تقرير/ الأسباب التسعة لإجهاض التحالف جهود عُمان..
تقارير|الصمود| عمرو عبدالحميد
الكثير تفاءل بتحرك عُمان ودخولها على الخط لرعاية مفاوضات وقف الحرب على اليمن مع أن المراقب السياسي لسير الأحداث يستطيع إدراك النتائج النهائية التي ستحرزها الجهود العُمانية وإلى أي مدى سيكون تأثيرها على الصعيد الداخلي والخارجي، من زوايا متعددة وتداعيات كثيرة.
أولاً: لا يمكن للسعودية والإمارات أن يتعاونا بشكل جاد مع عُمان والشروع في مفاوضات حقيقية لوقف الحرب، أو كما تقول الأمم المتحدة وقف الصراع من باب التضليل، وذلك كون علاقة عُمان مع الدولتين ليست بالطيبة طوال المراحل التاريخية السابقة، لا سيما لو استرجعت ذاكرتنا قضية خلية التجسس الإماراتية والنزاع الحدودي مع السعودية، بالإضافة إلى محاولة السعودية والإمارات تحريك الشارع العُماني لإسقاط السُلطان والنظام.
ثانياً: وقف الحرب على اليمن يعني نسف المشاريع الإماراتية الإسرائيلية الأمريكية المشتركة، إذا ما أخذنا بالاعتبار أن السعودية تصب تركيزها على المهرة في المرحلة الحالية من الحرب على اليمن.. فيما الإمارات وإسرائيل وأمريكا لديهم مشاريعهم الكبيرة المتمثلة بالسيطرة على الممرات المائية ابتداءً بجزيرة “سقطرى” وإحكام السيطرة على جزيرة “ميون”، وهو ما يُعد أهم المشاريع وفي هذه الحالة من الصعب رضوخ التحالف لوقف الحرب قبل استكمال تلك المشاريع كحد أدنى.
ثالثاً: وقف الحرب على اليمن سيُفقد الكثير من الدول أموالاً طائلة تغذي خزائنها وخزائن سماسرة الحروب فيها، كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأستراليا وكندا وروسيا والصين وحتى البرازيل وغيرها.
رابعاً: مواطئ أقدام الدول ذات الأطماع الاستعمارية ليست راسخة بعد، فبريطانيا لم تجد مكوناً خالصاً في خدمتها، فـ”الانتقالي” متأرجح ومتقفز بين أحضان الإمارات وإسرائيل وأمريكا وغير جدير بالنسبة لبريطانيا بحمل مشروعها الاستعماري، خصوصاً بعد اكتشاف أن بعض الشخصيات أرقام على ورق فقط وليس لها حضور فعلي أو قبول شعبي بعد أن سقطت وطنيتهم أمام رغباتهم الشخصية ليسقطوا في نظر الجماهير اليمنية، الأمر الذي تيقنه “ياسين سعيد نعمان” ليكتفي بتمثيل حكومة المنفى في “لندن”، فيما يغرد “علي سالم البيض” بأوهام سلطة انفصالية ليس له القدرة على إيجادها بالواقع وعدم إدراكه بعوامل التعرية الزمنية، فقد أفل الاشتراكي بعد حرب 94.
في حين روسيا تنجر خلف بغل خاسر لا رهان عليه، وإن كان قد رفع قميص عمه “عفاش” للحصول على دعم روسي بضمانة حماية المشاريع الإماراتية الإسرائيلية على الساحل الغربي.. أما الحليف القديم للأمريكي والبريطاني والمتيم بعشق “أنقرة” يعيش مرحلة التيه وقد لا يخرج منها بعد أن اختلطت حساباته السياسية بالمال والدين، ما أفقده رقعة جماهيرية ليصبح رقماً احتياطياً عند راسم السياسة الأمريكية والبريطانية على حد سواء.. فكل الأوراق لدى دول التحالف ممزقة ومهترئة وترميمها يحتاج إلى وقت طويل، وهو ما لا يسعفها عند الحديث عن المفاوضات قبل اكتمال مشاريعها.
خامساً: بعيداً عن المديح والإطراء لسلطنة عُمان يعلم الكثير أن السلطنة ما زالت محمية بريطانية، ومع ذلك تقاتل بريطانيا في سبيل أن يكون مبعوث الأمم المتحدة من نصيبها، لأن عُمان تحظى باستقلال قرارها السيادي وعلاقاتها طيبة مع الشعب اليمني، وطيب العلاقة بالذات هو ما يزعج السعودية والإمارات ويمنعهما من منح عُمان شرف النجاح بإيقاف الحرب، خصوصاً إذا ما ربطنا تواجد “غريفيث” في الكويت منتصف الأسبوع الماضي للتباحث حول إمكانية استضافة الكويت لمفاوضات قادمة، في الوقت الذي ما زالت فيه عُمان تجري مشاوراتها بين صنعاء ودول التحالف، الأمر الذي جعل عضو المجلس السياسي الأعلى “محمد علي الحوثي” يتحدث عن قبول صنعاء بمفاوضات تستضيفها “قطر”، ليحشر بذلك قطبي التحالف “الإمارات والسعودية” في الزاوية.
سادساً: تصريح رئيس الوفد الوطني المفاوض “محمد عبدالسلام” يُكمل تركيب الصورة عن ما يدور من عراقيل، وذلك بتأكيده أمس الأول الجمعة أن موقف اليمن دفاعي وأن الذي اعتدى على اليمن بيده وقف عدوانه العسكري وإنهاء الحصار، ومطالبة المُدافع عن نفسه بالتوقف أمر مرفوض تأباه الفطرة السليمة.
هذا التصريح يكشف خبث التحالف خلف الكواليس.
سابعاً: يتمنى التحالف من الأنصار والقوى الوطنية القبول بانتزاع السيادة وعدم الاستقلال بالقرار السيادي وسيوقف حربه على الفور، وهو ما لم يحصل عليه ولن يحصل في اعتقادي إذا ما استمر الصمود اليماني في وجه آلة القتل الأمريكية والإسرائيلية بأيادٍ سعودية وإماراتية.. وطالما لن يحقق المضمون الأول فسيسعى التحالف إلى جلب شذاذ الآفاق من التكفيريين والتنظيمات الإرهابية إلى اليمن، ليضمن تحويل الساحة إلى حالة حرب طويلة تنهك قوى الداخل بهدف عدم التفرغ ومواجهة المخططات الاستعمارية في التواجد على الجزر اليمنية والتحكم بالملاحة المائية العالمية.
ثامناً: الكيان الإسرائيلي شريك رسمي في الحرب على اليمن ضمن إطار التحالف وله مشاريعه الخاصة، وأهمها إبقاء اليمن في دائرة اللاسلم من خلال رعايته للتنظيمات التكفيرية وتغذية مختلف الصراعات (مناطقية وعنصرية وطائفية) ليضمن بقاءه في مضيق “باب المندب”، وقد عبر عن ذلك رئيس وزراء الكيان السابق “نتنياهو” مرات عديدة خصوصاً أثناء ثورة الـ21 من سبتمبر 2014م، حيث تحدث عن مخاوفه من وصول الأنصار أو كما وصفهم “بالحوثيين” إلى مضيق باب المندب، ثم صرح في العام 2017م بأن لدى إسرائيل أصدقاء يعملون معها في اليمن، وقد يكونون من “الانتقالي” الذي جاهر بالتطبيع لا سيما بعد تعمده إخفاء هويتهم، كما لا نستبعد أن يكونوا من الإصلاح إذا ما أخذنا واقع العلاقة التركية الوثيقة مع الكيان الإسرائيلي تجارياً واقتصادياً وعسكرياً وتناميها بشكل كبير في عهد نظام “أردوغان”.
تاسعاً: حصول الإمارات على مقعد عضوية غير دائمة في مجلس الأمن، ولأول مرة سيلقي بظلاله على إفشال أي مفاوضات جدية كما أن تواجدها في أروقة مجلس الأمن سيمكنها من شراء قرارات ومواقف وفق رغباتها، منها شراء قرار رفع العقوبات عن “أحمد عفاش” والعمل على إعادته للواجهة الإعلامية لتضعه جزءاً من الحل يضمن مشاريعها بعد توزيع الأدوار بينه وبين “طارق وعمار”.. بالإضافة إلى قرارات إدراج أنصار الله، في قوائم سوداء لدى المؤسسة الدولية لعرقلة المفاوضات كالقرار الأخير في أدراج أنصار الله، بقائمة منتهكي حقوق الطفولة وهو أول قرار تم شراؤه مقابل تمديد ولاية الأمين العام للأمم المتحدة “غوتيرش” والمقرب جداً من رئيس الكيان الإسرائيلي السابق شمعون بيريز.
في الأخير مما لا شك فيه أن المعركة القادمة (إعلامية بامتياز)، وستكون أكثر ضراوة من المعركة العسكرية، حيث سيهدف التحالف إلى تحقيق الآتي:
– تمزيق النسيج الاجتماعي وترويج الشائعات بشكل أكبر.
– العمل على اختراق جدار الصمود.
– خلق فجوة بين القيادة والشعب.
– تغذية النبرة المناطقية والطائفية والعنصرية.
– دبغ الحق بالباطل.