مبادرة السيد وقبح العدوان
الصمود
كما هو معلوم في تاريخ الحروب السابقة، وعمليات الاحتلال والاستعمار، أن الحروب لا تنحصر فقط على الحرب العسكرية فقط، بل تتيع لتشمل الحرب الإعلامية والناعمة والثقافية، وكذلك الحرب الاقتصادية، وعندما عجزت قوى تحالف العدوان على اليمن في المواجهات العسكرية، وتلقيها الهزائم النكراء، فقد لجئت الى كل ما من شأنه إضعاف الشعب اليمني في المجالات الأخرى كما هو واقع حال قوى العدوان في استهدافه لكل مجالات الحياة بحق الشعب اليمني، لاسيما وأن هدف قوى تحالف العدوان بشن ّعدوانهم على اليمن، هو السيطرة والتحكم بمضيق باب المندب، واحتلال السواحل والجزر اليمنية، وكذلك نهب الثروات من خلال السيطرة على منابع النفط والغاز في اليمن، وهذا ما تجلى بوضوح على ارض الواقع من خلال ما قام به تحالف العدوان باحتلال المحافظات الساحلية والتي يوجد بها موانئ وتحتوي في باطنها ثروات نفطية وغازية، فسارع الى احتلال محافظات عدن وحضرموت وشبوة وابين ولحج ومأرب والمخاء، ناهيك عن جزيرة ميون وسقطرى.
وكان يهدف العدو من وراء احتلاله للسواحل والموانئ والمطارات والمنافذ اليمنية أن يفرض حصارا ًخانقا ًعلى ابناء الشعب اليمني كاملا ً حتى يستسلم ويخضع للمخططات الاستعمارية الصهيوامريكية، ولم يتبقى غير ميناء الحديدة والذي يعتبر الشريان الرئيسي لليمن، والذي يمد جميع محافظات اليمن بالمواد الغذائية والمشتقات النفطية، في الوقت الذي تخضع فيه جميع السفن والبواخر التجارية التي تصل الى ميناء الحديدة للتفتيش من قبل قوات تحالف العدوان، وذلك تحت ذريعة تهريب الأسلحة.
تحالف العدوان يتعمد استهداف الشعب
وفي سياق الحرب الاقتصادية فقد تعمد العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الغاشم استهداف الشعب اليمني وخصوصاً الموظفين منهم فقد أقدم على خطوات كشفت نواياه الخبيثة وكان أهمها تعطيل البنك المركزي، وتجفيف منابع الايرادات، وصولاً الى نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن بهدف عدم صرف المرتبات للموظفين في الشمال، وتزامن ذلك مع عمليات التضليل والتهويل الواسعة التي جند لها العدو شذاذ الآفاق والحمقى محاولين زعزعة ثقة الشعب بالمجلس السياسي الأعلى وهو مافشل ، ومن ثم عمدوا في محاولة مستميته بالسيطرة على الحديدة لاستكمال الحصار وتكثيف السخط الشعبي، وبعد فشلهم الذريع في ذلك مازالوا مستمرين مجددا بمؤامرة منظمة لتدمير الاقتصاد من خلال طباعة المزيد من العملة الجديدة.
وبالتزامن مع المساعي الحثيثة لقوى العدوان بالسيطرة على الحديدة وتشديد الحصار على الشعب اليمني، فإنها تقوم في الوقت نفسه عبر مرتزقتها في حكومة العمالة بالاستمرار في طباعة مليارات من العملة المحلية، والغرض من هذا ليس الحاجة الى النقد لاسيما وان معظم المنابع الإرادية من النفط والغاز..الخ، تحت سيطرتهم، وانما الهدف هو العمل على تدمير الاقتصاد اليمني والتي ستكون نتائجه كارثية على جميع أبناء الشعب سواء في الشمال أو الجنوب ، ومن المعلوم تفاقم المأساة لدى عموم المواطنين اليمنيين وذلك جرّاء الحرب الاقتصادية والحصار الذي تفرضه قوى تحالف العدوان، حيث تجلت الحرب الاقتصادية الممنهجة باستهداف البنية التحتية للاقتصاد اليمني والتي كان لها تأثير كبير على ايرادات الدولة ، واستهداف الموانئ والمطارات والمنافذ البرية وحرمان الدولة من مليارات الريالات من عائدات الضرائب والجمارك، ووقف كافة القطاعات الانتاجية النفطية التي تمول الموازنة العامة بـنسبة 75%.
ومنذ الوهلة الاولى من شن العدوان الأمريكي السعودي على اليمن، كان البنك المركزي اليمني يمارس أعماله بحيادية تامة، وذلك باعتبار أنه مؤسسة سيادية مستقله، فكان يقوم بصرف مرتبات جميع موظفي الدولة في شمال البلاد وجنوبها وبلا استثناء، حيث تمكنت اللجنة الثورية العليا آنذاك من صرف رواتب الموظفّين على امتداد اليمن من دون تأخير، حتى لموظفي الدولة في المحافظات الجنوبية، حيث ظل أكثر من مليون موظف يمني يتقاضون مرتباتهم الشهرية من دون انقطاع في مختلف المحافظات اليمنية”، لمدة ما يقارب من عام وتسعة أشهر، وذلك على الرغم من استمرار العدوان الجائر والحصار الاقتصادي الذي يفرضه التحالف الامريكي السعودي على اليمن وتراجع عائدات الإيرادات الضريبية والجمركية بسبب الحصار والعدوان، وفي ظل توقف معظم موارد الموازنة العامة للدولة التي تعتمد إيراداتها المالية على 70% على عائدات النفط ، ولم يكن لشح الموارد الرئيسية للموازنة أي تأثيرات سلبية في حياة موظفي الدولة في القطاعين المدني والعسكري.
ولهذا، سارعت قوى العدوان من خلال مرتزقتها وعلى رأسهم الخائن هادي وزمرته الى فرض عقاب جماعي على الشعب اليمني واستهداف لقمة عيشة، حيث عمدت الى اتخاذ عدة اجراءات عقابية في سياق فرض المزيد من الحصار والعقاب الجماعي على معظم أبناء الشعب في سبيل تعطيل البنك المركزي، حيث تم منع تصدير النفط والغاز المسال رغم القدرة على التشغيل والتصدير، ومنع وصول المبالغ المستحقة لليمن على شركات نفطية، لاسيما وأن موارد البنك المركزي تعتمد على تصدير النفط والغاز وبعض الصادرات والمساعدات والقروض وتحويلات المغتربين والموارد المحلية كالضرائب والجمارك ونحوها، حيث توقفت كل هذه الموارد بسبب العدوان، ولم يتبق سوى تحويلات المغتربين والقليل من الضرائب والجمارك الذي عمل العدوان وبمعية كبار المنافقين في الرياض من حجزها ومنعها، ليتم بعد ذلك القيام بخطوة نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء الى عدن بغية تحويل لقمة عيش المواطن اليمني إلى أداة حربـ ليتجلى بوضوح من هو المسؤول عن عدم صرف الرواتب ؟.
ورغم كل تلك المحاولات التي تستهدف لقمة العيش الكريم للمواطن اليمني، إلّا أن المجلس السياسي الاعلى ما يزال يعمل ليل نهار على توفير الحد الأدنى من مرتبات موظفي الدولة ، ويعمل جاهداً على تعزيز الإيرادات المحدودة اصلاً، وذلك انطلاقاً من واجبهم الوطني والإنْسَاني والأَخْلَاقي تجاه شعبهم، وبعيداً عن المزايدات.
الى ماذا يشير طباعة مليارات الريالات اليمنية؟
من وجهة نظر اقتصادية، يرى محللون اقتصاديون إن طباعة نقود دون أن يكون لها غطاء يؤدي تدهور سعر صرف الريال اليمني مقابل العملة الأجنبية الدولار، مما يشكل ضغط هائل ومضاعف على المعروض من النقد الاجنبي وبما يؤدي إلى ارتفاع اسعار العملات الأجنبية، وهذا يؤدي إلى نتيجة أساسية واحدة، هي ارتفاع الأسعار المواد الغذائية التي يتم استيرادها بالعملة الأجنبية، حيث ترتبط أسعار السلع في السوق المحلية بأسعار الصرف؛ لأن غالبيتها يتم استيراده من الخارج بالدولار الأمريكي، وبيعه محليا بالريال اليمني، ويتحمل المستهلك النهائي فروق أسعار الصرف.
وفي ظلّ تدهور الاقتصاديّ المستمرّ، فقد وصل انهيار الريال اليمنيّ أمام الدولار إلى أعلى مستوياته خلال الشهر الماضي، مسجّلاً ما يقارب 500 ريالاً يمنيّاً، مقابل الدولار الواحد، حيث كان الدولار الواحد يساوي 215 ريالاً يمنيّاً قبل بدء العدوان في مارس من عام 2015.
وفي الوقت الذي تستمر فيه حكومة العمالة والفساد في طباعة مليارات الريالات اليمنية بدون أي احترازات اقتصادية، فإن طباعة مليارات الريالات يشير الى تدهور العملة اليمنية (الريال)، وهذا يعني أن الوضع الاقتصادي في اليمن سيشهد ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والضرورية، يصل الى أضعاف أسعارها الحالية، وكذلك أسعار المشتقات النفطية والغاز والتي ستزيد من معاناة المواطن اليمني، ليتضح كذب وأفترى من يقول إن حكومة الإرتزاق تطبع عملة جديدة من أجل صرف رواتب الموظفين.
وإذا لم يعّي المواطن اليمني بخطورة المؤامرة في تدمير العملة الوطنية، فان الكارثة ستعُم على الجميع، وعلى الشعب أن يستوعب خطورة ذلك، وان يعرف ان القرار الاقتصادي بعدم التعامل بالعملة المطبوعة حديثا هو الحل الامثل لمقاومة هذه المؤامرة التدميرية، حيث قامت حكومة الإنقاذ الوطني بخطوة جيدة، وذلك باتخاذ قرار بمنع تداول العملة المطبوعة حديثاً، وذلك بهدف المحافظة على أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني، في ضل مساعي العدوان الرامية الى تدهور الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، ليكون المواطن اليمني تجاه مسؤولية أمام الله أولاً، ثم أمام الوطن والشعب، وذلك في أن يكون مُتعاون مع قرار حكومته بمنع تداول العملة المطبوعة الجديدة.
السيد القائد يضع النقاط على الحروف:
في الوقت الذي تكثف فيه قوى العدوان ومرتزقتهم جهودهم الإعلامية في التضليل والتهويل في معاناة المواطنين واستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها، يطل السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي ليضع النقاط على الحروف، وينسف كل ذلك التضليل والتهويل بخطاب موجز ومركز يفنّد فيه كل اقاويل ومزاعم وخزعبلات قوى العدوان ومرتزقتهم، ويقدم في الوقت نفسه المعالجات الحقيقة ولو على حساب تقديم المزيد من التنازلات في سبيل التخفيف من معاناة المواطنين ..
وحول آخر التطورات والاحداث المرتبطة بالعدوان السعودي الأمريكي وبالذات ما يخص منها معركة الساحل الغربي، أكد السيد القائد أن الحقائق باتت جلية في أن هدف العدوان السيطرة على الأرض والإنسان، وأن محاولة الغزو الساحل الغربي جزء منه.
وفي سياق الذرائع التي تروج لها قوى العدوان لغزو الساحل الغربي، أكد السيد القائد انها ذرائع واهية، وتولى الرد عليها، وبخصوص ذريعة تجفيف منابع الإيرادات التي تستخدم لتمويل المواجهة العسكرية للعدوان على حد زعمهم ، اردف السيد القائد بالقول كم هي الايرادات وكم النفقات التي تحتاجها الحكومة لتشغيل المستشفيات والمرافق الصحية والحيوية الضرورية، بالإضافة لما يتم توفيره لمعالجة أزمة المرتبات كنصف راتب كل فترة شهرين أو أكثر ، ورغم كل ذلك كشف السيد القائد على الموافقة على قيام الأمم المتحدة بالدور الرقابي والفني واللوجستي فيما يخص ايرادات ميناء الحديدة بشرط أن تجمع تلك الأموال مع الأموال التي تأتي من النفط والغاز والموانئ والمنافذ الأخرى التي تحت الاحتلال وتورد للبنك المركزي اليمني بالعاصمة صنعاء وتصرف كرواتب لجميع الموظفين ،وهو هنا كشف التحالف على حقيقته النجسة حيث رفضت قوى العدوان كل هذه الأمور بل وخونت المبعوث الأممي ليتضح للعالمين جميعاً أنهم فقط يتاجرون في معاناة الشعب اليمني المسلم وكلما ازداد الوضع سوءاً كلما ارتاحوا فهم لا يريدون حلاً يحقن دماء الشعب اليمني ويؤمن لهم لقمة عيشهم . كما ظهر السيد القائد والمجلس السياسي الأعلى على أعلى درجات الاهتمام بالشعب المظلوم مجددين حرصهم على أن يتمتع المواطن اليمني بلقمة عيش كريمة وعزيزة .