قديما كنا نستغرب من العلاقة الوثيقة القائمة بين الانظمة الغربية وعلى راسها امريكا، التي تدعي الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الانسان وحرية التعبير وحكم المؤسسات، مع انظمة اسرية وقبلية متخلفة تعيش خارج التاريخ وتقطع رؤوس مواطنيها بالسيف، ولا تعترف بشيء اسمه دستور او انتخابات، ولا تملك المرأة في ظلها بإي حقوق حتى في حدودها الدنيا، فما تحت الارض وما فوقها هي لرأس القبيلة، إلا ان هذا الاستغراب تلاشى، بعد ان شاهدنا كيف ساقت أمريكا زعماء تلك القبائل كالنعاج لذبحها من اجل أن يبقى ترامب في البيت الابيض لاربع سنوات أخرى.
الغرب وعلى راسه امريكا يعلم ان من يتحكمون بالشعوب في الدول العربية وخاصة في الانظمة الرجعية والمتخلفة والعميلة في الخليج الفارسي، لن يبقى لهم أثر في حال وجدت هناك آلية حتى لو كانت ساذجة للتعبير عن رأيهم، لذلك دعم ودافع عن تلك الانظمة بكل ما يملك من قوة ضد شعوبها.
الدعم الامريكي للانظمة الخليجية كان قبل ترامب مصحوبا بشيء من التبريرات، مثل الدفاع عنها في مقابل “التدخلات والتهديدات الخارجية”، كما كان موقف امريكا، “الرافعة دوما لواء الديمقرطية والحرية”!، من التظاهرات السلمية للشعب البحريني الذي خرج مطالبا بالديمقراطية والحرية، حيث وقفت بكل ما تملك من قوة الى جانب نظام حمد بن عيسى الطائفي والاستبدادي والمتخلف، ودعمته وشجعته على قمع الشعب بالحديد والنار، وسمحت ايضا للسعودية والامارات بغزو البحرين والتنكيل بالشعب البحريني.
الدعم الامريكي للانظمة الخليجية المتخلفة والمستبدة، تجاوز في عهد الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب كل حدود المعقول، فلم تعد امريكا مجبرة لتقديم تبريرات طويلة عريضة “عن التهديدات التي تتعرض لها تلك الانظمة من الخارج”، فترامب اعترف للصحفي الأمريكي بوب وودورد، انه انقذ ابن سلمان وتمكن من إقناع الكونغرس بأن يتركوه وشأنه، بعد تورطه في قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بطريقة بشعة، في مقابل 400 مليار دولار تسلمها من ابن سلمان.
اليوم جاء دور الراعي الامريكي للتضحية بالنعاج التي “سهر على راحتها” و “سمنها” لسنوات طوال، لتكون ثمنا لبقائه في البيت الابيض اربع سنوات اخرى، فالراعي ترامب لا يملك ما يقدمه من اجل البقاء في السلطة، سوى “نعاجه السمان” فقرر ذبحها عبر دفعها الى “حظيرة التطبيع” فإنساقت دون ادنى إعتراض وهي تطأطىء رأسها مشغولة ب “الإجترار”.
رغم ان الخيانة والعمالة لا تحتاج لعذر، إلا ان “نعجة إبن زايد” ارتضت الدخول الى حظيرة التطبيع بذريعة وقف الضم، الا اننا لا نعلم ما هي ذريعة “نعجة إبن عيسى” التي دخلت بسببها حظيرة التطبيع، ولكن الذي نعلمه انها لا تملك من أمرها شيئا، وعليها ان تتحرك تحت ضربات عصا ترامب، وهي عصا لن تكون بأكبر من عصا الشعب البحريني التي سينهال بها على راس “نعجة ابن عيسى” يوما ، ومثل هذا اليوم ليس ببعيد.