دشّن اليمانيون الأحرار عَاماً خامساً من الصمود والتحدي في مواجهة حرب عدوانية غاشمة وشاملة كادت تقضي على الأخضر واليابس، لكنها لم تفت في عَضُدِ الغالبية من أبناء شعبنا الذين ضربوا أروعَ الأمثلة في التضحية والفداء والصبر والثبات، ما جعل العدوَّ في حيص بيص من أمره كما يُقالُ.
غيرَ أن أربعةَ أعوام من الأدوار ومواجهة التحديات في مختلف الجبهات، تتطلَّبُ وقفةً تقييميةً جادة، بحيث نراجعُ الأداءَ في مختلف المسارات، وننطلقُ في هذا العام برؤية مسلحة بالدروس المستفادة من جوانب القصور والأخطاء التي تراكمت هنا وهناك وحالت حتى الآن دونَ نجاح محاولات التسوية ودون توقف الحصار والعدوان، الأمرُ الذي جعل رقعةَ المعاناة الاقتصادية والإنسانية تتسعُ أفقياً وعمودياً دون حلول عملية ترتفعُ إلى مستوى الخطر وتحد من تبعاته الاجتماعية.
إنَّ مبادلةَ الشعب الوفاءَ بالوفاء تتطلَّبُ من النخبة السياسيّة والمثقفة ومن قيادات الدولة، مدنيين وعسكريّين، التفكيرَ في اجتراح أساليب جديدة؛ بهدفِ اختصار المعاناة وتحقيق الأهداف في أسرع وقت متاح وبأقل خسائرَ ممكنة، ذلك أن تحدياتِ ما بعد الحرب والمواجهة العسكريّة، ستكون أهمّ وأصعبَ، وما لم نستعد لها من الآن، فإن نذيرَ الفوضى قد يستشري في كامل الجغرافيا اليمنية، ولن يقتصرَ على محافظات جنوب البلاد فحسب، وما أحداثُ تعز الدامية مؤخّراً إلا مؤشرٌ على الخطر الداهم الذي لم يأتِ مصادفةً، بقدر ما يدلل على خطط بديلة يشتغل عليها العدوان السعوديّ الأمريكي، وقد أدرك استحالةَ الحسم العسكريّ في حربه على بلادنا.
إنَّ استنفارَ كُــلّ الطاقات؛ بهدفِ التعبئةِ والمواجهة يتطلبُ قبلَ ذلك إعمالَ خلايا التفكير الجمعي، والتداعي إلى ورشات عمل نوعية قوامُها المصداقيةُ والموضوعيةُ والتفكيرُ العلمي بعيداً عن أجواء الدعاية الإعلامية التي تطغى على كثير من المناشط والفعاليات، والتي تستهلكُ في غالبيتها الوقتَ والجهدَ والمالَ ثم يأتي مردودُها متواضعاً ومحدودَ الأثر في الواقع العملي.
لستُ ممن يبخَسُ الناسَ أشياءَهم، فالعطاءُ كبيرٌ والتضحياتُ أكبرُ، ولا يجادِلُ في ذلك إلا غافلٌ أَو حاقدٌ، بيد أني ممن يرى أن نسبةً كبيرةً من قدرات شعبنا ما زالت معطلةً لسببٍ أَو لآخر، وأن في جعبتنا الكثيرَ والكثيرَ إنْ أحسنا المراجعةَ والتقييمَ.