صمود وانتصار

إخوان اليمن يقتربون من خسارة آخر معاقلهم

الصمود

الصمود| يتجمع حزب الإصلاح ( إخوان اليمن ) في محافظة مارب شمال شرق اليمن ، قد تكون هذه هي آخر محطة للحزب بعد أن بات الجيش اليمني واللجان الشعبية الذين يواجهون التدخل العسكري  السعودي والإماراتي المدعوم أمريكيا  منذ مارس 2015 على تخوم المدينة ، دخولها سيعني  الطلقة الأخيرة على الحزب المثير للجدل منذ 1990  (تأريخ تأسيسه )  وهو نتاج تجمع ثلاثة تيارات :

 الأول الإسلاميين الذين تأثروا بفكر الإخوان المسلين منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي وربما تنظموا فيما بعد ضمن التنظيم الدولي للإخوان و(مقره مصر ) بينما تشكل التيار الثاني من السياسيين ورجال الأعمال الذين دخلوا إليه من البوابة السياسية للحصول على مقاعد في أول برلمان بعد الوحدة  ( برلمان 1993 ) في حين تشكل تيار قبلي قاده الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر .

لست بصدد الكتابة عن تأريخ الحزب ، لكني أحسب أن هذه الكتابة تأتي في إطار الحديث عن اقتراب نهاية وطي صفحة حركة الاخوان المسلمين في اليمن ضمن تحول المشهد السياسي في هذا البلد وفي العالم العربي ككل منذ 2011  ولغاية الآن 2020ـ  خلال هذا العقد قُدر لنا أن نراقب النهايات الأخيرة للاخوان المسلمين ، وهي نهايات اختلفت من بلد إلى آخر ، في اليمن تجري على هذا النحو ، لقد بات مصير الحزب مرتبط بمدينة يتجمع فيها منذ اختارت قيادته تأييد الحملة العسكرية غير المشروعة أخلاقيا وانسانيا وقانونيا وتقودها السعودية ضد اليمن .

ما يحصل في اليمن ليست حرب وفقط ، هو تغيير شبه كلي للمشهد السياسي على الأقل الذي كان قائما خلال الثلاثة العقود الماضية ، لم يعد بإمكان أحد تجاوز هذا التغيير بغض النظر عن صُنّاعه ، إحدى نقاط فشل الحرب السعودية أنها تريد إعادة تركيب المشهد بما يتناسب مع مصالحها ، تريد آن تتجاوز حقيقة أن المكونات الموجودة على الساحة السياسية والعسكرية والإجتماعية لا تتطابق تماما مع الـ 40 العام الماضية ، التحول الذي لا تريد السعودية فهمه حصل منذ إنهيار النظام السياسي الذي شكلته المبادرة الخليجية 2012 إثر ثورة شعبية سلمية وعسكرية  قادها أنصار الله الحوثيين سبتمبر 2014 ، لقد كان نتاج هذه الثورة نزوح  قوى ومكونات سياسية ومن بينها حزب الإصلاح الذين يمثلون حركة الإخوان المسلمين، وأحزاب سلفية ناشئة ، وتيارات انشقت عن الرئيس الأسبق علي صالح ، وقيادات اشتراكية وناصرية وبعض مشائخ القبائل ، كل هولاء نزحوا إلى السعودية ومصر والأردن ، والحقيقة التي يجب أن تقال أنهم نزحوا إختياريا وليس إجباريا ، عندما اعتقدوا أن التدخل العسكري السعودي المدعوم من الغرب سينجح ويسقط ما اعتبروه ” انقلابا ” لكن الذي حصل أن الرياح جاءت بما لا تشتهيه قواب هذه الأحزاب ، لم ينجح العدوان السعودي ، ووضع المشهد اليمني أما تغييرا آخر عنوانه نهاية الأحزاب التقليدية بما في ذلك المؤتمر الشعبي العام الذي حكم قرابة 33 عاما بعد أن انقسم إلى تيارات متعددة قبل وبعد مقتل على عبد الله صالح مؤسس وزعيم الحزب ديسمبر 2017 .

نحن الآن أمام نهاية أخرى للماضي تتمثل باقتراب سقوط الإخوان المسلمين الذين مثلوا أدوار متقلبه خلال العقود الماضية ، كانت حتى 2011 تشكل المعارضة . اذ لا يجادل أحد أن مارب هي المعقل الأخير ، للاصلاح  خسارة مارب ستعني بالنسبة له التحول إلى مجموعة من القيادات في المنفى دون جغرافيا ، الإنتقال إلى شبوة جنوب شرق اليمن سيكون مفتاح لحرب مع الإنتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات .

مع هذه التطورات العسكرية والميدانية التي تصب لصالح  المجلس السياسي الأعلى  في العاصمة صنعاء  ويمثل أنصار الله والجناح الأقوى في  المؤتمر الشعبي العام واحزاب سياسية  صغيرة قديمة وجديدة ناشئة ،يمكن الجزم بأن فرص الحل السياسي تتضائل وربما منعدمة ، لأن الواقع السياسي والعسكري الحالي في اليمن يقول أن المجتمع الدولي يعترف بفراغ يسميه حكومة شرعية يقودها عبد ربه منصور هادي وتقيم خارج البلاد وعاجزة عن العودة إلى أي جغرافية ، بما في ذلك المحافظات الجنوبية التي تشهد نزاعا عسكريا منذ 2016 الحلول هناك ومعقدة وآخر التجارب اتفاق الرياض الذي ترعاه السعودية ولا يبدو أنه صالح للتنفيذ لكثير من العوامل من بينها رغبة السعودية نفسها .

هل تصمد مارب عسكريا وبالتالي يتجاوز حزب الاصلاح الأزمة ؟! الفارق فقط هو أن المعركة ستطول أما النهاية فحتمية .

كاتب وصحفي يمني