نفعية وحقائق الواقع حول تغيُّر الموقف الأمريكي
مقالات |الصمود |حمود أحمد مثنى
تغير الموقف الأمريكي من العدوان على اليمن وتصنيف أنصار الله حركة إرهابية مناقضٌ لتوجّـهات الحزب الجمهوري ليس للضمير فيه تأثير أَو دافع وإنما هناك معطيات علينا أن نعرفها.
أولاً: هناك أزمة مجتمعية أمريكية حادة تتمثل بالتناقض مع ما تدعيه أَو تؤمن به أمريكا من قيم الحرية الثقافية والدينية والعرقية من خلال نمو مشاعر الكراهية لكل مَـا هو غير أبيض أَو غربي مسيحي وهذا ما مثله ترامب وفريقه في إصدار عدد من القرارات والإجراءات التي تحد من الهجرة وكذلك الاتّهام واحتقار لكل الثقافات والأديان والأعراق الأُخرى وظهور مصطلحات (الملونين والنيجر والسود والآسيويين) وغيرها من عبارات التحقير العرقية لكل ما هو غير أبيض والإشارة إليهم؛ باعتبَارهم خطراً على ثقافة واستقرار وقوة أمريكا وما حادث المظاهرات العنيفة التي أعقبت قتل الشرطة للمواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد العام الماضي إلا دليل على احتقان داخِلي جراء الأزمة المجتمعية الداخلية وما تشير إليه الإحصائيات بأن اللغة الإسبانية والتي يتحدث بها أغلب سكان أمريكا اللاتينية تعد هي اللغة المنافسة للغة الإنجليزية فِي الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة للهجرة المتزايدة والمواليد اللاتين خلال الخمسة العقود الماضية.
ويعد الدين الإسلامي هو الدين المزاحم بقوة للديانات الأُخرى وهذا لدى العنصريين يعد خطراً يهدّد الحضارة الأمريكية.
ثانياً: الجانب الاقتصادي تتعرض الدولة الأمريكية لأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها فقد بلغ تقدير ديونها 30 ترليون دولار أغلبه دين خارجي نتيجة لكثرة حروبها ومحاولة التفرد بالزعامة العالمية كقطب واحد وما يتطلب من نشر قواعدها العسكرية.
فِي أغلب قارات العالم والتي بلغت 750 قاعدة فِي 130 دولة وهذه القواعد تتطلب صرف ميزانية ضخمة في ظل تراجع قوة الاقتصاد الأمريكي نتيجة للصعود الهائل للاقتصاد الصيني المعتمد على التجارة وتبادل المصالح العادلة مع الشعوب الأُخرى التي تجاوبت معها ورحبت بهذه القوة والعلاقة مع الصين الصاعدة وليس القوة القاهرة الذى تمارسها أمريكا فِي علاقتها مع الشعوب والدول التي ضاقت ذرعا بأمريكا وبدأت تعمل على التحرّر من السيطرة الأمريكية ومن أكاذيبها والجرائم التي مارستها في العراق وأفغانستان وسوريا واليمن وأفريقيا، ومن أسباب تغير الموقف الأمريكي تجاه اليمن فشل حلفاء العدوان فِي حربهم على اليمن فشلا واضحًا بعد مرور ست سنوات تدمير وقتل وتسبب بكارثة إنسانية تعد الأكبر منذ الحرب العالمية الأولى، كما صرح بذلك كبار قادة أُورُوبا والمتحدثين باسم الحكومات الأُورُوبية والإدانات للمنظمات الإنسانية العالمية والتي بلغت 300 منظمة عالمية أدانت القرار الأمريكي تصنيف أنصار الله حركة إرهابية، ما يعني أن القرار تسبب بتشويه صورة الإدارة الأمريكية عالميًّا وإظهارها بمظهر قبيح وعاجز، كما أن الهزائم العسكرية التي مُنِيَ بها تحالف العدوان المزود بالتجهيزات والمعدات العسكرية الأمريكية والغربية المعقدة تقنيا والمكلفة جِـدًّا فِي ثمنها وتقدر المبالغ المدفوعة من قبل دول تحالف العدوان على حرب اليمن (3.5 ترليون دولار) أمام المعدات المتواضعة لسلاح الفقراء وتكاليف تصنيعه.
كُـلُّ ذلك مثّل عواملَ هامة فِي تحول الموقف الأمريكي من الحرب والعدوان على اليمن للخروج من المشاركة فِي الهزيمة والمسؤولية الأخلاقية والقانونية فِي هذه الحرب التي أعلنت من واشنطن والمشاركة فيها مشاركة كاملة وكسب مئات المليارات من مبيعات السلاح وأجور المشاركة وشراء المواقف والتزييف الإعلامي إلى التحول للعمل الدبلوماسي كواقع فرضته صنعاء وحقائق القوة على الأرض أثبت ذلك.
وكطبيعة أمريكا البرجماتية لجني أرباح جديدة من ابتزاز دول العدوان جراء تحملهم الجرائم التي قاموا بها فِي اليمن وإعادة الإعمار والتعويضات لا بُـدَّ أن تشاركَ أمريكا فِي حصة منها وتحسين صورة الإدارة الأمريكية أمام العالم العربي والإسلامي والدولي جراء قيامها بتغير مواقفها من الحرب علينا.