العدوان يستهدف البنك الزراعي: ماذا بعد..؟؟
فؤاد الجنيد
لا تكف أبواق العدوان ساعة واحدة عن الحديث المجوّد والمنغّم عن الشعب اليمني ومعاناته، وكيف أن الحرب القت بتبعاتها ونتائجها على كاهله، لكنها تتنصل من مسئولياتها في ذلك، وتتملص من الإعتراف بوقوفها وراء كل هذه الكوارث الإنسانية بدءً بقتل المدنيين وتدمير مساكنهم واسواقهم وطرقاتهم ومستشفياتهم ومقرات أعمالهم، مروراً بالحصار الثلاثي ونهب واردات النفط والغاز في المحافظات المحتلة، وانتهاءً بتعنتها وعرقلتها اي تسوية سياسية من شأنها إنهاء الحرب وتطبيع الحياة العامة وعودة الإستقرار والأمان.
وبعد أن دمر العدوان كل مقدرات الشعب اليمني وممتلكاته ومؤسساته وبنيته التحتية، وسعى بكل قوة إلى ضرب الإقتصاد الوطني عن طريق نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، وطباعة المزيد من العملات النقدية دون غطاء، والتلاعب باسعار العملات الأجنبية أمام الريال اليمني، يستهدف اليوم عن طريق أدواته الرخيصة في الداخل أحد مداميك الإقتصاد الوطني المتمثلة في البنك الزراعي الذي بقى واقفا رغم كل الظروف وصمد في تقديم خدماته للعام الخامس على التوالي في شمال اليمن وجنوبه دون انحراف عن مساره السامي الذي نحى الصراع جانبا وحيّد نفسه أمام كل العواصف والرياح التي حاولت ثنيه عن أهدافه الخدمية للجمهور.
بعد أن رمى التأريخ الساطور محمد زمام إلى مزبلته بعد ملفات فساد متخمة بملايين الدولارات من أموال الشعب اليمني وثرواته، جاء خلفه “معياد” لينتقم مما تبقى من مساحات خضراء للاقتصاد اليمني المحدود، محاولا النيل من هذه الهامة الوطنية التي لم تستسلم لهوامير الفساد وزبانية اللصوصية المكشوفة، ولا عجب في ذلك، فمن باع الوطن بثمن بخس لن يتورع على بيع مؤسسة واحدة تنتمي لهذا الوطن الكبير، وقد بدأ ذلك جليا بمحاولة التلاعب المصرفي عن طريق القرصنة على نظام التحويلات “السويفت” الخاصة بالبنك الزراعي.
يمتلك البنك الزراعي جمهور واسع ورقم كبير من العملاء يصل إلى أكثر من نصف مليون يتوزعون على مختلف محافظات الجمهورية دون تمييز، وعدد وافر من الفروع البالغة أكثر من 90 فرعا، لكنه اليوم أصبح هدفا مباشرا وورقة أخرى من أوراق العدوان القذرة، التي لم تراعي الخصوصيات والقوانين وخولت لنفسها التلاعب بأموال العملاء ومودعي الحسابات ونهبها، رامية عرض الحائط كل المحددات اﻹئتمانية المنصوص عليها، وما يترتب عليها من تبعات كارثية على نشاط البنك وقدرته على الوفاء بالتزاماته الداخلية والخارجية، وهذا بدوره يهز ثبات القطاع المصرفي ويلاشي الثقة التي منحها إياه الجمهور إلى جانب صهر الإقتصاد الوطني بشكل عام.
قبل عملية نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء استمرت سلطات “أنصار الله” في صرف رواتب جميع الموظفين منذ اليوم الأول للعدوان، فهي ترى في الرواتب ملكية للشعب ولا فضل لأحد فيها، ولم تقحم الوظيفة العامة في أتون الصراع على أبعاد سياسية أو جغرافية ولا حتى طائفية، ولم تقم بفصل أولئك المؤيدين للعدوان إيماناً منها بأن الوظيفة العامة حق للمواطن، وهو السلوك الذي لم يفعله مرتزقة العدوان في أماكن سيطرتهم، أضف إلى ذلك حرص الحكومة اليمنية في صنعاء على منع تداول كل الأوراق النقدية الجديدة التي طبعت دون غطاء حرصاً مسئولاً منها على الإقتصاد الوطني وحمايته من الإنهيار قدر المستطاع في وقت تسعى حكومة ما يسمى بشرعية الفنادق المدعومة من الرياض إلى اغراق الأسواق اليمنية بالطبعات المتتالية من العملة الجديدة بهدف التسبب بالمزيد من الهبوط المتسارع للريال اليمني أمام الدولار، وهي الورقة الأخيرة التي تعوّل عليها الرياض في انهاك اليمنيين وصرفهم عن مواصلة الصمود والثبات بعد أن فشلت في جميع أوراقها السابقة، ناهيك عن المحاولات المستمرة للنيل من اللحمة الداخلية، وتفريخ المكونات السياسية، وتمزيق النسيج الإجتماعي، وتكليب الرأي العام على سلطات الداخل؛ لكن وعي اليمنيين وايمانهم بقضيتهم وقف سداً منيعاً أمام تلك المحاولات المكشوفة، وزاد من حماسهم وتفاعلهم في رفد الجبهات بالمال والرجال، وترسخت قناعتهم بأهداف العدوان الحقيقية وما وراءها من مخططات أمريكية وصهيونية تسعى للنيل من الشعب اليمني واحتلال جزره وموانئه، ونهب خيراته ومقدراته، وتدمير بنيته التحتية وقتل أبنائه ونسائه وأطفاله بمجازر وحشية لا تخطر على بال الشياطين.
المصدر|ملتقى الكتاب اليمنيين