شرف الدين

قبل إحدى وعشرين سنة من الآن حين كنا طلابا ندرس في الجامعة مادة “إعلام عربي” كنا نتساءل: أين هو الإعلام العربي هذا؟، فنحن كيمنيين لم نكن نتعرض سوى لإعلام يمني رسمي يحتكر النظام الحاكم وسائله الجماهيرية، حالنا كحال أي شعب عربي ليس سوى مجرد متلق لإعلام نظامه الحاكم، فكيف سنعرف أين يكون هذا الإعلام ونحن لا نتلقاه ولا نعرف مصدره!؟..

لكننا بديهيا أدركنا ماهيته، فمصطلح “الإعلام العربي” يشير إلى أنه ذلك الذي يعنى برسالة إعلامية تخدم القضايا العربية وفي مقدمتها “فلسطين” و “الوحدة العربية”، ويقدم صورة مشرقة عن العرب والمسلمين..

ثم حينما شهدت السنوات اللاحقة ظهور مئات القنوات التلفزيونية العربية – الرسمية وغير الرسمية – وصار بإمكان المشاهد العربي متابعتها عبر الأقمار الاصطناعية توقعنا أن ندرك أخيرا إجابة السؤال، لكن خابت توقعاتنا، وظل قائما: أين هو هذا الإعلام؟

إذ لم تكشف بداية عصر الفضاء الإعلامي العربي سوى عن تناول محدود لتلك القضايا عبر وسائل إعلام معدودة حاولت مخاطبة العرب كل العرب..

وبعد مرور عشر سنوات من عمر قنوات التلفزيون الفضائية العربية أي في عام 2005م ومع كل الاعتداءات التي تعرض لها العرب في فلسطين ولبنان والعراق انتظرنا إعلاما عربيا ينبري للدفاع عن الأمة وهويتها ويوصل رسالتها، لكن ما حدث هو العكس، فمنذ ذلك التاريخ انتشرت برامج المسابقات الفنية والشعرية وما عرفت ببرامج “تلفزيون الواقع” التي تجمع متنافسين من الأقطار العربية وتحظى بمتابعة جماهيرية، فعززت الانتماءات القطرية، وأشعلت الأحقاد بين بعض الشعوب..

ومع بداية ما عرف بالربيع العربي وخلال أربع سنوات غاب الخطاب المقاوم للوجود الصهيوني في غالبية وسائل الإعلام العربية غيابا ملفتا، في مقابل تركيزها على إثارة الفتن الداخلية في بعض الأقطار العربية ممن هي مصنفة على محور الممانعة..

أما بالعدوان السعودي الأمريكي الإسرائيلي على اليمن فقد انتقلت غالبية وسائل الإعلام العربية ليس إلى مرحلة التخلي عن طرح القضايا العربية الأساسية وحسب، بل إلى المجاهرة بصداقة العدو الإسرائيلي وتقديم أصل العرب أعداء للعرب!..

وها نحن صرنا قريبين جدا من إجابة السؤال: أين الإعلام العربي؟

فمن قاد هذا العدوان على اليمن هو ذاته من يرسم سياسة الإعلام العربي اليوم..

من يدعم الفتنة في سورية وفي العراق هو ذاته من يصوغ رسالة الإعلام العربي اليوم..

من يطبع مع اسرائيل ويعمل ضد المقاومة في فلسطين ولبنان هو ذاته من يمول الإعلام العربي اليوم..

من يدعم التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش هو من يشوه صورة العرب والمسلمين اليوم..

أولئك خطفوا إعلامنا، لكنهم لن يخطفوا أحلامنا..

أولئك سرقوا وحدتنا، لكنهم لن يسرقوا عزتنا..

أولئك سلبونا راحتنا، لكنهم لن يسلبوا حريتنا..

ومضة:

لم تعد صعبة إجابة السؤال..

فحيثما تكون المقاومة العربية للأمريكي والإسرائيلي وعملائهما من صهاينة العرب يكون الإعلام العربي الحقيقي..