الإمارات والسعودية وهويتهما الصهيونية بقلم/ عبدالسلام التويتي
الصمود | كتابات
كانت علاقات بعض دول الخليج بالكيان الصهيوني إلى ما قبل عدة سنوات –لما أحيطت بهِ من سرية شديدة- مجرد توقعات، حتى أن الكُتاب المُتعيشيِّن على ما يتساقط من موائد حكام تلك الأنظمة من فتات كانوا يعتبرون الخوض في هذه القضية أو مُجرد التلميح إليها-في وقت من الأوقات-نوعًا من الافتئات. أما الآن فقد بات التقارب بينهما سافرًا للعيان، وقد بات ما يجمع تلك الدول –لاسيما السعودية والإمارات- بالدولة العبرية من الفعاليات ما يدلُّ دلالة قاطعة على أن تلك العلاقات ذات جذور قديمة وأنها تعكس –بعكس ما هو ظاهرٌ- ما كان يربطهما بذلك الكيان منذ زمان من علاقة حميمة، وبما يعيد إلى الأذهان أصداء تلك الأصوات ذات النفس القومي التي كانت تذهب إلى أن تلك الأنظمة –وبخاصة النظام السعودي- لا تتعدى كونها صنيعة بريطانية عملت بريطانيا على إنشائها بالتزامن مع نشوء الكيان الصهيوني وأخذت عليها –إلى جانب ما اضطلعت بهِ من دور العمالة- الضمانات اللازمة على العمل -أولاً بأول-على حماية هذا الكيان الدخيل من خطر الإزالة، حتى وإن اقتضت الضرورة أن يخوضوا الحرب مع محيطهم العربي الإسلامي بالوكالة، بالإضافة إلى ما كان يتردد من همس خفي فحواه أن النظام السعودي ممولٌ رئيسي للبرنامج النووي الصهيوني الذي ضَمِنَ للدولة العبرية قوة ردع تُرهب بها عالمنا العربي. وقد تّأَكَدَ مؤخرًا صدق تلك الادِّعاءات، لا سيما بعد أن آلت مقاليد الأمور في السعودية إلى العميل محمد بن سلمان في ظل سيطرة العميل محمد بن زايد على مقاليد الحكم في الإمارات وتَهَافُتِ العميلين المُبتذلين على تقمُّص الصَهْيَنَة بصورة شبه معلنة. ومن المفيد على هذا الصعيد الإشارة إلى أن تقارير إخبارية لوكالات إعلام غربية رصدت أكثر من زيارة للعميل “ابن سلمان” لدولة الكيان الصهيوني والتقائه أكثر من مسؤول إسرائيلي بصورة سرية كَشَفَ عن إحداها الصحافي الإسرائيلي”أرييل كهانا” المُحرر في أسبوعية “ماكور ريشون” اليمينية المُتطرِّفة،في تغريدة له على موقع “تويتر” في أكتوبر 2017الفائت أن”ابن سلمان زار إسرائيل برفقة وفد أمني واستخباراتي كبير ضَمَّ الجنرال المُتقاعد أنور عشقي، والتقى مسؤولين إسرائيليين وعلى رأسهم “بنيامين نتنياهو”، وتباحث معهم حول الاتفاق على آلية دفاعية عسكرية مشتركة للبلدين تمكنهما من التصدي للخطر الإيراني”. ولعل آخر فعالية تعدُّ الأكثر دلالة على ما كان يضمره ذانك النظامان العميلان من مطلق الولاء للصهاينة الدخلاء ذلك المؤتمرُ الدوليُّ الذي عُقِدَ في الـ٢٦من سبتمبر الماضي في “نيو يورك” وجمع كلاًّ من يوسف العُتيبة سفير دولة الإمارات لدى الولايات المتحدة وعادل الجبير وزير خارجية السعودية برئيس جهاز الموساد الصهيوني “يوسي كوهين”، وهو اجتماع يعكس –في الأول والأخير- ما باتت تشعر به الأنظمة الثلاثة من وحدة المصير، وفي ظلِّ ما بدأ يتراءى للجميع من هرولة النظامين الخليجيين نحو التطبيع في العلن، فلم يعُد هذا اللقاء الحميمي بمستغرب، لكن وجه الغرابة يكمن في بعض مضامين كلمة السفير الإماراتي العُتيبة التي وضعت الثلاثة البلدان في اصطفاف لمواجهة خطر إيران مؤكدًا –وبشكلٍ مُعلن- على أن أنسب مكان لتصفية حساباتهما وحسابات حليفتهما مع إيران هو ثرى يمن الحكمة والإيمان. ومن المُلفت جدًّا ما حملته تلك الكلمة من دلالات التعاطف مع هذا الكيان وبنبرة تعكسُ ما تختزنه نفسه للدولة العبرية من مشاعر الإشفاق حتى يتراءى للمُنصت إلى كلماته المفعمة بالشفقة والحنان وكأنه يتحدث عن إخوانه أو أبناء عمومته أو أنه يدافع عن أصله وأرومته. وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدلُّ على أن الصَهْيَنَةَ ليست مُسمَّياتٍ أو شعارات، بقدر ما هي أحاسيسُ ومشاعرُ تترجم في صورة سلوكيات وممارسات، وأبرز نماذجها نظاما السعودية والإمارات.