صمود وانتصار

“البقاء للأغنى” قانون غوتريش الإنساني

الصمود| مقالات | بقلم : دينا الرميمة

في ظلِّ صمت عربي بالغ القسوة وانحياز أممي ودولي إلى جانب دول العدوان، مانحين إياها كُـلَّ مواثيق الأمان وصكوك البراءة والغفران على كُـلّ جرائمهم في حق أطفال اليمن والذين هم بالآلاف، فصارت دماؤهم مستباحةً بطريقة بشعة لم نعهد لها في تأريخ البشرية مثيلاً.

في حرب اتخذت منهم سبيلاً لتتفنن في طريقة إيلامنا وتركنا معلقين في دوامة الحزن القاتلة، حين وجهوا صوبنا كُـلَّ أسباب المنايا بطرقها المتعددة علَّنا نرضخ ونرفع لهم الراية البيضاء مستسلمين أذلاء، فمن القصف بالطائرات إلى الحصار وتجويع الملايين وحرمانهم من أبسط الأشياء اللازمة للحياة وجعل اليمن بؤرة لأوبئة فتاكة، فثمة قبور كثيرة امتلأت بجثث من قضوا نحبهم جوعاً وعطشاً ووباء، وأُخرى لمن قتلوا برصاص ومدافع مرتزِقتهم بطريقة داعشية تكاد تكون أكثر بشاعة من قصف الطيران.

إذاً هي حرب إبادة برعاية أممية وصمت دولي شعارهم فيها “ومن لم يمت بالسيف مات بغيره.. تعددت الأسباب والموت واحد”.

وكيف لا وقد تجمع فيها كُـلُّ شذاذ الآفاق وسيئو النوايا من جعلوها حرب تجارة وتنمية أرصدتهم، لقاء بيع ضمائرهم وما تكدس في مخازنهم من أدوات القتل والتنكيل، وأتقنوا اختيار الضحايا من الأطفال والنساء القابعين في منازلهم والنائمين على أمل أن تنتهيَ هذه الحرب يوماً ما، لينعموا بحياة آمنة حيث لم يعد هناك طائرات تلاحقهم ولا صواريخ تهدّد حياتهم ولا جوع هو الآخر كان أكثر إجراماً بحقِّهم.

وكثيرون هم من انقطع بهم الأملُ قبل أن يأتي هذا اليوم حين ارتقت أرواحُهم بجرائمَ يومية تحصد العشرات بل والمئات طيلة سنوات خمس للعدوان وجه وجهته فيها للمنازل والمدارس والأسواق، متذرعين بذريعة المواقع العسكرية والثكنات المسلحة بعد كُـلِّ مجزرة يرتكبونها متباهين بانتصار يضاف إلى قائمة رصيدهم في القتل.

وكسابقتها من الجرائم والمجازر وبعد عفو غوتريش والذي شجعهم أكثرَ لارتكاب مجازرهم دون خوف من حساب أَو عتاب، وإلى وشحة بحجّـة ذهبت طائراتهم تصب نار جحيمهم ردًّا على عملية توازن الردع الرابعة على أسرة بأكملها ذهبوا ضحايا، نساء وأطفالاً، ولا يوجد بينهم رجل واحد حتى يستطيع المالكي أن يبرّر فعلة طيرانهم الأذكى تكنولوجياً بأنهم استهدفوا قائداً أَو موقعاً عسكرياً، ومع ما فضحه الأعلام اليمني عن حقيقة الهدف الذي تم قصفه حتى سارع المالكي ليصف الجريمة بالحدث العرضي الذي سيتم إحالة ملفه إلى لجنة استقصاء الحوادث التابعة لهم والتي بدورها ستأتي إما لتقول إن ما حدث نتيجة خطأ معلوماتي كما في حادثة استهداف باص الأطفال في صعدة وَحادثة الصالة الكبرى، أَو لتبرأ العدوان وتصر على قولها أنهم لم يستهدفوا منزلاً، إنما موقع عسكري كما في حادثة استهداف مدرسة الراعي في سعوان.

حقيقةً لا ندري أي قانون يبيح للخصم أن ينصّب نفسه حاكماً أمام ضحيته التي لم يعد من المتسع أمامها أن تصرخ في وجه القاتل بأي ذنب استهدفتني؟!، بعد أن انضمت إلى قائمة ضحايا العدوان الطويلة والمنسية من قبل الأمم المتحدة.

فثمة بنود في لائحة حقوق الإنسان وقوانين الحروب أُزيلت واستبدلت ببنود وقوانين تشرعن للنظام السعودي ارتكابَ المزيد من الجرائم شريطة أن تدفع المزيد، وهذا هو نهج انتهجته الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية مشوا فيه على قانون حيوانات الغاب الذي ينصُّ على أن البقاء للأغنى ولا مجالَ للقوة هنا، فأمرها محسوم بالسلاح الأمريكي والبريطاني والفرنسي وبمختلف الأسلحة حتى تلك الحرمة دوليًّا.

وقبل ظهور نتيجة لجنة التقصي وقبل مرور أربع وعشرين ساعة، كنا على موعد مع حزن يكاد يكون أكثر ثقلاً، فعدد الضحايا أكثر ومن الجوف داخل منزل ضم الكثير من الأهل والأقربين كان يستعدون ليوم فرائحي ليحتفلوا بختان مولودهم الذي حَـلّ بينهم قبل أسبوع، لم يكونوا يعلمون أن المنية تتربص بهم وأن الموت هو الأقرب إليهم من فرحة استعدوا لها طالما وهم على جغرافيا كتب عليها النظام السعودي قدره اللعين.

ودون الرجوع إلى لجنة تقييم جرائمهم أمام هذه الجريمة، النظام السعودي وباستخفاف بدماء اليمنيين يحاول شراءَ ذمم أهالي الضحايا لبيع تلك الدماء التي أريقت ظلماً بمبالغ من خزينته المنهكة، وما علم أن دماء اليمنيين لا تقدّر بثمن وأن الرد سيكون قاسياً سيجعل دول العدوان وعلى رأسها النظام السعودي تؤمن أن اليمنَ وشعبَها عصيٌّ على الارتهان والذل، وأن كرامتهم لا يساوم فيها، وهذا ما أكّـده جميع اليمنيين الأحرار.