صمود وانتصار

اللواء الماوري..حاضرٌ رغم الغياب

الصمود

عاماٌ على رحيل والدي، رحل عنا ولم يرحل منا، عاش بمقاييس الزمن حياة قصيرة، لكنها حافلة بالعطاء والتضحية في سبيل الله والوطن والشعب..
في مثل هذا اليوم قبل عام مضى، صك أسماعنا نبأ وفاته، كان مؤلما، قاسياً، أفقدنا القدرة على التصديق والإستيعاب صدى رحيله تردد بشديد الأسى واللوعه وحجم فقده دل على ما حباه الله من مكانة عظيمة في قلوب من عرفوه أو سمعوا عنه وكان في مواساتهم لنا في مصابنا أطيب الأثر بإحالة كل الأسى إلى صبر جميل وهذا فضل من الله عظيم.
الأب..
كان بيننا كواحد منا وما إن يرانا حتى يدعونا إلى مجلسه ويا له من مجلس نوراني، إكتسبنا فيه من التوجيه والإرشاد ما نحتاجه لخوض معترك الحياة بكل ثقة متوكلين على الله متمسكين بما غرسه فينا من قيم وأخلاق ومبادئ لا نحيد عنها ولا نفرط فيها، كان دائم التنبيه والحرص على وجوب الإنتباه للنفس، وأن تربيتها وتهذيبها واجب حتمي علينا، وألّا نهادنها أو نتهاون معها في حد من حدود الله او حق من حقوق الوطن، لم يكن ممن يُكثرون الكلام والمواعظ، لكن لسان حاله كان خير دليل لنا وأكبر مؤثر فينا.
القائد..
دائماً ما نسمع أن تحمل المسئولية في الظروف الإستثنائية تكليف لا تشريف، لكنه كان يقول “… تحمل المسؤولية في هذا الظرف تشريف أيضاً لمن يعرف معنى شرف الجهاد في سبيل الله والدفاع عن الوطن..”، لم يكن قائداً إستثنائياً فحسب، بل كان رجل مرحلة بكل ما للكلمة من معنى، تحمل المسئولية بكل جدارة وإقتدار في ظرف خطير وإستثنائي وأرسى منظومة أمنية متكاملة لمس المجتمع نتائجها في إحباط كل محاولات دول العدوان لزعزعة وتفكيك الجبهة الداخلية، إنخفاض معدلات الجريمة إلى نسب غير مسبوقة في عهود سابقة.. لا تفجيرات.. لا إغتيالات..كان يقوم بواجبه على أكمل وجه متحملاً آلام المرض الذي داهمه فور توليه منصب وزير الداخلية، ذلك المرض الخبيث لم يعيقه أو يثنيه عن نيل شرف الدفاع عن الوطن في أقدس معاركه ، كانت همته تناطح هامات السحب ونشاط عجز معه الجسد عن مواكبة الروح التي بلغت من الإيمان أقواه ومن النيات أصدقها وأخلصها.
كم أوجع قوى العدوان، كم أذاقهم المر حياً وميتاً ، حتى أنهم منعوا عودة جثمانه الطاهر ليُدفن في وطنه بين أهله ومحبيه.. ليس بغريب ولا بجديد في حربنا مع هذا العدو الساقط دينياً وإنسانياً وأخلاقياً.. فهذا عهدنا بهم منذ بداية عدوانهم وهذا ما يتلائم مع أجدنتهم الخبيثة وفكرهم القذر.
حين نحيي ذكرى رحيله اليوم ورحيل كل قاداتنا العظماء، فإننا لا نتذكرهم بكل فخر وإعتزاز فحسب، بل إننا نذكر أمتنا التي أنجبت إبراهيم الحمدي، السيد حسين، صالح الصماد، طه المداني وعبدالحكيم الماوري بأنها قادرة على النهوض والتحرر .. قادرة على الفعل والتأثير.. قادرة على إخبار العالم كله بأننا أمة أبت إلا أن تعيش حرة عزيزة شاء من شاء وأبى من أبى ..
أما نحن، أولاده، فيكفينا فخراً أننا نحمل إسم أبينا الذي ترك لنا ما لا يُباع ولا يُشترى ترك لنا فخراً نتوارثه جيلاً بعد جيل.. عهداً علينا أن نمضي على دربك ونهجك ياوالدي، عهداً علينا أن لا ينقطع دعائنا لك.. عهدا علينا أن نعيد جثمانك الطاهر إلى أرض الوطن..
سلاماً عليك في الأولين والآخرين..
سلاماً عليك في كل وقت وحين..
سلاماً عليك وعلى كل قاداتنا وشهدائنا العظماء..

المجد والخلود لك ولشهدائنا الأبرار..

الشفاء لجرحانا البواسل..

الحرية لأسرانا الميامين..

عاشت أمتنا حرة عزيزة أبية ولا نامت أعيُن الجبناء..

بقلم الأستاذ/ طارق عبد الحكيم الماوري

نجل فقيد الوطن المرحوم

اللواء ركن/ عبد الحكيم الماوري
وزير الداخلية الأسبق