صمود وانتصار

السيد حسين : من الحماقة أن نفترض لأنفسنا مقاماً لم يحصل لرسول الله الذي قال الله له: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.

الصمود

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (الأنفال: من الآية24) أليست هذه آية صريحة؟ هو دعا فلنستجب له، فمتى ما دعوناه ونحن قد استجبنا سيستجيب لنا، ما هذا هو المنطق الطبيعي الذي سيقوله أي واحد لشخص آخر؟ {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: من الآية186) ومن رشادهم عندما يدعون استجيب لهم.

رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ألم تكن دعوته مستجابة؟ كان بالإمكان أن يجلس في زاوية مسجده، وهو أول ما عمل في المدينة – عندما وصل إلى المدينة – بنى المسجد، لكن ما بنى المسجد ليجلس في الزاوية، بنى المسجد كقاعدة عسكرية، قاعدة للجهاد، بنى المسجد ليؤاخي – داخل هذا المسجد – بين أصحابه، بين جموع المهاجرين والأنصار، بنى المسجد ليكون منطلقا ليوحد بين الأمة، بنى المسجد لينطلق منه لمقارعة الظلم والطغيان، أم أنه اهتم أن يجلس ويقول لعائشة تكون تخرج له فنجال قهوة، ويجلس في المسجد، ويدعو: [اللهم اهلك قريشا] فيمسحون من هناك, اللهم اهلك [هوازن] فيمسحون، اللهم اهلك [ثَقِيْفاً]، اللهم دمر الروم، اللهم دمر كسرى. ما هو سيد الأنبياء والمرسلين ودعوته مهمة؟. ولكن لا ليست هي الطريقة.

إذاً نحن كلنا بما فينا أولئك الذين يقولون وهم مهتمون بالقضية أن يقنتوا داخل الصلاة – الوهابيين وهؤلاء السنية – يقنتون في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر كلها دمر أمريكا، دمر روسيا، وهم شغَّالين في خدمة أمريكا وإسرائيل من حيث يشعرون أو لا يشعرون.

فليستجيبوا لي أولا كما قال الله: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: من الآية186) متى ما استجابوا استجابة صحيحة فالدعاء سيكون له أثره. ومعنى فليستجيبوا لي يعني أنه دعانا إلى شيء، والشيء الذي دعانا إليه ما هو؟. هل شيء نعمله له هو؟. لا، دعانا إلى أعمال، أعمال قلبية، أعمال في واقع الحياة، قِيَم نتحلى بها، قضايا نهتم بها، سلوك نسير عليها، سلوك معينة من الأخلاق الحسنة نتحلى بها، أعمال في واقع الحياة كثيرة جداً نؤديها، تتحقق الاستجابة.

أليست هذه من الحماقة أن يفترض الناس أو تفترض الأمة لنفسها حالة هي لم تحصل للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله)؟ أن نفترض لأنفسنا مقاماً هو لم يحصل للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله)؟ ألم يقل الله سبحانه وتعالى لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله): {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (النساء: من الآية84) ما معنى قاتل؟ ما هي كلمة صريحة؟ أصرح من كلمة [جاهد] التي تفسر في زماننا بأنه جهاد الكلمة، جهاد القلم، جهاد النفس، نصف أنفسنا بأننا مجاهدون لكن نريد بالقلم؛ لأنه أسهل .. ما هو أسهل؟.القلم يعتبر جهاداً إذا كان هو يصدر خطوطاً تؤدي إلى القتال فهو جهاد، أما إذا كان يصدر سطوراً تجمد الأمة، وتخدع الأمة فيعتبر ماذا؟ يعتبر منافيا للجهاد، يعتبر حربا على كل ما تعنيه كلمة [جهاد].

الكلمة نفسها إذا لم تأخذ بالبال أن تكون كلمة تحرك في مشاعر الأمة أن تصل بنفسها إلى درجة القتال لأعداء الله فهي كلمة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار، لا تترك أي أثر، ليس لها قيمة، إذا كانت الكلمة التي تصدر من فمي، ومن فمك، ومن أفواه الآخرين هي كلمة، هي دعاء لله .. ألم يأتِ في الأحاديث أن الدعاء هو مخ العبادة؟ الدعاء أليس من الكلمات الطيبة؟ إذا كانت هذه الكلمات الطبية لا تترك أثرها، ولا قيمة لها عند الله، إذا لم تنطلق من حناجر تهيئ نفسها للعمل، فكيف بالكلمات الأخرى سيكون لها اثر؟.

الدعاء أليس كلاماً طيباً؟ [اللهم دمر الكافرين، اللهم دمر أمريكا وإسرائيل] أليست هذه كلمات جميلة؟ دعاء لله، لكنها أيضا لا أثر لها عند الله، إذا لم تكن كلمات تنطلق من حناجر هي في ميدان المواجهة كما كان الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، كان يهيئ، ويلبس لامة حربه، ويدعو المسلمين إلى الإنفاق، وإلى الخروج في سبيل الله، ثم يدعو وهو في الطريق، ويدعو وهو في ميدان القتال، هنا الدعاء يقبل.

لكن أفواج من العلماء، أفواج من العباد في كل مساجد الدنيا: اللهم .. اللهم .. اللهم .. وفي يوم الجمعة، من فوق المنبر: [اللهم احفظ قادتنا، اللهم أيدهم بنصرك، وأصلح بهم الدين، وارزقهم البطانة الصالحة]، وأشياء من هذه. ما هذا تناقض في المواقف؟ تناقض.

عملاً نعمل ضد الله، ودعاء ومجرد كلام ننطلق به مع الله، كلام مجرد كلام مع الله، وعمل وخدمة مع أعداء الله. من يكون واقعه على هذا النحو يصبح واقعاً سيئاً. حتى علماء على هذا النحو، التعامل مع الله مجرد كلام، والتعامل مع أعداء الله عمل وبإخلاص.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

(سورة آل عمران – الدرس الثاني)
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ}
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ: 9/ 1/2002م
اليمن – صعدة.