العدوان في عامه السابع
مقالات |الصمود |أحمد الديلمي
ها هو العام السادس ينقضي واليمنيون يعيشون أوجاع الحرب بما ترتب عليها من مآسٍ وكوارث ، لأن العدوان البربري الغاشم جعلها حرب إبادة ودمار لكل شيء ، لم يستثن شيئاً ، الإنسان ، الحيوان ، الزراعة، المساكن ، المرافق الحكومية ، روافد الثقافة والفكر ، التعليم ، الصحة ، الاقتصاد ، الأطفال في المدارس والجامعات ، النساء في أماكن التجمعات المعتادة ، كل شيء تعرض للدمار بطرق ممنهجة كشفت أمواج الحقد والكراهية التي يكنها المعتدون على اليمن واليمنيين ، وكأنها أمواج عاتية تراكمت في صدورهم على مدى القرون الماضية لا لشيء إلا بسبب الفارق الحضاري الكبير بين وأبناء المدن العريقة في اليمن وأبناء الصحراء، إنه أول عدوان يحدث بجذور انتقامية موغلة في القدم ، التقى حولها صناع القرار والمرابطون في غُرف العمليات المشتركة بمحتواها الأمريكي والبريطاني والصهيوني وكل من يحيط بهم من الأدوات الضالعة في العدوان وجموع المرتزقة وتُجار الحروب بشكل دول وشركات متخصصة ، كلهم جاءوا لحرب اليمن من أجل المال، تساندهم الجموع المخدوعة من المرتزقة الذين يبيعون الأوطان بثمن بخس ، ويقذف بهم المعتدون الأساسيون إلى محارق الموت ، لكن مع مضي هذه السنوات من حرب الإبادة الشاملة، ماذا صنعت هذه الجيوش المأجورة بما تمتلكه من أسلحة وما أنفق عليها من مال؟! الواقع يكشف الحقيقة وهي أنها فشلت فشلاً ذريعاً في إحراز أي إنجاز يُذكر ولم تحقق أبسط الأشياء ممثلة في إثبات مشروعية ما تقوم به من عدوان على الشعب اليمني الآمن في دياره ، وإن كان الكثير من دول العالم تُكابر وتغطي أبشع جرائم المعتدين، لا لشيء إلا من أجل الحصول على المزيد من المال في شكل صفقات أسلحة أو أسواق النخاسة المعنية بشراء الضمائر، وكلها أموال مدنسة ملأت خزائن الدول المصدرة للسلاح وأفراد المرتزقة الذين باعوا نفوسهم للشيطان.
لا يوجد أي شيء ممكن أن تتباهى به السعودية أو الإمارات سوى أنها خربت الديار وامتهنت كرامة اليمنيين، بالذات المحافظات التي أصبحت خاضعة لسيطرتها ، والتي نطلق عليها جغرافياً الجنوبية الشرقية في إطار الخارطة اليمنية الواسعة ، فأبناء عدن مثلاً وحضرموت والمحافظات الجنوبية يعيشون أسوأ معيشة ، لم يُقدم لهم المعتدون أي شيء يدل على أنهم جاءوا من أجل تحقيق أي رخاء أو ازدهار لهذه المناطق، وعلى مدى ست سنوات لم يقدم المعتدون أي نموذج مقنع لليمنيين يقنعهم بأهمية وجودهم ، بل ها هي عدد من المحافظات الجنوبية تنتفض وتطالب بخروج المحتلين الغزاة ومن لف معاهم من المرتزقة الخونة ، وكأننا ما نزال في بداية العدوان وعسيري يتحدث من منصة مؤتمره الصحفي بأنه دمّر كل شيء في اليمن وأتى على 80% من القوة العسكرية للانقلابيين- بحسب زعمه، لا أدري ما هو موقف العسيري اليوم بعد كل هذا الصمود الأسطوري وبعد أن مرّغ المجاهدون الأبطال أنوف المعتدين ومن لف معهم في التراب ، وكيف سيكون حاله وحال المالكي وهم يشاهدون معرض الصناعات العسكرية الأخير، بما اشتمل عليه من معدات عسكرية متطورة تُجاري أحدث الصناعات في الدول الكبرى المتقدمة ، هذا هو الشعب اليمني وهذه هي الإرادة اليمنية الفولاذية التي لا يمكن أن تُقهر أو تستسلم أو تخضع لنزوات الأعداء الغزاة ، لكنها تزداد عنفوانا وقدرة على التحدي والمواجهة الباسلة لقهر الأعداء وجعل آفاق النصر مفتوحة على مصاريعها .
بعد ست سنوات أصبح أبناء اليمن القابعين تحت نير الاحتلال في المناطق الجنوبية والشرقية في حالة يُرثى لها.. لا أمن ولا استقرار ومستويات المعيشة متدنية ، بينما إخوانهم في صنعاء والمحافظات المحررة يقدمون نماذج متميزة في الحياة الحرة الكريمة البعيدة عن الاضطهاد والخنوع والاستسلام المُهين للآخرين ، في صنعاء يعيش اليمنيون وكلهم أمل في الغد المزدهر وبنفس الأسلوب الذي لخصه الشهيد الكبير صالح الصماد في عبارة ( يد تحمي ويد تبني ) الكل متفرغون لمواجهة الأعداء والتصدي لنزواتهم الشيطانية واستعادة مجد اليمن من خلال التوسع في الزراعة والصناعة وكل ما يحقق الاكتفاء الذاتي لليمن واليمنيين، من منطلق أن اليمن لن تمتلك قرارها السيادي واستقلالها وسيادتها الكلية إلا إذا وفرت مقومات العيش وسُبله الكريمة لكل أبنائها .
بعد ست سنوات من حرب الإبادة والدمار الشامل ها هو الجيش واللجان الشعبية يقاتلون لا من أجل الحرب لذاتها بل من أجل محاربة الظلم ومقاومة الغزاة المحتلين والدفاع عن النفس والكرامة الإنسانية للظفر بحياة حرة كريمة ، وأخيراً يقاتلون من أجل السلام فهم دُعاة سلام يمسكون البندقية بيد وغصن الزيتون باليد الأخرى، وكلهم أمل في أن يقرأ العالم هذه الرسالة وأن يستجيب لتطلعاتهم الإنسانية المتواضعة ، دعونا نعيش أعزاء أحراراً كراماً في بلادنا وهذا غاية ما نطمح إليه ، وهي العبارة التي لاشك تتردد على أفواه كل اليمنيين الشرفاء، بالذات من هم في جبهات القتال .
وأخيراً.. ويا للغرابة ها هو المبعوث الأمريكي الخاص باسم اليمن، كما يُقال، يبدأ مشواره بأفظع كذبة تشبه الفاحشة، حينما قال إن السعودية أوقفت الحرب من طرف واحد قبل ستة شهور ، وقال إن المساعدات الأمريكية تتدفق عبر ميناء الحديدة للمحتاجين في اليمن ، بالله عليكم هل هذا كلام يُعقل وصادر عن إنسان عاقل يمتلك ذرة من الإحساس بالمسؤولية؟! السؤال مطروح على كل الشرفاء في العالم، والواقع بالفعل يُكذبه ويدحض مفرداته لأنه لا يوجد أي شيء يسنده في المشهد العام لحياة اليمنيين ، أرجو أن يراجع هذا المبعوث نفسه وأن يُدرك أن حبل الكذب قصير ، أما نحن في اليمن فإننا على استعداد لأن نقاوم حتى آخر رمق ولن نسمح أبداً للغزاة المحتلين بأن تدنس أقدامهم شبراً واحداً من هذه الأرض الكريمة ، وعليهم أن يأخذوا عصاهم ويرحلوا، كما قال الزعيم عبدالناصر للإنجليز قبل أربعة عقود من الزمن (على بريطانيا أن تأخذ عصاها وترحل من جنوب اليمن)، ونحن نقول (على السعودية والإمارات أن تأخذا نعالهما وترحلا من جنوب وشرق اليمن، فاليمن لليمنيين كل اليمنيين مهما طال الزمن أو قصر).. والله من وراء القصد ..