صمود وانتصار

“القبسات” مقاطع قصيرة من كلام السيد حسين بـدر الدين الحوثي(10)

الصمود

الصمود |ثقافة قرآنية 

الله سبحانه وتعالى وهو أكرم الأكرمين هو من ذكر الإنسان في القرآن الكريم بنعمه الواسعة عليه، وتمنن عليه بما أسبغ عليه من نعمه، وطلب منه أن يذكرها ويتذكرها كنعم منه تعالى عليه

الإنسان الذي يعطي إنسانا آخر لا يجوز له أن يمن عليه بما أعطى فيظل دائما يذكره بأنني فعلت لك كذا، وأنا أعطيتك كذا، وأنا عملت لك كذا، هذا يبطل أجر الصدقة، بل يتحول الموضوع إلى معصية

الله يتمنن علينا بنعمه، ويعددها علينا، ويذكرنا بها، ويطلب منا أن نتذكر ما أنعم علينا به.

النعم التي يسديها الله سبحانه وتعالى للإنسان لها علاقة كبيرة بمجالات متعددة: فهي من جهة من مظاهر قدرة الله سبحانه وتعالى، وهي من جهة أخرى من مظاهر حكمة الله تعالى، وهي من جهة أخرى من مظاهر رحمته تعالى، وهي أيضا من دلائل رعايته تعالى للإنسان وهي في نفس الوقت من مفردات هذا العالم الذي يتقلب فيه الإنسان

قضية مهمة جدة بالغة الأهمية بالغة الأهمية أن يتذكر الإنسان أن ما هو فيه هو نعمة من ربه عليه، أن يتذكر بأنها من نعمة الله عليه، أن يتذكر الناس بأن ما هم يتقلبون فيه هو نعمة من الله عليهم، هذه لها أثرها المهم، ومتى ما غاب هذا الشعور: تذكر أنها نعم إلهية من الله إليهم تظهر سلبيات خطيرة جدا .

تذكر دائما بأن بصرك نعمة عظيمة من الله عليك، إذا فاستح من الله، استح من الله أن تعصي ربك بالنعمة نفسها التي تفضل عليك بها، وأنت تعلم بأنك في أمس الحاجة إليها، استح منه أن تقلبها في ما حرم الله عليك من النظر المريب إلى النساء من النظر إلى كل ما حرم الله النظر إليه، ثم هكذا بالنسبة لسمعك ثم هكذا بالنسبة لحواسك، ثم هكذا بالنسبة لمالك

استح من الله أن تصرف ريالا واحدا في معصية من معاصيه، هذا كفر بنعمة الله، كفر بالله، نعمته العظيمة التي أنعم بها عليل فجعلك منشرح الصدر بها، قرير العين بها، مطمئن النفس بها.

لسانك الذي وهبك الله وأنت تستطيع أن تعبر عن ما في نفسك، تتكلم وتنطق، انظر إلى الآخرين الذين لا يستطيعون أن يتحدثوا كيف تلمس بأنك في نعمة عظيمة، أنك تتمكن من أن تنطق، هذه النعمة العظيمة استح من الله سبحانه وتعالى أن تستخدمها في القول بالباطل.

كثيرا من المعاصي يمكن أن تستخدم بواسطة النطق فتكون ممن سخر نعمة الله عليك في معصيته، في ظلم الآخرين، في أخذ حقوق الآخرين، في الحط من مكانتهم، في هتك أعراضهم، في تأييد الباطل. إذا فاستح من الله، وتذكر بأن هذه نعمة عظيمة أنعم بها عليك.

نعرف أهمية أن يذكرنا الله وأن يطلب منا أن نتذكر نعمة العظيمة علينا، لأن لها علاقة كبيرة بنا، باعتبار أنها هي الآليات التي بها نطيع وبها نعصي، فمتى ما تذكرنا أنها نعمة منه فإن هذا سيوجد في أنفسنا حياء من الله أن نتوقف عما طلب منا فيها، أو أن ننطلق الاستخدامها في معاصيه.

أنت عندما تتقلب داخل مفردات وأجزاء هذا العالم فتصنع وتنتج وتبدع وتعمر، . وأشياء كثيرة، إذا ما كنت متذكرا بأنها من نعمة الله، إذا ما كان الناس متذكرين بأن هذه الأشياء هي من نعمة الله عليهم فإنهم سيخشون من الله وسيستحيون من الله أن تستخدم في معاصيه، أو أن تستخدم في الإضرار بالآخرين من عباده .

تذكر أن ما بين يديك من نعمة الله يساعدك على تكرير التأمل فيها لكونها ذات قيمة لديك،قيمة في واقع الحياة باعتبارها مما تمس الحاجة إليه في مختلف شؤون الحياة بالنسبة للناس جميعا، مما لا تستقيم الحياة إلا بها فتزداد ثقتك بالله سبحانه تعالى وتعظم ثقتك به

متى ما عظمت ثقتك بالله انطلقت في كل ما وجهك إليه.

لما كان المال، أو النعم بصورة عامة، سواء كانت نعم معنوية، أو نعم مادية، لها أثر عاطفي في نفس الإنسان يشده إلى الطرف الذي منحه هذه النعمة، إلى من أسدى إليه هذا المعروف، يشده نحوه، كانت النعم فيما يتعلق بعلاقتنا بالله سبحانه وتعالى ذات تأثير كبير فيما إذا | تذكرنا أنها نعمة، هي مربوطة بالتذكر.

أن يشدني الله سبحانه إليه من خلال تذكيري بما أنعم علي من النعم العظيمة هو شدي إلى الكامل المطلق إلى الكمال، إلى من يعتبر ارتباطي به وقربي منه تكريما لي.

المؤمنين نهو عن المن، وجعل المن مما يبطل أثر الصدقة .

المن الذي يعني التذكير واستغلال العواطف وإشعار الأخر بأن عليه أن يسير كما أريد، ترسيخه يصبح مما يعرض المجتمع لخطورة بالغة بالنسبة لأهل الباطل، فيأتوا ليدفعوا أموالا أكثر منلك، ويستخدموا نفس الأسلوب في التذكير بما أعطوا.

لا يجوز إطلاقا أن يتحدث بعضنا مع بعض من باب المن بما أعطى؛ لأنك تربي المجتمع على أن تسځر عواطفه للباطل.

المال هو وسيلة يستخدمه الحق ويستخدمه الباطل، فأنت ملزم بأن تنفق مالك في سبيل الله؛ لأن الحق لا بد من بذل المال في سبيله، وأهل الباطل يعلمون ويتأكدون بأن الباطل لا يسير إلا بواسطة المال. إذا فالمال هو سلاح ذو حدين .

يجب على الإنسان أن ينظر إلى الأشياء معتمدة على مقاييس إلهية وليس من خلال الماديات.

ينطلق الناس وهم يرون أن كل ما بين أيديهم له قيمته المرتبطة بمسؤوليتهم كخلفاء الله في الأرض، ومتذكرين أنها نعمة من نعم الله. فهذا هو نفسه من إحدى الدوافع بالإنسان إلى أن يغوص في أعماق مفردات هذا العالم فيبدع، وينتج، ويصنع، ويكتشف الأسرار التي أودعها الله في هذا العالم.

يجب أن يلغى إلمن بما أعطيت تماما، ويجب عليك فيما إذا أعطيت من جانب أن لا يسيرك عطاؤه إياك فيسير عواطفك كيفما يريد.

حاول أن تبتعد عن أن يكون لفاجر تأثير على عواطفك.

 

المصدر: من كتاب “القبسات ” اعداد محمد محمد يحيى الدار