صمود وانتصار

مشاريع بن سلمان الحالمة تغطية على فشله بالحكم

| الصمود | طالعنا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مؤخرا على أخر تقليعاته في الحكم، بإطلاق مبادرتين حالمتين تحملان اسم “مبادرة السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر” وذلك هروبا من عدة ملفات شائكة تواجهه منها فشله في حربه العدوانية على اليمن، وتورطه في قتل الصحفي جمال خاشقجي إضافة صورته المشوهة في الغرب التي تأثرت سلبا بواقع حقوق الإنسان، بحسب كثير من النقاد.

 

وبإعلان محمد بن سلمان عن المبادرة الخضراء التي تتضمن زراعة 10 مليار شجرة داخل السعودية خلال العقود القادمة بينما تحتضن دول عربية أخرى في المنطقة الـ40 ملياراً المتبقية سيصبح تمويل المشروع صعبا ،خصوصا والخزينة السعودية التي تعتمد كثيرا على عائدات النفط تعاني من عجز أصلا بسبب العدوان على اليمن ومشاريع ولي العهد الوهمية الأخرى.

 

هذا بالإضافة الى أن شركة أرامكوا النفطية التي بسط بن سلمان سيطرته عليها تعاني ايضا من عدة مشاكل منها القصف وهو ما سيزيد الأمور تعقيدا لإنهاء عصر النفط وتلويث البيئة كما يرغب ولي عهد السعودية.

 

وفي محاولة للتجميل صورته بعد فشله في عدوانه على اليمن وقتل خاشقجي، وصورته المشوهة في الغرب التي تأثرت سلبا بحقوق الإنسان ،تعددت مشاريع بن سلمان في الآونة الأخيرة التي تحمل في طياتها مخاطر على النظام المتهالك والسعوديين أنفسهم .

 

وعلى أثر المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والرياضية، طالعنا بن سلمان، بالإعلان عن المبادرتين (السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر) التي تهدفان إلى زراعة 50 مليار شجرة، كأكبر مشروع من نوعه في تاريخ المعمورة الذي سيستنزف الخزينة السعودية.

 

وردا على مبادرة بن سلمان كتب ،المعارض السعودي د. سعد الفقيه، في تغريده على تويتر تحت عنوان “المبادرة الخرافية” لـ”السعودية الخضراء” ودعم “الشرق الأوسط الأخضر” ولغة حماية البيئة التي تكلم فيها ابن سلمان ليس لها علاقة بمشروع حقيقي، بل لها هدفان١) مغازلة بايدن حين رأى اهتمامه بالبيئة فقدم المشروع عربونا لرضاه وعسى أن يدعوه لمؤتمر المناخ٢)… تنفيذ سرقة أخرى ضخمة من الخزينة” .

 

وأضاف قائلا ” بعد ان اصبح حديث المجتمع النجدي والحجازي هذه الايام عن هزيمته المذلة على ايدي رجال الله سارع الى مايسميه الاعلام المسعود المبادرة الخضراء لاشغال الشعب بها والابتعاد عن الشأن العسكري المخزي للنظام المتصهين” .

 

وبحسب ما نشرته وكالة الأنباء السعودية فإن المشروع يهدف الى “خفض انبعاثات الكربون ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، وكذلك خفض اعتماد المملكة على عائدات النفط وتحسين جودة الحياة”.

 

كما سيوجه مشروع بن سلمان أكبر تحد وهو ندرة المياه في منطقة صحراوية جافة وكيفية توفير المياه اللازمة لعملية التشجير الضخمة، إذ تشير بيانات وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية إلى أن “المملكة تمتلك مخزونا احتياطيا محدودا من المياه الجوفية غير المتجددة القابلة للاستغلال، ومعدلات إعادة تعويض منخفضة”.

 

ويستهلك قطاع الزراعة لوحده 84 بالمئة من إجمال الطلب على الماء، وتصل النسبة عندما يتعلق الأمر بالموارد المائية غير المتجددة إلى 90 بالمئة.

 

وفي ظل قلة مياه الأمطار، تعتمد السعودية بشكل كبير على تحلية المياه التي تصل إلى 60 بالمئة من إجمالي المياه المخصصة للقطاع المدني وفق المصدر السابق، وهي عملية ترهق بشكل كبير الاقتصاد السعودي. وتملك السعودية مخططا يحمل اسم “الاستراتيجية الوطنية للمياه 2030 ” من أهدافه تنمية الموارد المائية.

 

كما يظهر التحدي المالي حاضرا في تمويل مشروع بهذا الحجم، خصوصا في ظل استمرار تراجع عائدات النفط في السعودية والتأثير الاقتصادي الكبير الذي خلفه وباء كورونا على اقتصاد المنطقة.

 

ويملك بن سلمان عدة مشاريع يرغب في أن تنتهي بحلول عام 2030، لكن إضافة مشروع ضخم في مجال البيئة قد يشكل تحديات مالية في بلد وصل فيه الدين العام لعام 2020 إلى ما يمثل 34 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي حسب أرقام عممتها وزارة المالية السعودية.

 

ومن أكبر ما أرهق السعودية واستنزف خزينتها عدوانها على اليمن الذي ما يزال قائما حتى الآن، بحسب الكثير من المحللين.

 

وإذا كانت المبادرة الأولى كما يدل على ذلك اسمها تتوجه إلى السعودية، فإن الثانية تتوجه إلى بلدان عربية أخرى لم يعلن عنها بعد ستتحمل جزء ليس باليسير من نفقات مشروع بن سلمان .

 

ويعدّ هذا المشروع جزءاً من رؤية 2030 التي أعلنها بن سلمان لتغيير البنية السعودية وتنويعها ، ولم تعلن السعودية رسميا عن الدول التي ستحتضن مشروعا من هذا القبيل.

 

لكن وكالة الأنباء السعودية ذكرت أن بن سلمان، بحث المشروع مع أمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة والفريق أول عبدالفتاح برهان رئيس المجلس السيادي الانتقالي السوداني.

 

وأكد بن سلمان سابقا أن المشروع سيعمل مع مجلس التعاون الخليجي، ومع “الأشقاء عموما في دول الشرق الأوسط”.

 

مشاريع أخرى لأبن سلمان

 

دور السينما في السعودية احد فضاءاءت الترفيه، وأحد وجوه رؤية بن سلمان نحو مزيد من الانفتاح كما في صناعة سينمائية محلية ايضا والخروج عن النمط السائد في البلاد.

 

واستضافت السعودية عدة مسابقات ومنافسات رياضية شهيرة غير أن تلك الأحداث تراه منظمات حقوقية بمنزلة “غسيل رياضي” أو “تبييض رياضي” لسمعة غير وردية للرياض في مجال حقوق الإنسان.

 

بعد عدة ساعات على قرار إلغاء عقوبة الجلد في قضايا التعزير، أعلنت السعودية أيضاً إلغاء حكم الإعدام بحكم المدانين القصّر واستبداله بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات في منشأة احتجاز للأحداث. وجاءت هذه القرارات لتساعد “على صياغة قانون للعقوبات أكثر عصرية” بحسب ما تناقلته وسائل إعلامية.

 

بالرغم من القرار السعودي إلا أن أصحاب الرأي ما يزالون خلف القضبان حيث جاء ترحيب الحقوقيون ومنظمات حقوق الإنسان بهذه القرارات بشكل حذر.

 

واعتبر غيدو شتاينبيرغ من مؤسسة العلوم والسياسة (SWP) ببرلين أن هذه القرارات صحيحة، ولكنها لا تعبر بالضرورة عن إتجاه إصلاحي في السعودية وقال: “إنها محاولة لتلميع صورة الدولة”.

 

وتراجعت سمعة السعودية على الساحة الدولية بشدة بعد قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

 

ويرى غيدو شتاينبيرغ أن السعودية تهتم بشكل خاص بسمعتها في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، إلا أن ولي العهد محمد بن سلمان مازال يحكم بقبضة من حديد. فالإصلاحات التي قام بها صاحبتها إجراءات قمعية لكل معارضة داخلية. ولم تسلم العائلة المالكة نفسها من هذه الإجراءات.

 

وطالت الإجراءات القمعية في السعودية أيضاً أفراد بارزين من العائلة المالكة، حيث شهدت أواخر شهر مارس حملة جديدة من الإعتقالات شملت إبن عم محمد بن سلمان وولي العهد السابق محمد بن نايف بتهمة “الخيانة وتدبير انقلاب”. وبحسب شتاينبرغ فإن هذه رسالة للجميع بأن أي معارضة سياسية لن يتم التسامح معها.

 

كما قام بن سلمان بإبعاد أي منافس محتمل له من العائلة المالكة عن طريق حملات توقيف بحق أفراد من العائلة ومنهم متعب بن عبد الله، وهو رئيس الحرس الوطني السعودي السابق.

 

ويقول شتاينبيرغ: “يريد محمد بن سلمان إرسال إشارة للعائلة أن المملكة لديها حاكم جديد، وانهم يستطيعون الحفاظ على إمتيازاتهم بشرط عدم إظهار أي معارضة”.