صمود وانتصار

السلامُ كما هو لا كما تريدونه

مقالات |الصمود | سند الصيادي

لا أحد يمكنُ له أن لا يرحِّبَ بعملية السلام أَو لا يدّعي انتهاجَه، حتى الكيانُ الصهيوني يرحّبُ بهذه المفردة وَيدّعي العملَ عليها في الوقت الذي يواصلُ تهويدَه للقدس وَبناءَ المستوطنات في الضفة وَمحيط غزة، وَطمسَ معالم أي وجود مستقبلي للدولة الفلسطينية حتى على الأراضي التي يُعترَفُ سياسيًّا بها.

 

أصبح السلامُ مفردةً مطاطةً فضفاضة، تُمرَّرُ من خلفها المشاريعُ وَالمؤامرات وَحبلاً تُلوَى به أعناقُ الحقائق والحقوق، وفي العدوان الخارجي على اليمن نماذجُ مشابهةٌ لتوظيف هذه المفردة في دفن القضية وَالتستر على الجلاد وَخلق جماعات هامشية وتصويرها على أنها المشكلة وَالحل، في مسعى حثيثٍ قديمٍ جديدٍ لسلب الشعب اليمني حقَّه وَمصادرة آماله وَتطلعاته.

 

وفي الآونة الأخيرة، زاد الحديثُ عن جُهودِ أحلال السلام في اليمن، وَبغضِّ النظر عن جديتها من عدمها، فَـإنَّ الحلولَ على تصوراتها غيرِ مقبولة ولا مضمونة؛ لأَنَّ هذه الجهودَ بمجملها لا تزالُ تحمِلُ فهماً قاصراً للمشكلة، أَو بالأحرى تحاولُ أن تبقيَ القضية على ذات المفاهيم التي يرغبُ المعتدي وَمن خلفِه المنظومةِ الدولية المهيمنة على إبقائها في هذا الإطار، كازما يمنية داخلية بالمقام الأول أفرزت تدخلاً خارجياً مشروعاً، نجم عنه تعدُّدٌ مشروعٌ في الأطراف اليمنية، وباعتبار هذه الأطراف تُعَبِّــرُ عن نفسها وَلديها قضاياها الخَاصَّة التي يمكنُ مناقشتُها، وَعلى هذه التفاصيل المختلَقة والمصطنَعة يتم تبرئةُ المؤثِّر الخارجي وَتموضُعاته المباشرة في العدوان والحصار وَالاحتلال، وَإعفاؤهم عن تحمل تبعات عدوانهم.

 

عَـلَى هذه القاعدةِ تُطبَخُ الحلولُ وَتُسَوَّقُ مفردة السلام، باعتقاد أن الوعيَ اليمني الثوري والشعبي يمكن أن يتماهى معها، ويغرق في مفاوضات عبثية مع الفراغ الذي اصطنعوه.

 

نقولها استباقاً وبوعي العامة لا الخَاصَّة أن لا طرف يمنياً يسمى “شرعية” وَلا آخر يسمى “انتقالي” وَلا مولودَ ثالثاً مشوهاً انبثق من رحم المؤامرة يُدْعَى “مقاومة وطنية”، لا أحد منهم يمكنه القبولُ باختزال الصراع وَالسلام فيه ومعه، أَو التعاطي مع تلك الأدوات ككيانات فيما يكذبها الواقع، وَيفضحها الميدان، لا يمكن أن تخفيَ هذه الستائر الشفافة والممزقة حقيقةَ هذا العدوان وَأطرافه وَمخطّطاته، وَإن أردتم سلاماً مع اليمنيين تقدموا على الطاولة وَأعلنوا عن أنفسِكم كأطراف مشكلة لا وسطاءَ حلول، وحينها يمكن أن نتحدَّثَ عن سلام حقيقي ودائم.