موقع الصمود|يتفنن الكثيرون في المحن والشدائد لإظهار أقبح ما لديهم من سلوكيات واستغلال لمعاناة الآخرين.
وفي زمن الكورونا تاجر الأزمة يحجر ضميره وراء ظهره ليقدم أسوأ نموذج للجشع وسط ضائقة يعيشها المواطن لأكثر من خمس سنوات ممثلة بعدوان وحصار وأمراض وأوبئة وأخيرا تزوره جائحة “كوفيد19” ليعجز عن التقاط أنفاسه لمواكبة الكوارث ، وتمنح مفتعل الأزمة مساحة لضميره الغائب في الاصطياد بالماء العكر.
وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) اقتربت من قصص الاحتكار والتلاعب وقلة وعي المواطن المثقل بمهمة البحث عن لقمة العيش في زمن الجائحات.
العلاج الناجع
جمال السميري استبعد وجود كورونا كثيرا إلى أن ودع جاره الحي الذي يسكن فيه بعد إصابته بالفيروس ليقرر جمال النزول إلى السوق وشراء ما يلزم من معقمات وكمامات وفيتامينات يتصدى بها لواقع المرض.
ولكن الأسعار هي التي صدت جمال على ما يبدو الذي علق أن ميزانيته المتواضعة لن ترضي جنون الصيدليات وأسعارها ليعلن لزوجته وأولاده أن الحجر المنزلي وعدم الخروج والاختلاط هو العلاج الناجع لبيته ولجيبه !
وعن ارتفاع أسعار مستلزمات مواجهة هذا المرض من كمامات ومعقمات وفيتامينات وغيرها يقول الدكتور الصيدلاني نواف الصلوي لـ (سبأ) أن جائحة كورونا كخط أول بحاجة للوقاية وأولى خطوات الوقاية هي المستلزمات الطبية مثل المعقمات والكمامات والقفازات وهذه للأسف ارتفع سعرها بشكل جنوني بعد أن تم تخزينها من قبل التجار والصيادلة لتعطيش السوق لفترة محددة ومن ثم إخراجها للبيع وبسعر مرتفع كما يحصل اليوم فالكمامة العادية التي يبلغ سعرها 30 ريالاً والتي لا يتجاوز لبسها 6 ساعات، أصبحت بـ 250 ريالاً وتدرج سعر الباكت منها من ألف ريال إلى عشرة آلاف ريال.
وأضاف الصلوي “بالنسبة للفيتامينات فإنها تنعدم من السوق تماماً، ففيتامين c منذ بداية المرض والناس تقبل على شراءه
بشكل كبير جداً أما فيتامين zinc فكانت أغلب الشركات لديها كميات كبيرة ولم يتم تصريفها والدراسات التي عرضت مؤخرا عن الفيتامين أنه يحد من تفاقم الأعراض المصاحبة للإصابة لذا أغلب الشركات قامت بتصفية المخزون مع أن الشركات الدوائية لم ترفع الأسعار وحصل ترشيد في المبيعات للفيتامينات وعرضها بكميات قليلة لتغطية أكبر عدد من الصيدليات ولكن أغلب هذه الصيدليات هي من ترفع الأسعار بشكل غير متوقع أبداً”.
إجراءات حكومية
تقوم وزارة الصناعة والتجارة والهيئة العليا للأدوية بحزمة من الإجراءات أكدت الحرص من خلالها على ضبط كل من يتلاعب ويحتكر هذه المواد والمستلزمات الطبية ويستغل حاجة الناس والمتاجرة بمعاناتهم انطلاقا من دورها الرقابي لمنع الاحتكار بكافة أشكاله وأنواعه والتلاعب بالأسعار.
ويؤكد وكيل وزارة الصناعة لقطاع التجارة الداخلية بسام الغرباني أن الوزارة نزلت تعاوناً مع الهيئة العليا للأدوية والتي بدورها تقوم بالاتفاق مع الموردين على تسعيرة الدواء ثم يأتي دور مكاتب الصحة بالرقابة على الدواء في الصيدليات باعتبارها الجهة المعنية بمعرفة أنواع الدواء وأسمائه ودور وزارة الصناعة يأتي في مراقبة عملية إشهار هذه السلع وأيضا في عملية الإغلاق والمصادرة إذا كان هناك كمية احتكار ومن خلال النزول الميداني الأولي تم إغلاق أكثر من سبعة مخازن لشركات ومستوردين كانوا يتلاعبون بالتسعيرة المتفق عليها بينهم وبين الهيئة العليا للأدوية.
وأضاف أنه تم الاتفاق مع هيئة الأدوية بأن تُلزم المستوردين بوضع التسعيرة الخاصة بفيتامين c على العلبة والذي يتم الطلب عليه بشكل كبير حتى لا يكون هناك احتكار من أي جهة.
البدائل
تم تداول المعلومات الطبية حول ما يمكن تعويضه بشكل طبيعي من الخضار والفواكه والبدائل التي يمكن أخذها عوضاً عن الفيتامينات التي في الصيدليات ويعجز الكثير عن شراءها إن وجدت والمتمثلة بالليمون والبرتقال والزنجبيل والفلفل الأخضر، فسارعت أم علياء وجاراتها بشراء كميات لا بأس بها من الخضار التي تم الإعلان عنها ليتفاجأ الجميع أن أسعارها ارتفعت أيضا بين ليلة وضحاها.
واستنكرت أم علياء رفع الأسعار التي لم يمض عليها أكثر من 24 ساعة في حين أن جارتها أكدت أن الزنجبيل الذي تم وصفه كمشروب يقوي المناعة اختفى من السوق ولم تجده.
وفي هذا الجانب يؤكد الوكيل الغرباني أن هناك مبالغات في الموضوع وأن ما جرى هو أن الطلب على الليمون ارتفع، ولم يكن هناك واردات من المحافظات بسبب إجازة العيد وبعد ذلك تم دخول كميات كبيرة من سيئون وتهامة وأبين والأسعار بدأت في الانخفاض ، وأصبح سعر الكيلو لا يتجاوز 1400ريال حسب الجودة فكل محافظة تختلف الجودة فيها عن الأخرى.
وبالنسبة للزنجبيل أفاد الوكيل الغرباني أن سعره ارتفع كثيرا لأنه مستورد وليس محلياً والكميات الموجودة كانت قليلة مقابل الطلب عليه خاصة وأن المعلومات التي وصلت للناس بأنه يساعد على تقوية المناعة لمنع الإصابة بفيروس كورونا ومن الطبيعي أن يزيد الطلب ويرتفع السعر ومع ذلك فخلال الأيام القليلة القادمة سيتم تغطية الأسواق بالكامل بعد وصول الكميات المطلوبة منه والمسألة مرتبطة بالوقت فقط .
الإفلات من قبضة كورونا
الخُضري بسام الذي يفترش أكثر من نصف بضاعته من الخضار والفاكهة على الرصيف لصغر مساحة المحل في حي الدائري يبرر لزبائنه أن لا ذنب له في ارتفاع الأسعار فنصائح الأطباء في تعويض الفيتامينات التي ارتفعت أسعارها في الصيدليات دفعت تاجر الخضار إلى رفع السعر ويضطر لشرائها بسعر مرتفع وبروح فكاهية يرتفع صوت شاب ثلاثيني في محل الخضرة معلنا أن هناك دراسة حديثه أكدت أن البطاطا تجلب السعادة والقوة ومن يشتريها يفلت من قبضة الكورونا وتلك النصيحة أثارت التعليقات الساخرة التي لم ترأف لحال البطاط المهمل شراءه مقابل بقية الأصناف كما أوضح الشاب.
الإستغلال في اللحظات الحرجة
التهويل الذي عمّ في أحد الأحياء القريبة من شارع بغداد لوفاة امرأة كانت تعاني من ضيق في التنفس طوال شهر رمضان ووافاها الأجل خامس أيام العيد ليعلن جميع من في الحي أن كورونا السبب ، أدى إلى تخبط ابنة المتوفية “أم مروان” في البحث عن مغسلة تغسل والدتها ورغم أن هناك الكثيرات للقيام بالمهمة لكن الخوف من العدوى أجبرتهن على الاعتذار رغم تأكيد أم مروان للجميع أن والدتها ليست مصابة بالفيروس وإنما مرض مزمن لازمها منذ سنوات واستغلت إحداهن الوضع الحرج لأهل المتوفية لتشترط مبلغاً لا يقل عن خمسين ألف ريال لمهمة الغسل.
وتعلق أم وليد أن هذه المواقف اللا إنسانية يمكن اعتبارها أسوأ استغلال في لحظات حرجة لا يمكن تفاديها بل الرضوخ لها مجبرين.
رعب إلكتروني
تعدد المهندسة الزراعية شيماء الجنيدي صورا كثيرة لافتعال الأزمات من قبل محتكريها سواء في الجانب الإقتصادي أو الإجتماعي وحتى على مستوى المعلومة تقول شيماء ” ما يتم تداوله على مواقع التواصل الإجتماعي من معلومات مضللة حول جائحة كورونا كارثة بحد ذاتها من حيث الآراء التي تطرح مرورا بالأرقام التي لا قاعدة ولا مصدر لها والقصص التي أرعبت وأخافت كل من يقرأها وانتهاء بالعلاجات التي تعرض والمتلقي البسيط هو الضحية”.
الدكتور محمد المقالح يؤكد لـ (سبأ) أن 95% من العلاجات المتداولة على مواقع التواصل الإجتماعي ليست سوى مضادات حيوية لا علاقة لها بعلاج الفيروس وإنما للمتاجرة والعرض والطلب والهدف تجاري بحت لأن فيروس كورونا ليس له علاج ومناعة الجسم الصحيح تكفي للتعافي 100% ويتوجب الحرص من أعراضه لبعض الفئات التي قد يؤثر عليها بشكل أكبر وهي مصاحبة للأعراض الكاملة مع عدوى هذا الفيروس وهذه الفئات تتمثل بكبار السن ومرضى الجهاز التنفسي.
وأضاف “أن 80% من الحالات لا تحتاج للمشفى حتى في حالة الإصابة فالعزل والراحة النفسية هي أهم نقاط العلاج إن لم تظهر أعراض الجهاز التنفسي الحادة لا ينصح بزيارة طبيب وإن ظهرت واستمرت لأكثر من خمسة أيام عندها يطلب الطبيب ولا يستوجب الذعر ولا القلق وتعتبر الراحة والمحافظة على هدوء الأعصاب لرفع مستوى المناعة والحرص على أخذ غذاء صحي من معادن وزنك وفيتامينات والتي تتوفر سواء في الصيدليات أو البدائل الطبيعية”.
لفتة
لم تعد مواجع البؤساء والمنكوبين تبعث على الحزن والإحساس الصادق بالمعاناة بل إن مفتعلي الأزمة وضعفاء النفوس لا هم لهم سوى إشباع رغباتهم التي لا حدود لمطامعها في ظروف أقل ما يمكن وصفها بالكارثية.