صحیفة أمريكية تعلّق على سياسة غضّ النظر بحق جرائم ابن سلمان
الصمود
قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية اليوم إن سياسة الصمت الدولي عموماً والغربي خصوصاً تجاه الجرائم التي يرتكبها ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان بما فيها العدوان على اليمن وجريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي تعتبر تعامياً عن انتهاكات ابن سلمان ولهذا الأمر عواقب مستقبلية وخيمة.
وعبرت الصحيفة في مقال أعدّه نائب رئيس التحرير فيها جاكسون ديل عن استغرابها من “المعايير المزدوجة التي يتعامل الغرب على أساسها مع ابن سلمان فهو ينتقد جرائم الأخير الوقحة من جهة لكنه يسكت من جهة أخرى عنها ويحاول تبرير استمرار دعمه بحجج كثيرة ليس أقلها تحالفه مع أمريكا بما يخدم مصالح (إسرائيل)”.
وأشارت الصحيفة إلى خطورة ما ورد في التقرير الذي أعدّته اغنيس كالامار المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالإعدام خارج نطاق القضاء حول قضية القتل الوحشي لـ “خاشقجي” وتوصلت فيه إلى أن ابن سلمان ضالع في الجريمة مشيرة إلى أن الأمم المتحدة والغرب تجاهلوا التقرير بينما أكدت كالامار أن “حكومات عديدة حاولت دفن جريمة خاشقجي وطلبت تخطيّها لكن عملية القتل هذه لن تموت”.
وبيّنت الصحيفة أن “شعور ابن سلمان بأنه محصّن وأن الغرب لن يتخذ أي إجراء ضده جعله يمضي قدماً في جرائمه فالناشطات اللائي أمر بتعذيبهن ما زلن في المعتقلات ولا تزال طائراته تواصل قصفها في اليمن كل ذلك لأن الحكومات الغربية لا تمنعه”، محذّرة من مغبّة الصمت الدولي المطبق عن هذه الجرائم وتكلفتها الباهظة حين سيضطر الغرب فيما بعد للتحرك لإيقافها.
ويتستر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على جرائم ابن سلمان ولا سيما فيما يتعلق بمقتل خاشقجي نظراً للمصالح التجارية والاقتصادية المشتركة بين الاثنين.
مجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية قالت في مقال مشترك أعدّه كلّ من “أوري فريدمان” و “يارا بيومي” تحت عنوان “التحالف الأمريكي السعودي على حافة الهاوية” إن “الكونغرس سئم من التكلفة الإنسانية المأساوية للتدخل العسكري الذي تنفذه السعودية في اليمن“.
وفي إشارة إلى ظهور دعوات في أمريكا لإنهاء هذا التحالف بيّنت المجلة أن جهوداً ومحاولات تبذل في واشنطن لإجراء مراجعة جذرية إزاء علاقات واشنطن مع السعودية إن لم يكن إنهاء التحالف بينهما مضيفة إن هذه المحاولات تصطدم بموقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يقف وبقوة أمام أي تغيير في مسار تحالفه مع النظام السعودي وخاصة ولي عهده محمد بن سلمان.
المجلة بيّنت أن الكونغرس سيدفع إلى محاولة فرض إجراءات رقابية أسبوعية على السعودية نتيجة حربها على اليمن مشيرة إلى أن بعض أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي والعديد من جماعات الضغط والمحللين والمسؤولين الأمريكيين السابقين يعتبرون أن التحالف الأمريكي السعودي ما عاد ممكناً، وأنه في ظل وجود ابن سلمان الحاكم الفعلي للسعودية فإن العديد من المشرعين الأمريكيين يتّجهون لفرض قيود على مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية ويدعون لمحاسبة ابن سلمان في قضية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول العام الماضي.
وكان مجلس الشيوخ الأمريكي أيّد الشهر الماضي مشروع قرار يعارض خطة ترامب لإتمام صفقات بيع أسلحة للسعودية ودول أخرى تتجاوز قيمتها ثمانية مليارات دولار حيث صوت 53 عضواً مقابل 45 صوتاً لمصلحة مشروع القرار وهو من بين 22 مشروعاً تسعى إلى إلغاء خطة ترامب التي اتخذها في أيار الماضي لتخطي عملية مراجعة الكونغرس للصفقات وإتمام اتفاقات الأسلحة.
المجلة نقلت كذلك عن مسؤول في النظام السعودي لم تكشف عن اسمه قوله إن “العلاقة السعودية الأمريكية تعرّضت مؤخراً لهزّات عنيفة” فيما دفعت السعودية وفق المجلة ما يقارب الـ 40 مليون دولار لجماعات الضغط ومراكز الفكر والأبحاث الامريكية من أجل تحسين صورتها في أمريكا.
منظمات حقوقية دولية انتقدت مؤخراً مواصلة دول عديدة بينها أمريكا وفرنسا وألمانيا توريد الأسلحة للتحالف الذي يقوده نظام بني سعود في عدوانه على اليمن منذ عام 2015 وارتكابه المستمر لمجازر لا تحصى بحق المدنيين وخاصة الأطفال والنساء في غاراته اليومية على المناطق الآهلة بالسكان كما خلّف أوضاعاً صحية ومعيشية متدهورة للغاية نتيجة الحصار الذي يفرضه على الموانئ اليمنية وانقطاع الإمدادات الطبية ما أدّى إلى انتشار الأمراض ووفاة عشرات آلاف اليمنيين.
الحكومة اليمنية من جهتها دعت مراراً المنظمات الدولية والإنسانية والمجتمع الدولي إلى الاضطلاع بدورهم والعمل على وقف عدوان النظام السعودي على اليمن وتلبية احتياجات الشعب اليمني إلا أن تلك الدعوات ذهبت أدراج الرياح ولم تلق أي آذان صاغية ما يثير الكثير من التساؤلات حول حجم التآمر الذي يتعرّض له اليمن من قبل القوى الغربية وخاصة واشنطن الحليفة للنظام السعودي.