صمود وانتصار

الانتقالي والانخراط في مخطط تحالف العدوان على اليمن

متابعات|الصمود|6رمضان

انضم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الى جوقة الذين دعوا المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن الى الالتزام باتفاق الرياض، وأعرب عن قلق بلاده إزاء الإجراءات الأخيرة التي اتخذها المجلس الانتقالي، بما في ذلك الإعلان عن الحكم الذاتي.

وقال بومبيو في بيان إن مثل هذه الإجراءات “الأحادية الجانب تفاقم عدم الاستقرار في اليمن”، داعيا المجلس الانتقالي إلى الانخراط في العملية السياسية، التي وفرها اتفاق الرياض.

وتأتي تصريحات بومبيو بعد دعوة الرياض وأبوظبي، المجلس الانتقالي للعودة الى اتفاق الرياض الذي تم التوقيع عليه في نوفمبر الماضي بين حكومة عبد ربه منصور هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي بعد معارك طاحنة بين الجانبين، قام الطيران الحربي السعودي بمشاركة فعالة فيها بقصف واستهداف مواقع المجلس الانتقالي وانصاره.

اصرار دول تحالف العدوان على ضرورة التزام الانتقالي باتفاق الرياض يرمي الى توجيه رسالة للجيش اليمني واللجان الشعبية وحكومة الانقاذ في صنعاء بأنهم جبهة واحدة ضدهم، ومع أن صنعاء لا يراودها أدنى شك في أن جبهة العدوان لا تتحد الا بشيء واحد وهو مواجهة الجيش واللجان الشعبية في محاولة لاحتلال المناطق التي يسيطرون عليها وفي مقدمتها العاصمة صنعاء، الا أن الجميع يعلم بمدى الخلافات والصراعات وسط جبهة العدوان.

القاصي والداني يعلم جيدا أن جبهة العدوان منقسمة في العديد من الاهداف والملفات، فمن المؤكد أن الهدف الذي تسعى الى تحقيقه الولايات المتحدة من دعمها للعدوان يختلف عن بقية أضلاعه، فالادارة الاميركية تدفع بقوة الى استمرار الحرب والعدوان على اليمن من أجل بيع المزيد من الأسلحة والمعدات للسعودية والامارات ولا يهمها ان كان زيد سينتصر في المعركة أو عمر، ولعل الازمة الخليجية أبرز مثال على ذلك، ففي البداية وقفت واشنطن الى جانب الرياض في حصارها لقطر ولكن عندما ذهب المسؤولون القطريون الى واشنطن وأبرموا العديد من الصفقات، اتخذت ادارة ترامب موقفا محايدا من الأزمة بين السعودية وقطر.

السعودية بدورها لا يهمها سوى تدمير اليمن وأن يبقى يعاني من الأزمات والمشاكل لعدة عقود قادمة، والهدف الأساسي من كل الجرائم التي ترتكبها هو أن لا يقف اليمن على رجليه ويكون منافسا لها خاصة على الصعيد السياسي، فهي تخشى من نجاح التجربة السياسية اليمنية وانتقالها اليها وتأثر السعوديين بها، لذلك تبذل ما في وسعها لاحباطها وعرقلة أية خطوة تؤدي الى اتفاق اليمنيين، وانهاء مشاكلهم.

اما الامارات فلا يهمها سوى مصالحها في اليمن وتعتقد أنها تتحقق عبر انقسامه وتشظيه، لتتمكن من تحقيق مصالحها بمساندة ميليشيات موالية لها بسلاسة ودون أية مشاكل وكل خطواتها تصب في هذا الاتجاه، ولعل دعمها للانفصاليين في الجنوب أبرز دليل على ذلك.

أما الرئيس المستقيل والهارب العميل عبد ربه منصور هادي فلا يهمه سوى تربعه على عرش اليمن وكل جهوده تصب في هذا الاطار، وليس لديه أي مانع أن يتحالف مع أي جهة لتحقيق ذلك سواء السعودية ومرتزقتها او الامارات وعملائها في اليمن.

وهذا هو صلب الخلاف بين هادي وبين المجلس الانتقالي، وما اتفاق الرياض الا لتكريس سلطة هادي وفرضها على الجنوبيين، ولو قرأنا اتفاق الرياض لرأينا كل بنوده تصب في هذا الاطار، غير أن المكيدة التي نصبها أضلاع تحالف العدوان للمجلس الانتقالي عبر دعوته له بالعودة الى اتفاق الرياض والالتزام ببنوده لا تقتصر على ضرورة استسلامه لسلطة هادي وحسب وانما للاستمرار في توجيه فوهات بندقية قواته للجيش اليمني واللجان الشعبية.

دول تحالف العدوان وعلى رأسها امريكا والسعودية لا يريدون أنحراف بندقية المجلس الانتقالي من الجيش اليمني واللجان الشعبية الى قوات هادي، ولذلك فانهم يصرون على المجلس الانتقالي بضرورة العودة الى اتفاق الرياض.

طبعا هذا لا يعني أن الانتقالي هو العضو الملائكي في تحالف العدوان، وانما أولويته في الوقت الراهن هو فرض سيطرته وادارته على مناطق جنوب اليمن وخاصة عدن، وأولويته هذه ليست وليدة الساعة وانما طالما حلم بها غير أن الظروف لم تكن مؤاتية في السابق، ولذلك فانه يقف بوجه كل من يسعى الى تحقيق الحلم كائنا من يكون، غير انه خطأ في السابق بتحالفه مع العدوان ضد أبناء جلدته، واليوم يخطأ بعدم الاتفاق مع سائر اليمنيين وخاصة مع صنعاء في ايجاد حل شامل لليمن.

اذا كانت مشكلة الانتقالي هي سوء ادارة البلاد وفساد وظلم وتمييز الحكم البائد فهذا لم يعانيه الجنوب وحسب وانما اليمن برمته والحل لا يكون بالانفصال أو الارتماء في حضن العدوان الذي كان الداعم الرئيسي للحكم البائد وانما الحل بالاتفاق مع سائر اليمنيين على وضع حل شامل وجذري لكل مشاكل البلاد.

صالح القزويني