أكذوبة الأقـلية الزيدية في اليمن
الصمود / ٢ / مايو
أقلام حرة /
بقلم / عبدالله علي صبري
برغم استضعاف الزيدية المذهب في بلادنا خلال العقود الأخيرة الماضية، إلا أن الهضبة الزيدية ظلت في صدارة السلطة بشكل أو بآخر، ولم يكن هناك معنى للزعم أن الزيدية مجرد أقلية دينية وسط اليمن السني أو الشافعي.
لكن قبيل 2004م، وهو العام الذي شهدت فيه اليمن حرب صعدة الأولى، صدر تقرير أمريكي عن حالة الحريات في العالم العربي، أشار فيه إلى أن الزيدية أقلية دينية لا يتجاوز أتباعها نسبة 30% من سكان اليمن. ومع ذلك لم أفهم ما وراء هذا القول، رغم أن صديقا لي نبهني إلى المعلومة الواردة في التقرير والقيمة في نظره.!
من وحي هذه المعلومة وحين اندلعت حروب صعدة، وبدأ كل زيدي أو هاشمي يتحسس رأسه، كتبت في جريدة الشورى مقالا بعنوان “وللأقليات حقوق”.. حينها كنت ما زلت جاهلا أن الخطاب الإعلامي الداخلي والخارجي المرافق لتلك الحرب كان يتعمد حصر المشكلة في أقلية زيدية حوثية متمردة تدعي الحق الإلهي في الحكم.
اليوم وقد خرج أنصار الله أو الحوثيون من دائرة الاستضعاف ما يزال البعض ينكر عليهم حق المشاركة في الحكم بزعم أنهم “أقلية دينية”، بل وثمة من يرى أن الأمريكان يحرصون على هذا التوصيف باتجاه إقناع مختلف الأطراف القبول بمنح أنصار الله منطقة حكم ذاتي في شمال اليمن، كمدخل عملي للتسوية السياسية.
إلا أن أنصار الله لا يرون أنفسهم أقلية دينية وليسوا في وارد التعاطي مع أفكار كهذه.. وما فتئوا يؤكدون على الشراكة الوطنية في السلطة والثروة، ومع ذلك يشكك خصومهم في نواياهم، ويذهب بعض المتطرفين إلى ضرورة اجتثاثهم كأقلية لا وزن لها.!
والحقيقة أن الأقلية مفهوم ملتبس، كما أن الزيدية ذاتها حالة ملتبسة، فقد ارتبط المذهب بالجغرافيا، حتى أن “الزيدي” يطلق على أي يمني بشكل عام، واليوم فقد أصبح الزيدي في نظر الجوار السعودي وبعض المتعصبين في الداخل مجرد حوثي رافضي.. لكن هذا ليس بيت القصيد.
ما نقصده هنا في ما يتعلق بمسألة الحكم في ظل النظم الديمقراطية، أن الأغلبية السياسية هي التي تحكم عبر الإرادة الشعبية، بينما الأقلية يكون لها حق المعارضة في إطار نظام من الحقوق والحريات يسمح بتداول السلطة حين تغدو الأقلية أغلبية. وهكذا فإن أنصار الله يمكن أن يصبحوا أغلبية سياسية بغض النظر عن الخلفية الدينية، شرط أن يكون وصولهم إلى السلطة عبر الإرادة الشعبية ومن خلال صناديق الاقتراع لا فوهات البنادق. وبالطبع ما ينطبق على أنصار الله ينطبق على غيرهم، كالحراك الجنوبي ذي الخلفية الشافعية مثلا.
لكن قبل هذا وذاك على العدوان أن يتوقف أولا، ثم يشرع اليمنيون في مداواة جراحهم والقبول ببعضهم البعض، قبل أن نجد أنفسنا نتحدث عن أقليات قبلية وأسرية تحكم كانتونات ودويلات تدار من الخارج.