صمود وانتصار

العدوان يتلاعب بسفينة استكهولم .. “الدفاع الوطني” يضع المفاجئات على منصة الاطلاق

تقرير : إبراهيم الوادعي

أشد من اهتزاز السفينة الأممية التي تحتضن اجتماعات لجنة التنسيق الأممية بفعل أمواج البحر الأحمر الهائج منذ علت أمواجه سفن الغزاة، يترنح اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة ومخرجات اتفاق السويد برمتها نتيجة خروقات قوى العدوان في الحديدة والتلكؤ في تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى.

وللمرة الأولى منذ عقد مشاورات السلام اليمنية في السويد منتصف ديسمبر 2018م ينعقد مجلس الدفاع الوطني في العاصمة صنعاء مساء الأحد ال3 من فبراير 2019م.
حادثة مقتل المهندس فؤاد العذري عضو فريق نزع الألغام وهو يقوم فتح طريق المطاحن أمام ناظري فريق الأمم المتحدة وصمت الفريق أمام ذلك الخرق، قد يكون عجل بقرار صنعاء حزم حقائبها تجاه عجز الدور الأممي في الحديدة، وينخفض سقف توقعاتها للقاء لجنة التنسيق الأممية على متن سفينة استأجرتها الأمم المتحدة.
ما يقرب من شهرين صبرت صنعاء على خروقات قوى العدوان في الحديدة وتمادى الامر الى شن هجوم متكامل على الدريهمي المحاصرة برا وجوا وبحرا منذ نهاية يناير 2019م، ومعاودة طيران العدوان القصف الجوي لمناطق في الحديدة بالتزامن مع قصف عنيف على كل محاور الاشتباك وزحوفات لا تكاد تتوقف في التحيتا وحيس.
مجلس الدفاع الوطني برئاسة  رأس الدولة اليمنية الرئيس مهدي المشاط وجه بتسخير كل الإمكانات لتعزيز صمود الشعب ودعم الجبهات، ما يعني أن كل الموارد المتاحة للدولة ستسخر للمعركة والجهد العسكري  كأولوية، لمعركة قد لا تكون محدودة بالساحل الغربي، حشد لها العدو الأمريكي السعودي الإماراتي قواته ولم يجف حبر اتفاق السويد حينها بعد، سفن الأسلحة واصلت تدفقها على الموانئ اليمنية المحتلة على البحر الأحمر، ورفع العدو من وتيرة استجلاب المرتزقة من السودان ومختلف أصقاع العالم، بالإضافة إلى رفع وتيرة التجنيد للمرتزقة وبخاصة من الجنوب المحتل.
المعركة القادمة حاسمة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تأكيدات الناطق الرسمي للجيش واللجان الشعبية العميد يحىي سريع بان القوات المسلحة اليمنية لاتزال تحتفظ بمفاجأت عسكرية سيكون لها الأثر المدوي عند استعمالها في ميدان المعركة وجرى تجنبها لإتاحة فرصة للسلام، معترفا في الوقت حينه بأن أثمانا غالية دفعت لتجنب استخدام هذه القدرات التي ستقلب موازين المعركة.
بات واضحا بعد شهرين من تعطيل متعمد لمخرجات استكهولم بأن السعودية والإمارات وبمشورة أمريكية انحنت خداعا في طريق السلام خلال مشاورات السويد بغية امتصاص النقمة الدولية على تحالف العدوان جراء انتشار أخبار الأزمة الإنسانية في اليمن وكأنه أفاق على صدمة ولم تكن نتاج حرب مستمرة منذ أربع أعوام، يضاف إلى ذلك المأزق السعودي عقب قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده، وارتباك حلفاء واشنطن في المنطقة في ظل استراتيجية الخروج الأمريكي المتعجل من سوريا ومناطق أخرى في العالم.
ومن الواضح كذلك أن أمريكا نجحت في امتصاص جزء من النقمة الدولية تجاه الأرقام الرهيبة للأزمة الإنسانية في اليمن وتريد استغلال فسحة الوقت لمعاودة الهجوم على الحديدة والسيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجي موانئ البحر الأحمر طريق التجارة الدولي الأهم.
وفي المقابل فمن المؤكد بان القيادة اليمنية والقيادة الثورية متنبهة لذلك تماما، ولم تغفل عنه مطلقا تحت تخدير السلام القادم من استكهولم، فواصلت اكتساب الوقت لتعزيز قدراتها، واستعداداتها للمعركة الفاصلة والحاسمة، ويؤكد ذلك إعلان تحالف العدوان عن سلسلة عمليات في مجملها تحقيق هدف منع “صنعاء ” من امتلاك قدرات عسكرية نوعية كالصواريخ الدقيقة والطيران المسير ودفاع جوي.
وذلك بحسب مراقبين عسكريين علامة فارقة وخطوة تراجع جديد لتالف العدوان مقارنة بالأهداف التي أطلقها بداية عاصفة الحزم، فهو جعل إسقاط الدولة في صنعاء هدفا قبل أن يحصر أهدافه العسكرية بالساحل ومنع الجيش واللجان من امتلاك قدرات نوعية يعرف أن إجراءاته في الحصار والقصف لن تجدي،
” إسرائيل ” الحاضرة في تحالف السعودية الإمارات إدارة وتنفيذ وأسلحة فشلت على مدى عقود في منع حزب الله أو المقاومة الفلسطينية من امتلاك الصواريخ الدقيقة، ووسائل تسليحية من الطرز المتقدمة والرادعة والمخلة بالتوازن القائم منذ عقود لصالح الكيان الصهيوني، وما يجري في اليمن ليس أكثر من سلب أموال الرياض والإمارات بتقديم تجارب فاشلة، لم تنفع أصحابها، لو كان في الرياض وأبوظبي عقول تفكر.
صنعاء استفادت هي الأخرى من عامل الوقت، وتغريدة نائب وزير الخارجية حسين العزي عن اقتراب اكتمال القدرات الدفاعية اليمنية مؤشر على فشل عميق مني به تحالف العدوان على اليمن، وإن نجحت عمليات العدوان العسكرية في افتعال التأخير بعض الوقت، لكنها لم تمنع القطار اليمني من الانطلاق على سكة الإنجاز، وهو يوشك على الوصول إلى غايته في العام الخامس للعدوان مفاجأت لا يعرف أين يقف حدود تأثيرها.
معركة الحديدة قد لا تقع غدا، لكن المؤكد أنها لم تعد ببعيدة، والأكيد أن القدرات والمفاجأت اليمنية قد وضعت على قاذف التسريع والإطلاق بقرار سياسي عسكري عال المستوى اتخذه مجلس الدفاع  الوطني، لجعل معركة الساحل الغربي معركة فاصلة في ميدان واسع، وفيها تتحمل قوى العدوان والأمم المتحدة الصامتة فشل اتفاق الحديدة، ووزر الدماء التي ستسفك فيها على امتداد ميدان المعركة غير المعلوم حدود جغرافيته.