صمود وانتصار

لعبة الموت بين الأغنياء والفقراء!

لا أقصد بلعبة الموت هنا تلك اللعبة بالمسدس الأمريكي التي شاهدناها في أفلام رعاة البقر (الكاوبوي) التي تفننت في إنتاجها هوليود في ستينيات القرن الماضي وراجت لعقود ولاتزال تستهوي الكثيرين، وتتمثل اللعبة في المقامرة بالحياة بحيث يقوم المشاركون فيها بالمقامرة بحياتهم بحشو المسدس الأمريكي أبو عجلة بطلقة واحدة لكليهما ثم يتم تحريك العجلة بشكل سريع استعداداً لإشارة منظم اللعبة بالإطلاق ليكون الموت من نصيب من لم تقف العجلة أمام إبرة ضرب النار حيث يسارع متحديه لقتله ، واللعبة كما هو واضح تعبر عن السخرية بالحياة لدى المشاركين ويراها بعض المراهقين والمغامرين شجاعة !؛

ما أقصده في هذا المقال هو محاولة البحث عن إجابة للسؤال: كيف أصبح الموت والحياة مجرد لعبة سخيفة ليس بيد شخصين أو أشخاص متهورين يقامرون بحياتهم وإنما بيد الرأسمالية المتوحشة التي تقامر بحياة العالم تحركها المصالح الأنانية في ساحة المتاجرة بأدوات الموت والحياة على السواء (السلاح والغذاء والدواء) والعبث بالبيئة بكل الوسائل ، وعلى مستوى العالم الذي تآزرت فيه قوى الشر وتفرقت قوى الخير وهو وضع لابد أن ينتهي بزيادة الوعي وانتقال مركز اتخاذ القرار ليصبح بيد قوى الخير وما ذلك على الله ببعيد.

ولعل آخر مظاهر وأمثلة اللعبة الشريرة ما تردده وسائل الإعلام على مسامعنا صباحا مساء من بروباغندا إعلامية حول : (كوفيد 19) أو فيروس كورونا وما حصده ويحصده من أرواح البشر في أنحاء العالم ، وأعتقد أن جزءا كبيرا من هذا العالم يشكك في مصداقية هذه البروباغندا في مراحل الفيروس المختلفة بدءا من ظهوره والاتهامات المتبادلة بين أمريكا والصين، حيث ظهرت أول إصاباته لأول مرة في مدينة ووهان، ومن أين جاء وهل هو طبيعي وغير موجه أي مرتبط بالبيئة وظروفها أم أنه مصنوع وموجّه كشكل من أشكال الحروب الجرثومية والبيولوجية، وهذا أمر غير مستبعد خاصة من الشركات التي تمتلكها بعض القوى الرأسمالية التي لا يردها السباق المحموم على المال عن استخدام كل الجرائم والمحرمات في سبيل الحصول على المال وفق مبدأ : (الغاية تبرر الوسيلة)، ومن الأمثلة على ذلك إغراق بعض أسواق البلدان النامية بالقمح المعالج عضوياً والذي لا يصلح للزراعة إلا كأعلاف بما يؤدي إلى انعدام البذور الطبيعية وغير المخصبة في هذه البلدان وتحويلها إلى دول مستهلكة بشكل تام ودائم كما يؤدي استهلاك هذا النوع من القمح إلى آثار جانبية على صحة الانسان ، وتلعب سياسة منظمة التجارة العالمية دوراً خطيراً لمصلحة الدول الرأسمالية التي تتحكم في قراراتها ضد الأغلبية الفقيرة في العالم ، كما أن لعبة المتاجرة بالسلاح كذلك التي تسيرها وتديرها مصالح عدد من الشركات، لذلك صارت لعبة الموت إن بأدوات الموت المباشر أو بأدوات الموت التي تتخذ شكل الحياة محكومة بهذه المصالح ومنطق حجم الربح والخسارة بغض النظر عن أي نتائج جانبية على حياة الإنسان، أي أن المؤامرات المهيئة للحروب مشروع وإدارة الحروب بكل تبعاتها صارت كأي مشروع ، وتجارة السلاح مشروع والقتل والخراب الناتج عنها مشروع ، وإعادة إعمار ما دمرته الحروب وكل آثارها على نواحي الحياة المختلفة مشاريع يستثمرها تجار حروب من مختلف التخصصات ، ولم تعد الحروب في عصرنا حالات نادرة ناتجة عن صراعات على الحدود وبسط النفوذ ولكنها تحولت الى مشاريع في ذاتها يتم التفنن في خلقها وخلق بيئة عدم الاستقرار في العالم بأساليب مدروسة ومتنوعة.

ولا تقلُّ مسألة المتاجرة بالغذاء والدواء عن تجارة السلاح بل قد تفوقها خطورة وفتكاً بحياة الانسان ، فإذا كانت تجارة السلاح تؤدي لقتل الإنسان أو جرحه بشكل مباشر فإن للتلاعب البيولوجي بالغذاء والدواء وبالتركيبات والمواد المضافة آثاراً خطيرة تصاحب مراحل حياة الإنسان باستمرار لتجعله بحاجة الى الدواء والخدمات الطبية التي أخذت تتسم بالطابع التجاري الأكثر وحشية؛

ولا نفشي سراً حين نشير الى آثار بعض الأغذية والأدوية التي يتم التلاعب بتركيبها بحكم طغيان نزعة عولمة التجارة غير الملتزمة بضوابط حماية الإنسان وحاجته للغذاء والدواء وتسميم التربة والبيئة بالمبيدات والأسمدة والمواد الضارة وسوء الاستغلال لحاجات الناس وانعدام الرحمة، ومن المفارقات المخيفة أن البلدان الأشد فقراً والأكثر ضجيجاً عن الدين والتدين هي أكثر البلدان توحشاً ومتاجرةً بحياة الناس وصحتهم ومعاناتهم.

 

الموت هذا الذي يعيش في اكُفِّنا

يهيم في أرجائنا ويمتطي احلامنا

ويرتدي ثوب الصلاة.