عبدالله صبري في حوار لصحيفة الثورة: مشاورات السويد أضاءت شمعة السلام رغم تعنت طرف الرياض
الصمود / 24 / ديسمبر
متابعات /
الكاتب والباحث السياسي عـبدالله عـلي صبري لصحيفة الثورة:
– مشاورات السويد أضاءت شمعة السلام وانتصرت للشعب اليمني بشكل عام
– اتفاق الحديدة متلازم مع الملف الاقتصادي الذي تأجل إنجازه بسب تعنت وفد الرياض
– إحاطة المبعوث الأممي إلى مجلس الأمن عززت من فرصة السلا وننتظر قراراً إيجابياً وداعماً من مجلس الأمن الدولي
– حكومة الطرف الآخر لم تتحمل مسؤوليتها ولم تصرف مرتبات موظفي الدولة رغم أنها طبعت المليارات من العملة الوطنية
– قوى العدوان والاحتلال أنقذت المئات من السياسيين وسكنتهم في فنادق الرياض وتركت الشعب اليمني يحترق بنيران الحرب والحصار
قال الكاتب والباحث الســياسي عبد الله عـلي صبري إن مجريات ما بعد مشــاورات الســويد، تمضي بالاتجاه الصحيح، بدخول الهدنة حيز التنفيذ عمليا مؤكــدا أن إحاطة المبعوث الأممي إلى مجلس الأمن كانت داعمة لمســار الســلام، وأن الشــعب اليمنــي ينتظر قرارا للحرب
من مجلس الأمــن يضع حدا للحرب والعدوان، من شأنه الضغط على مختلف الأطراف للدخول في المفاوضات السياسية.
وأكــد صــبري – في حــوار صحفي خاص لـ”الثــورة”- أن قوى العــدوان والاحتلال، أنقذت المئــات من النخبة السياســية، ووفرت لهم المســاكن الآمنة في فنادق الرياض، بينما تركت عموم الشعب اليمني يتلظون بنيران الحرب والحصار.. متطرقا إلى مجمل الملفات التي دارت الجولة الأولى من مشاورات السويد حولها، مقدمــا قراءة خاطفة لتجاذبات المشــهد الــدولي تجاه الملف اليمني وخفايا تصاعد الــدور البريطاني، وأهمية اضطلاع الأمم المتحــددة بالإشراف والرقابة عـلى الملف الاقتصادي وفي صدارة محاوره صرف المرتبات.. إلى التفاصيل:
حاوره / محمد محمد إبراهيم
كيــف تقــرأون مجريــات مــا بعــد اتفــاق الســويد في ملــف مينــاء الحديــدة…؟! ومــا هي أبرز ملاحظاتكــم حول عوامل نجاح أو فشل المشــاورات التي جرت في السويد..؟
– بالنســبة لمجريــات مــا بعد مشــاورات الســويد، فمن الواضح أنها تمضي بالاتجاه الصحيــح، فالهدنــة دخلــت حيــز التنفيــذ، وإحاطة المبعوث الأممي إلى مجلس الأمــن كانت داعمة لمســار الســلام عمليــا، وننتظر من مجلــس الأمن قــرارا يضع حــدا للحرب والعــدوان، ويضغط عــلى مختلف الأطراف للدخول في المفاوضات السياسية.
أما إذا تحدثنا عن مشــاورات السويد من منطلق مخرجاتها ســنقول إننا أمام محطة مهمــة تنقلنــا إلى مرحلة ما بعد مشــاورات الســويد خاصــة أن الملف التفــاوضي تجمد لنحــو عامــين لكنه تحــرك بشــكل إيجابي في مشــاورات الســويد، هــذه المشــاورات والمخرجــات أفضت إلى حلــول يمكن البناء عليها مســتقبلا، وحقيقــة كان التعويل أكبربــأن تكــون المخرجــات أكــثر شــمولا لمعظم الملفات المتعلقــة بإجراءات بنــاء الثقة وأن تتوصل الأطراف إلى حلول لكل هذه الملفات، باعتبارها مطلبا إنســانيا ومطلب كل أبناء الشعب اليمني بمختلف تياراتهم ومختلف القــوى الوطنيــة التــي تعــبر عنهــم، لكــن وصلنا أن وفد ما يســمى بالشرعية تعنت في التجــاوب مع ملفات جوهريــة وذات مطلب إنســاني وحاول فقط أن يأخذ مكاســب من ملفات بعينها ويترك بقية الملفات عالقة.
مثل ماذا؟
– مثــلا ملــف مطــار صنعــاء الــدولي كان بالإمكان التوصل إلى اتفاق بفتح المطار أمام الرحــلات الدولية فــلا معنى لاشــتراط وفد الرياض أن يتم تسيير الرحلات عبر مطاري عدن وســيئون كون مطاري عدن وســيئون تحت سلطة الاحتلال الأجنبي وهم أنفسهم يشــتكون من أن الحزام الأمني الإماراتي في عدن مثلا لا يســمح لطيران اليمنية بالمبيت في مطار عدن، وبالتالي فاقد الشيء لا يعطيه، فكيف تفرض على وفد صنعاء أن يتحرك عبر مطار عدن فيما ما يســمى بالشرعية ليست حــاضرة لا في عــدن ولا في مطارهــا، أيضا لم يكن هناك أي محاذير من فتح مطار صنعاء الدولي أمــام الرحــلات الدولية عــلى اعتبار أنــه كان مفتوحا في الماضي وخلال العام الأول من الحرب على اليمن، صحيح أنه كان هنــاك تفتيــش إجبــاري لهــذه الرحلات في مطار بيشه السعودي- وهذا ما رفضه وفدنا الوطني- لكنه قدم مرونة أخرى في هذا الملف بأنــه لا يمانع من أن تفتــش هذه الرحلات في مطــاري القاهــرة أو عمــان عــلى اعتبــار أن هذين المطارين تحت سلطة دول مشاركة في العدوان على اليمــن وبالتالي تنتفي الحاجة إلى إجراءات تفتيش أخرى.
برأيكم ما المــبرر في فتح مطار صنعــاء للرحــلات الداخليــة..مــا هي مخــاوف الطــرف الآخر مــن مطــار صنعــاء ورحلاتــه الدولية..؟
– لا أخفيــك أن هنــاك مــن طــرح أنهــم لا يريدون تســيير رحلات مبــاشرة بين صنعاء وطهران وكان وفدنــا الوطني منفتحا حتى عــلى هذا الاشــتراط مع أنه غــير موضوعي، وهــذا يؤكــد مــدى التعنــت مــن قبــل وفــد الرياض.
أيــن الملــف الاقتصــادي مــن زوايا المشاورات..؟
– الأصــل أن ملــف الحديــدة وميناءهــا مرتبــط بالملــف الاقتصــادي، فعندما أعلن الســيد عبدالملك الحوثي قبل ســتة أشــهر تقريبا الموافقــة على منح الأمم المتحدة دورا في الإشراف عــلى ميناء الحديــدة كانت هذه الموافقــة مرتبطــة بالملف الاقتصــادي على اعتبار أن هذا الإشراف ســيعني أن إيرادات الميناء ســتتجه إلى البنك المركزي ومنها إلى دفع رواتــب موظفي الدولــة في عموم اليمن وهــذا كان سر القبــول بالاشــتراط الأممــي في الملــف الاقتصــادي، حيــث كان مطروحا إدارة موحدة للبنك المركزي وإدارة موحدة لــوزارة الماليــة وضمــان أن تصــل إيــرادات ميناء الحديدة ونفط مارب وبقية الموانئ إلى هذا الحساب المركزي الموحد بحيث تضمن الأمم المتحدة صرف مرتبات موظفي الدولة ..ولكن هذا تأجل للأسف.
ألا ترى أن توريد الإيرادات إلى فــرع البنــك المركــزي بالحديدة قد يكــون مشــابها لتجربــة نقل البنك المركــزي إلى عدن حيث قطعوا الوعود عبر الأمم المتحدة بصرف رواتب كل الموظفين اليمنيين؟
– ربمــا.. بالضبــط هــم يتحججــون بمــا يســمى بالشرعيــة وبالســيادة وبالدولــة لكنهم لم يتصرفوا لا كدولة ولا كشرعية فكل ما قاموا به في الملــف الاقتصادي هو تجويع الناس والمســاس بالعملــة الوطنية وعطلوا الكثير من الصادرات والواردات..
أيضــا اللوجستيات المتوفــرة للبنــك المركزي في صنعاء ليست في بنك عدن الذي رغــم أنهم قالوا إنه البنــك المركزي إلا أنه لم يصــل إلى اتفــاق مع فروع البنــك المركزي في المحافظات وبالذات فرع مارب، وأيضا قاموا بطبع العملة بشكل مبالغ فيه وتصرفوا فقط من بــاب اللصوصية على المــال العام، ورغم أنهــم كانوا قادرين عــلى أن يصرفوا مرتبات موظفــي الدولة بعد أن طبعــوا المليارات من العمــلات الوطنية ومــع ذلك لــم يفعلوا ولم يتحملوا مسؤوليتهم تجاه معاناة اليمنيين.
أشرت إلى الخــلاف الــذي حصــل أو القطيعــة بــني فــرع البنك المركــزي بمــارب والبنك المركــزي بعــدن هــل تقصــد أن هناك صراعا ماليــا عـلى الموارد بين مــارب وعــدن كأدوات للأطراف الخارجية…؟
– بالتأكيد.. هنــاك صراع مالي بني أطراف المرتزقــة وصراع مالي وســياسي بين أطراف الاحتلال السعودي والإماراتي على اليمن، وهذه الصراعات تتفاقم وتجلياتها واضحة في الإشــكاليات الاقتصادية وفي الإشكاليات الأمنيــة وفي عجــز الحكومــة أو مــا يســمى بالحكومة الشرعية وعدم عودتها للعمل من عــدن أو حتى من أي مدينــة أخرى مع أنهم يزعمون أنهم باتوا يســيطرون على أكثر من %80 من مســاحة اليمن ومع ذلك لا يجدون ملجــأ إلا في الريــاض، والدليل عــلى ذلك أن وفدنا الوطنــي عاد من الســويد إلى صنعاء بينمــا وفدهم عــاد من الســويد إلى الرياض.
الاختلافات والصراعــات فيما بينهم تجعل موقفهم ضعيفا. ومصــدر قوتهم فقط هو أن التحالف الدولي تحالــف العدوان والمجتمع الدولي يقف إلى جانبهم، حتى مصالح الدول الكــبرى هــي مــع هــذه الأدوات وليســت مع قوة يمنية لها ســلطة القرار ولها استقلالية الموقف.
بالعودة إلى ملفات الســويد.. كيــف تنظــر إلى مــا طــرح في المشاورات حول ملف تعز؟
– مــا أعلــن حــول تعــز كان دون الحــد المأمــول، ربما تعز كانت أخــف الملفات وكان يمكــن التوصــل إلى حــل سريــع وناجز على اعتبــار أن وفدنا الوطني لــم يكن عنده فيتو أو رفض بشــأن فتح الممــرات الآمنة لإيصال المســاعدات وأيضــا لتطبيع الحيــاة في تعز المدينة وتعز المحافظة، الإشكالية حقيقة هي في الطرف الآخر لأنه داخل المدينة نفســها، حيث يحتدم صراع مليشيات كلها محسوبة على ما يسمى بالشرعية، القتال والاقتتال في الفترة الأخيرة هو بين هذه الأطراف وبالتالي هذا مــا حــال دون التوصــل إلى اتفاق سريع فيما يتعلق بمدينة ومحافظة تعز..
ماذا قــدم الوفد الوطني بهذا الخصوص؟
– الوفــد الوطنــي ومنذ فــترة طويلة طرح أكثر مــن مبادرة فيمــا يتعلق بفتــح الممرات وتأمــين المعابــر المؤديــة إلى تعــز لكــن كلما يناقــش هذا الملــف لا يطالــب الطرف الآخر ســوى بالتنازل من طرف صنعاء ليــس فقط في ملف تعز بل في المفاوضات بشــكل عــام. هم دائما عندما كانوا يجدون أنفســهم عاجزين أمام المنطــق والواقــع الموضوعي الــذي يتطلب تنــازلات مــن كل الأطــراف كانــوا دائمــا يعودون إلى مسألة المرجعيات والقرار 2216 ويقولــون لطرفنــا الوطني “ســلم تســلم”. وهــا نحن نقول ما دامت المســألة فيها ســلم ســلاحك اســحب قوتك فمــاذا تفعلون منذ
أربع ســنوات؟ هــل اســتطعتم أن تصلوا إلى هذا النتيجة؟ هل أمنتم المناطق التي تدعون تحريرهــا..؟ في المفاوضــات لا يوجــد شيء اسمه سلم ســلاحك، فهذه تسمى اتفاقيات إذعان واستسلام وهذا محال أن نصل إليه، ونحن في وضع أفضل بكثير من الوضع الذي تعيشه أطراف مرتزقة الرياض.
بالنســبة لمــا يتعلــق بالملــف الأمني لــو سرت شروط الاتفاق مثــلا في الحديدة ما هو المقصود بالشرطــة المحليــة هــل هــي وظيفــة مؤسســات الدولــة أم يعنــي وظيفة الشرطــة المحلية في كل الأطراف..؟
التفصيل فيما يتعلــق بالشرطة المحلية هــو ربمــا الذي أثــار حنق بعــض أعضاء ما يســمى بوفــد الشرعيــة وكادوا ألا يوافقون على الاتفاق الشــامل حول مينــاء الحديدة ، لأنهــم كانوا يريدون أن يتســلموا هم الميناء وأن لا يكون للأمم المتحدة دورا في الميناء لكــن الاتفاق نزع عنهم هذين الامتيازين لأنــه أولا أكد بأن أطراف الصراع تنســحب مــن المدينــة وتختفــي المظاهــر العســكرية ويحظــر أي تصعيــد عســكري وتتوقــف الحــرب بشــكل عــام عــلى الميناء والمدينــة والمحافظــة، وأن مــن يتســلم أمن المحافظــة والمدينــة هــي الأجهــزة المحلية القائمة منذ ســنوات وهــي الأجهزة الفعلية التــي تديــر الآن البلد، مــع الإشــارة إلى أنه لا يكــون هناك ســلطة لما يســمى بالمشرفين، وهــذا لا خلاف عليــه لكن فــوق ذلك أعطت الاتفاقيــة الأمــم المتحــدة دورا رقابيــا، وأيضــا هنــاك تفاصيــل تتعلــق بتشــكيل لجنة مشــتركة من الطرفين الهدف العام هو تأمــين المينــاء والمدينة والحفــاظ على مرور آمن للمســاعدات وتدفق الســلع عبر ميناء الحديــدة وبقيــة الموانــئ الصليــف ورأس عيــسى. وأيضــا الإيجابــي في الموضــوع أننا اختصرنا الطريق فبــدل تفتيش كل ما يأتي إلى هــذا المينــاء عــبر جيبوتي اليــوم يصبح التفتيــش في مينــاء الحديــدة نفســه وهــذا يخفــف مــن التكاليــف ويخفف مــن الزمن ويســاعد على معالجة الطوارئ الإنســانية، ليس في الحديدة فقط بل في عموم اليمن.
بالعودة للملــف الاقتصادي، ومــا يتعلــق باســتئناف الإنتاج النفطــي والتصديــر.. هــل ســيخدم ذلــك مهمــة تســليم الرواتب وما الضمانات..؟
– ولهــذا طرح وفدنا أن تكــون هناك رقابة للأمــم المتحدة في مســألة الإيــرادات بحيث تكون الأمــم المتحدة ضامنة لــصرف رواتب الموظفين، لأننــا بالفعــل لا نثــق في الطرف الآخــر بأنــه إذا تســلم هــذه الأمــوال أنــه ســيصرفها، هم أيضا لا يثقون بطرفنا وهذا واضــح فعــدم الثقة بــني الطرفين لا تحتاج إلى تأكيــد، لكــن هنــاك آليــات حتــى بــدون إشراف الأمــم المتحدة في الملــف الاقتصادي لكي يتــم صرف مرتبــات الموظفين، فالملف الاقتصــادي هو حزمة متكاملــة، مطروح في الملف الاقتصادي وفي مســودة الاتفاق التي رفض الطــرف الآخر أن يوافــق عليها كانت مطروحــة حزمة وآليات منهــا توحيد إدارة البنــك المركزي وتوحيــد إدارة وزارة المالية وضمــان تدفــق النفــط مــن مأرب إلى رأس عيسى وتصديــره حتى يعزز عائدات الدولة وأيضا الإشراف على إيرادات ميناء الحديدة من قبل الأمم المتحدة وأن الإيرادات تصرف عــبر البنك المركزي فرع الحديــدة معناها لا تسلم لا لطرف صنعاء ولا لطرف عدن، وكان مطروحــا أيضا أن تشــكل لجنــة اقتصادية تناقش وضــع آليات وتقرهــا. مطروح اليوم بحســب مــا قاله غريفيــث بأن هــذه اللجنة ممكن أن تجتمع قريبا حتى قبل اســتئناف الجولــة الثانيــة مــن المشــاورات ، ممكــن أن تجتمــع لجنة اقتصادية لتــدرس هذه الآلية وتصل فيها إلى اتفاق، أيضا أن يصل الناس إلى اتفاق حول مطار صنعاء الدولي، نحن ننتظر.. لأن مثل هذه الاتفاقيات ستكون استكمالا لمشاورات السويد وباعثا على الاســتمرار في هذه المشاورات والانتقال إلى مرحلــة التفــاوض الجاد على المســارين السياسي والأمني.
مــاذا عــن الســاحل الغربي، الممــرات الدوليــة الآن هــل أصبحــت كلهــا بيــد القــوات الإماراتية والسعودية؟
– الحقيقــة هذا واقع مؤلم ومرير أن معظم الممــرات الدولية البحريــة اليمنية أصبحت تحت سيطرة التحالف السعودي الإماراتي وهم كانوا مــن خلال هجمتهــم وتصعيدهم العســكري عــلى الحديــدة يريــدون أن يستكملوا المهمة. الاتفاق عطل هذه الأطماع في مينــاء الحديــدة، ويضــع الجميــع أمــام ضرورة أنــه لا بد أن تتســلم الدولــة اليمنية الســلطة كاملة على موانئهــا في عدن والمكلا والغيظة والمخا وفي كل الموانئ اليمنية.
اتفاق الحديدة يقرع الأجراس لأنه يقول إذا لم تتفقــوا أنتم جميعا أيها اليمنيون فإن البديل دائما هو الأســوأ.. نحن لا نزعم أن ما وصلنا إليه في اتفاق الحديدة كان مثاليا لكنه كان أخف الضررين، الحالة المثالية هو أن تتفق الأطــراف اليمنية وتتنازل لبعضها البعض وتتفق من أجل سيادة اليمن.
أيــن وجــود الطــرف الآخــر الطــرف اليمنــي مثــلا في المحافظــات الجنوبيــة أو في الممــرات الدوليــة هــل بقــي حضــور للدولــة أو للحكومــة التي تعتبر نفسها شرعية؟
– للأسف هم يتباكون على السيادة اليمنية وهم من فرطوا بهذه الســيادة عندما سلموا كل أوراقهــم لقــوى الاحتــلال الســعودي الإماراتي، للأسف هم ما زالوا سائرين في هذا الاتجاه وما زالوا يتنافســون من يقدم تنازلا أكثر لكي يرضى عنه الســعودي والإماراتي حتــى ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي هــو دخل في هــذه اللعبة، لعبــة التباكي على الســيادة والاســتقلال ثــم تقديــم تنــازلات مجحفــة بحــق القضيــة الجنوبيــة وبحــق السيادة اليمنية بشكل عام.
نكاية بين الأطراف كلها وافقت على الاحتلال؟
– بالضبط وهم للأسف لا ينظرون إلا على اعتبار أن الطرف الداخلي اليمني هو المحتل، أمــا الأطراف الخارجية فهــم ينظرون إليها عــلى أنها جاءت منقذة لهم، هي ربما أنقذت عــشرات أو مئــات مــن النخبــة السياســية وفرت لها مساكن آمنة وغرف آمنة في فنادق الرياض وأرصدة جيدة لكن بالنسبة لعموم الشعب اليمني هم يتلظون بنيران الاحتلال والحصــار والأزمة اقتصاديــة والحرب، لذا ســنجد الشــعب اليمنــي هــو الذي يشــدد على الاستمرار في مســار السلام وليس هذه النخب.
أيضــا أيــن ذهــب الحــراك الجنوبي الذي كان يعتبر نفسه أو يعلــن أنــه مقــاوم للوجــود الخارجــي وأيضــا للــصراع الداخلي؟
– نعــم نحــن صدمنــا شــديدا في النخبــة السياســية، صحيــح أن الوطنيين والشرفاء هــم في كل اليمــن، لكــن النخبــة السياســية الجنوبيــة قدمــت نفســها بشــكل انتهازي ورخيص هي زعمت أنها تدافع عن الجنوب ثــم أصبحــت أداة ضمــن أدوات الاحتــلال الأجنبــي لليمــن وأكبر دليل عــلى ذلك أنهم من طلائــع من يتقدمون في معركة الســاحل الغربي في الحديدة وهم أيضا حتى يرفدون جبهــات الحــدود مــع الجانــب الســعودي بمقاتلين يمنيين للأســف تحــت إغراء المال الســعودي هذا وضع مؤسف وكارثي.. نحن لا نتهرب من مســؤولية الأطراف السياسية تجــاه القضية الجنوبية لكن يبقى في الأخير هناك ثوابت وطنية يجب مراعاتها: السيادة والوحــدة والاســتقلال ثــم تعالــج مختلف القضايا.
ما يتعلق بالتجاذبات الدولية ومشــاورات الســويد والموقــف البريطانــي الذي بــدى واضحا وجليــا أكثر كيف تقــرؤون هذه التناقضــات التــي جــاءت عــلى عكس المفاوضات الماضية…؟!
– الحقيقة المجتمع الدولي والدول الكبرى بالــذات تورطوا في الحرب على اليمن خاصة في دعمها لوجســتياً من خلال بيع الأسلحة ومــن خــلال الغطــاء الســياسي الــذي وفر للتحالــف العدوانــي بقيــادة الســعودية مســاحة كبــيرة مــن التحــرك حتــى في ظل جرائــم الحــرب الكبــيرة التــي ترتكب بحق اليمنيين والتي كشــفت عنهــا تقارير دولية محايــدة وأصبحت تشــير بأصابــع الاتهام إلى التحالــف فيمــا يتعلــق بهــذه الجرائــم والمجازر، هذه الإدارة أو ما يسمى بالرباعية الدوليــة وهــي تضــم أمريــكا وبريطانيــا والســعودية والإمــارات هي كانــت حاضرة للحل الســياسي أثنــاء مفاوضــات الكويت وكانت تريــد من خلال هذا الحل الســياسي أن تحقــق بالسلام ما عجزت عنه بالحرب ، وكانــت هناك فرصة جيــدة أثناء مفاوضــات الكويــت للوصول إلى هــذا الحل السياسي إلا أن المتغير الذي حصل في أمريكا بحلول إدارة جديدة، هــذه الإدارة الجديدة الحمقى وعلى رأســها ترامــب أعطت ضوءا أخــضرا للســعودي والإماراتي بأنــه يمكنه أن يســتمر في حرب اليمــن وأن يحقق المزيد مــن المكاســب مــا دام يدفــع أكــثر ليشــتري أســلحة وما دامت الإدارة الأمريكية ترعاها يعنــي بن ســلمان وهو الطموح للاســتيلاء عــلى العــرش في المملكــة وجــد في اســتمرار الحــرب على اليمن فرصة لتعزيز العلاقة مع الإدارة الأمريكية فرمى كل أوراقه في الســلة الأمريكيــة، وهــذا ما قاله الأمريكان. أيضــاً الســفير الأمريكي أثناء مفاوضــات الكويت كانــوا ما يزالــوا يعلقون الآمال عــلى الورقة الاقتصاديــة وأن معانــاة اليمنيــين في ظــل الوضع الاقتصادي يمكــن أن تدفع بانفلات داخل العاصمــة صنعاء، هــذا الانفلات يتم اســتغلاله من قبــل مرتزقة الريــاض وقوى العــدوان حتــى كانــوا جاهزيــن في أحــداث ديســمبر 2017م لاستغلال ســيناريو كهذا.. ولكــن بفضــل اللــه وبفضــل يقظة الشــعب اليمني وصمــوده وبفضل ثبات وانتصارات الجيــش واللجان الشــعبية أمكــن لليمن أن تتجــاوز كل هذه التحديــات، إلا أن ما جرى بعد مفاوضــات الكويت خلال هذين العامين صنع أزمة إنســانية وتداعيــات كارثية على المســتوى الصحــي في اليمن، هــذا التداعي الإنســاني جعــل المجتمع الــدولي يحث كل الأطراف على الاتجاه نحو الحل السياسي..
فوزير الخارجية البريطاني تحرك مساعدا للمبعــوث الأممي إلى اليمن ودفع بالأطراف كلهــا للتوصل إلى هــذا الاتفاق، أيضا هناك تسريبــات أن الدور العماني والكويتي كان مســاعدا بشــكل واضــح بــل حتــى في الأخير لمــا قال مارتــن غريفيــث في إحاطته أمــام مجلــس الأمن أنــه يشــكر كل الأطراف التي ساهمت باتجاه انعقاد هذه المشاورات، فقد كان يشير إلى الدور السعودي. ومازالــت بريطانيا متعهدة للمجتمع الدولي بأنهــا ســتقدم مشروع قــرار لمجلــس الأمن يصبــح بديــلا عــن قــرار الحــرب (2216 ) ، ومازلنــا ننتظــر أن تفــي بريطانيــا ويفــي المجتمع الدولي بتلــك التعهدات التي كررها منسق الشؤون الإنســانية في الأمم المتحدة مــارك لوكــوك الذي طالــب بقــرار يتضمن خمــس نقــاط في مقدمتهــا وقــف الأعمــال العدائية في الحديدة وفي اليمن بشكل عام.
مــا أهميــة أن يصدر قــرار من مجلــس الأمــن ليكــون بديــلا للقرار 2216؟
– أهمية أن يصدر قــرار عن مجلس الأمن، طبعــا هذا يعطي نتائج مشــاورات الســويد زخما كبيرا ويضع حدا للاشــتراطات التعســفية والعراقيــل التــي يبديهــا عــادة مــا يســمى بوفــد الشرعيــة حين مناقشــة الترتيبــات الأمنيــة والسياســية متذرعــا بالقــرار 2216، وأيضا سيســمح للأمين العام أو لمبعــوث الأمين العــام مارتــن غريفيــث بطرح الإطار العام للمفاوضات وهذا الإطار العام عــلى فكرة من ضمن نتائج مشــاورات الســويد الإيجابيــة، ففــي الأخــير المبعوث طرح إطارا عاما ومسودة على طرفي التفــاوض، صحيح أنه لم يعلن عنها بشــكل رســمي لكنها أصبحت مستمسكا بيد الوفد الوطني.
مــا هــي الكلمة الأخــيرة التي توجههــا للأطــراف اليمنيــة بصفــة عامــة تجاه المشــاورات وتجاه السلام والاستقرار…؟
– ســأتكلم مــن موقــع محايد مــن أجل أن نعطي لهذه الشــمعة التــي أضيئت في ظلام الحديدة نعطي لها فرصة الإضاءة إلى مدى كبير وطويل، سأقول بأن كل الأطراف معنية اليوم بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وهنا لا أقصد فقط الأطــراف الداخلية اليمنيــة بل ايضا الأطــراف الخارجيــة والأمم المتحــدة الكل معني بالإشراف والمتابعة حتى يتم التنفيذ على أرض الواقع، هذه الاتفاقات تنفيذها هو مصلحة مشــتركة لأكثر من 25 مليون نسمة. وهــي تلبــي الإشــكالية الإنســانية وتقــدم معالجات للحــالات الطارئة التي يعيشــها اليمــن، يجب كمــا تــم الاتفاق عليهــا بروح ونوايا حســنة يجــب أن يتم التنفيــذ بنوايا حسنة أيضا.
بعيدا عن فكرة أنها انتصار لهذا الطرف أو ذاك، المفاوضات السياسية دائما هي تنجــح على قاعدة لا غالــب ولا مغلوب، والحل الإنساني هو انتصار لكل الأطراف وانتصار للشــعب اليمني، نقول أنها شمعة أضيئت في ظلام الحرب والعدوان والحصار، ومن مصلحتنا كشعب يمني وليس كأطراف أن تســتمر هــذه الشــمعة وأن تبنــى عليها النجاحــات في المشــاورات القادمــة، وتضاء اليمن كلها بشموع السلام مستقبلا.