صمود وانتصار

دعوى قضائية ضد إسبانيا بسبب بيع الأسلحة للسعودية

الصمود

نشرت صحيفة “إل سالتو دياريو” الإسبانية تقريرا سلطت فيه الضوء على الدعوى القضائية التي رفعتها منظمات حقوق الإنسان إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد الحكومات والشركات التي باعت أو سمحت بنقل الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، لأنها ستُستخدم في حرب اليمن.

وقالت الصحيفة في تقريرها، إن الانتقادات الموجهة إلى الحكومة الإسبانية بشأن بيع الأسلحة إلى الحكومة السعودية، التي شاركت بها في حرب اليمن منذ سنة 2015، وقع تسويتها بشكل نهائي وبراغماتي من قبل رئيس الوزراء الإسباني بالإنابة بيدرو سانشيز، الذي صرح قائلا: “إذا سألتني أين يجب أن أكون اليوم سأقول هنا للدفاع عن مصالح إسبانيا وعمل القطاعات الاستراتيجية”.

وأوضحت الصحيفة أنه بعد مبادرة من قبل ست منظمات لحقوق الإنسان التي رفعت دعوى في محكمة لاهاي، يبدو أن تورط الشركات والحكومات الأوروبية في أسوأ أزمة في عصرنا، يمكن أن يؤدي إلى “مسؤوليات جنائية”. هذا ما يقوله خوردي كالفو، وهو عضو في إحدى المنظمات التي قدمت دعوى إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تتكون من أكثر من 800 صفحة، ضد الشركات والمسؤولين والمكاتب العامة الأوروبية التي أذنت ببيع الأسلحة أو المواد التي تستخدمها المملكة العربية السعودية في حرب اليمن.

وأوردت الصحيفة أنه، في حالة إسبانيا، يوضح كالفو أن الطائرات المقاتلة “يوروفايتر تايفون” المصنوعة جزئيا في مصنع إيرباص في إيليسكاس في محافظة طليطلة، وناقلات الوقود إيرباص “إيه-330” المصنعة بالكامل في خيتافي بمدريد، قد استخدمت من قبل المملكة العربية السعودية في حرب اليمن. وحسب ما ورد في الدعوى المرفوعة، يؤكد كالفو أن طائرات “إيه-330” قد خضعت للصيانة في مقاطعة باراخاس وحصلت على قطع غيارها من شركة إيبيريا للصيانة طيلة سنوات النزاع، كما أدانت أيضا انتهاكات حقوق الإنسان.

بالنسبة لخوردي كالفو، تعد مسؤولية الشركات والحكومة الإسبانية واضحة، لأنها سمحت بنقل هذه الطائرات اعتبارا من سنة 2015، على الرغم من علم الجميع بانتهاكات حقوق الإنسان في سياق النزاع المسلح في شبه الجزيرة العربية. وتهدف هذه الدعوى، التي تنتظر الآن قرار مكتب المدعي العام في لاهاي، إلى إثبات أن الحكومات والشركات التي سمحت واستمرت في بيع الأسلحة إلى السعودية، “كانت تشجع وتضفي الشرعية على عمل السعودية لمواصلة خطتها الحربية في اليمن، على الرغم من كل الأدلة التي تشير إلى أنه لا ينبغي عليها القيام بذلك”.

وأفادت الصحيفة بأن أهمية هذه الدعوى بالنسبة لكالفو تكمن في لفت الانتباه إلى المبيعات وعمليات النقل الجديدة للعمليات المتفق عليها في السنوات السابقة، والنظر فيها باهتمام أكبر لأنه قد تنشأ مسؤولية جنائية جراء ذلك. ويشمل ذلك لطوافات الخمسة التي هي قيد الإنشاء حاليا في أحواض بناء السفن في قادس، التي باعتها شركة نافانتيا إلى السعودية. ويؤكد كالفو أن الحجة القائلة إن هذه الطائرات لن تُستخدم في الحرب ليست قائمة، لأن الحصار البحري، بالنظر إلى الوجهة المتوقعة لهذه السفن، يلعب “دورا أساسيا في الاستراتيجية العامة للحرب”.

الدعم الإسباني للسعودية

أشارت الصحيفة إلى أن موافقة الحكومة الإسبانية على بيع الأسلحة إلى السعودية، وفقا لهذا الباحث، تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين مما يجعل إسبانيا اليوم تواصل مبيعات الأسلحة إلى السعودية. وعلى حد تعبير بيدرو سانشيز عند ظهوره أمام الكونغرس في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، فإن الهجمات على المدنيين التي قُتل فيها حوالي 141 مدنيا في ثماني غارات جوية في سنة 2018، إلى جانب عشرات الآلاف من القتلى وما يقارب 22 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، لم تكن حججا كافية لإدانتهم”.

كما أن الرئيس الإسباني نفسه لا يعترف بأن المملكة العربية السعودية هي عبارة عن نظام استبدادي متورط في الفضيحة الأخيرة المتعلقة باغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في تركيا.

وأوضحت الصحيفة أن قرار الحكومة بالمضي قدما في بيع الأسلحة إلى السعودية لا يتجاهل فقط التدابير التي اتخذتها حكومات منطقة اليورو الأخرى، مثل ألمانيا، التي علقت عمليات تسليم الأسلحة إلى هذا البلد، وإنما ينتهك أيضا القانون الدولي الذي يحظر بيع الأسلحة إلى بلدان النزاع أو التي تنتهك حقوق الإنسان.

بالإضافة إلى ذلك، لا يمتثل قرار الحكومة إلى التشريعات الإسبانية نفسها، التي تشترط أن تكون صادراتها من الأسلحة “متسقة مع الالتزامات السارية وفقا للقانون الدولي، وذلك لضمان ألا تشجع هذه الصادرات على انتهاك حقوق الإنسان، ولا تساهم في تأجيج النزاعات المسلحة ولا تسهم بشكل كبير في الفقر”.

ونوهت الصحيفة بأن موافقة البرلمان الأوروبي على القرار الذي يدعو إلى فرض حظر على كل دول الاتحاد الأوروبي بشأن بيع الأسلحة إلى السعودية الديكتاتورية، لم تفي بالغرض. ففي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلن سانشيز أنه سيواصل عمليات إرسال الأسلحة، مع الالتزام السعودي بأن المواد الحربية المرسلة لن تستخدم في الحرب ضد اليمن.

ونقلت الصحيفة عن خوردي كالفو أن هذه الحجة التي تتعلق بالاستخدام النهائي للمواد المباعة إلى السعودية ليست سوى حبر على ورق. وأضاف أنه يحاول، في الدعوى المرفوعة لمحكمة لاهاي، إظهار أن كلا من طائرات إيه 330 وطائرات التزويد بالوقود قد استخدمت في قصف المستشفيات والمدارس، من بين أهداف أخرى.

وأوردت الصحيفة أن دعم الحكومة الإسبانية للنظام السعودي لا يقتصر على توريد الأسلحة. فعندما سُئل رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، عن إمكانية الاحتفال بكأس السوبر الإسبانية في السعودية في كانون الثاني/ يناير 2020، قال إنه لا رأي له بخصوص هذه المسألة. ويبدو أن هذا القرار، الذي يعتمد في النهاية على الاتحاد الإسباني لكرة القدم، يعد مثالا آخر على تواطؤ الحكومة الإسبانية مع نظام ينتهك حقوق الإنسان بشكل منهجي، وذلك وفقا لمنظمة العفو الدولية. وإذا وقع رفع الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، سيتعين على المسؤولين العموميين ورجال الأعمال الرد.