(أساس وأصل الحرب الناعمة)
الصمود / 5 / أغسطس
بقلم/ شرف الزين
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيطان الرجيم عليه لعائن الله هو أول من استخدم الحرب الناعمة واتخذها في عداوته مع بني آدم وذلك ابتداءا مع آدم وزوجه حواء وحتى يرث الله الأرض ومن عليها وهي مرتكزه الأساس في الاظلال والغواية وليس له وسيلة غيرها.
وشياطين الانس إذ يشنون الحروب الخشنة ابتداءا بتأثير الأهواء والأطماع في تلك الحرب الشيطانية الناعمة إلا أنهم لم يجدون بداً في نهاية المطاف من استخدامها هم في عداواتهم مع الآخرين وبذات الاسلوب الشيطاني الذي انتهجه إبليس الرجيم مع أبونا آدم ولكن مع الفارق في مزاوجتها بحرب خشنة إن لزم لديهم الأمر.
وهنا نقف عند الاسلوب و والسيلة التي اعتمد إبليس عليها في شن حربه الناعمة على أبونا آدم و أمنا حواء والنتيجة التي حققها لنقف عند الابعاد والتداعيات و ما الذي يجب لتجنب آثار الحرب الناعمة التي يشنها الأعداء على هذه الأمة.
بداية باستقراء آيات القرآن العظيم مع واقع أنفسنا، نجد أن الشيطان الرجيم اعتمد على اسلوب (الخداع الغير مباشر) بالاعتماد أولاً على معرفة السنن الإلهية التي فقهها من خلال تحربته العبادية وتعامله مع الله خلال الفترة التي قضاها كشخصٍ من الجن في قومه ، حيث التزم بتوجيهات الله وما اقتضته الفطرة الإلهية التي فطرة الله عليها حتى ارتقى بعبادته وصار طاووساً للملائكة، بل لقد شمله الخطاب في هذه المنزلة التي وصل إليها وكأنه ملاك حيث قال الله في ذلك حين أمر الملائة بالسجود لآدم وإبليس كان من بينهم في الأمر بالسجود : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) [سورة البقرة 34].
وهنا الآية واضحة في أن إبليس لم يكن الوحيد في الرافضين للسجود لآدم من الجن بل كان معه غيره من الجن الذين رفضوا معه السجود لآدم ولكنه ذكر في الآية مع الملائكة للمنزلة التي وصل إليها وإلا لما استثنى إبليس من الملائكة و قال :
(إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) وفي آية أخرى سبحانه وتعالى:
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا)[سورة الكهف 50]
وهنا إبليس بات يفقه منزلته التي وصل إليها من بين الجن وقطعاً هو يعرف حقيقة خلقه وتكوينه بأنه من الجن، فالله :(قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)
[سورة اﻷعراف 12].
وفي هذه المنزلة التي يعرف فيها إبليس نفسه بأنه دون الملائكة في الخلق والتكوين، حاول أن يواري كبره و يضع لنفسه مبرراً في عدم السجود بأن آدم دونه في الخلق والتكوين، (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِين) .
وحين لم تجدى المبررات وقضي الله الأمر ،(قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا ۖ لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ)
[سورة اﻷعراف 18]،
عنده هذا الأمر المقضي بخروج إبليس من رحمة الله وهبوطه من المكانة التي وصل إليها، ترسخت لدى إبليس السنة الإلهية بأن، (من سلم لله والتزم على وارتقى ومن خالف و ابتعد هوى وسقط).
وهذا كان هو الأساس الأول و المرتكز في الحرب الناعمة التي اتخذها إبليس في عداوته لآدم وذريته وهي، (معرفة السنن الإلهية وبناء المواجهة والخطط على أساس هذه المعرفة).
الأساس الثتاني كان هو، (الاسقاط على النفس) فابليس اسقط آدم على نفسه من خلال أن الله حين اطلع الملائكة بأنه سيجعل في الأرض خليفة واعلمهم بما سيكونون عليه من اقتتال وصراع يكون هو السائد بتغليب اتباع الهوى والنفس ، حين اطلعهم الله على ذلك وحين كان إبليس من المُخبرين مع الملائكة بذلك فقد قاس على نفسه وما به والجن من حب للحياة وكراهية للموت فقد جعل من هذا المرتكز والوتر الحساس الذي يضرب عليه ابتداءا حتى يتسنى له من خلال التجربة وما سيوحي له مع المدى شياطين الإنس من معرفة فطلب من الله أن ينظره :(قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ، قَالَ إنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)[سورة اﻷعراف 14و15].
وبدأ إبليس في حربه الناعمة كما سنوضح في الحلقة القادمة إنشاء الله.