بعد السعودية.. عدوى العجز المالي والتقشف تنتقل سريعًا إلى قطر
عجز مالي جديد يظهر في إحدى الدول الخليجية، فعلى ما يبدو أن عدوة التقشف وعجز الموازنة بدأت تنتقل من السعودية إلى قطر، على الرغم من أنها تُعد أكبر بلد مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، وتتمتع بوضع مالي مميز من بين الدول الأقوى في منطقة الخليج، إلا أنها تتعرض لعجز مالي في الموازنة قد يصل بها إلى التقشف وتخفيض الإنفاق، وهو ما ينذر بألا تقتصر أزمات الدول الخليجية في المستقبل على الشأن السياسي فقط بل تتخطاه لتصل إلى الجانب الاقتصادي.
أعلن وزير المالية القطري “علي شريف العمادي”، أن الموازنة العامة لبلاده للعام 2016 ستشهد أول عجز مالي منذ 15 عامًا، وأشار الوزير القطري إلى أن خيارات الحكومة مفتوحة لجهة تمويل العجز المرتقب عن طريق طرح أدوات دين محلية أو دولية، ودون اللجوء إلى الاحتياطي النقدي أو الصندوق السيادي للدولة.
تصريحات الوزير القطري لم تكن مفاجئة، حيث سبقها تلويح وتمهيد من قبل الأمير “تميم بن حمد آل ثاني” قبل أيام بأنه يوجد عجز في الموازنة، حيث أفاد أمير قطر الثلاثاء الماضي، بأن بلاده ستضع موازنة الدولة للعام 2016 من دون عجز كبير، رغم تأثر الإيرادات بأسعار النفط والغاز المنخفضة، في إشارة إلى أن الإنفاق سيكون أكثر حذرًا، وبحسب بيان رسمي قال “تميم” في خطابه أمام مجلس الشورى، “ستأخذ موازنة العام المقبل انخفاض أسعار النفط بعين الاعتبار بحيث لا يؤدي إلى عجز كبير في الموازنة، ما من شأنه أن يلحق ضررًا يتجاوز ميزان المدفوعات إلى الاقتصاد الكلي”.
وأضاف “تميم بن حمد آل ثاني”، أن “الحكومة ستواصل الإنفاق على البنية التحتية ومشاريع الرعاية الاجتماعية وتنويع موارد الاقتصاد”، واستطرد “قطر ستعتمد على القطاع الخاص بدرجة أكبر في المستقبل وستعطيه مجالاً أوسع للعمل من دون منافسة من شركات الدولة”، مشيراً إلى أنه تم إجراء “مراجعة شاملة لكل الشركات المملوكة للدولة”، وتابع “بعد عرض المراجعة على المجلس الأعلى للشئون الاقتصادية والاستثمار، وجهت بوقف الدعم إلى عدد من هذه الشركات وخصخصة بعضها وتحويل إدارة بعضها الآخر إلى القطاع الخاص”، وقال إن “سياسة الحكومة يجب أن تعالج أيضاً الارتفاع غير المبرر في أسعار العقارات”.
على الرغم من تجنب الأمير القطري التصريح بأرقام معينة حول عجز الميزانية، إلا أن كلماته تشير إلى أن بلاده تتجه إلى موجة من التقشف على غرار حليفتها السعودية، حيث أنه لوح أثناء حديثه بأن قطر سوف تبتعد عن زيادات الإنفاق التي دأبت عليها خلال السنوات العشر الماضية.
تراجعت إيرادات قطر هذا العام، إذ انكمشت صادرات الغازات النفطية وأنواع الغاز الأخرى بنسبة 40%، عنها قبل عام إلى 13.18 بليون ريال أي ما يعادل 3.6 بليون دولار في سبتمبر، وهو ما توقعته وكالة التصنيف الائتمانية “موديز” حيث قالت في تقرير سابق لها إن انخفاض أسعار النفط منذ منتصف 2014 سيضر بالنمو الاقتصادي لدول الخليج، وكذلك تراجع أرصدة الحسابات الجارية والموازنات العامة ولكن بدرجات متفاوتة، وتوقعت “موديز” أن يصل العجز المالي في دول الخليج 10% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2015/2016.
هذا الأمر أيضًا أكده تقرير صدر مؤخرًا عن صندوق النقد الدولي، حيث قال إن دول مجلس التعاون الدولي ستشهد تراجعًا في رصيد حسابها الجاري من فائض قدره 15% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2014، إلى عجز بنسبة 0.25% في عام 2015، وأكد أنه في ظرف خمس سنوات قد تجد دول خليجية على رأسها السعودية نفسها غارقة في عجز مالي، وأضاف أنه على عكس السعودية، فإن الوضع لن يكون كارثيًا في الكويت وقطر والإمارات، ويرجع السبب في ذلك إلى خلق هذه الدول بدائل اقتصادية تمكنها من التغطية على تراجع أسعار النفط، لكنه عاد ليقول أن قطر والكويت لن يستطيعا الصمود أكثر من 25 عام فقط، فيما قدر للإمارات أن تقاوم لمدة 30 عامًا.
يبدو أن الدور المشبوه الذي تلعبه قطر في دعم وتمويل عدد كبير من الجماعات الإرهابية في العديد من الدول العربية ولاسيما سوريا ومصر وليبيا، لم تدرك الإدارة المالية القطرية توابعه جيدًا، فأخذت في إنفاق المليارات دون أن تعلم أن ذلك سيرتد عليها أمنيًا واقتصاديًا، لتبدأ البوادر الاقتصادية تظهر في الأفق، مع انتظار البوادر الأمنية قريبًا خاصة أنها ظهرت جلية في السعودية، وسط توقعات بأن تنتقل عدوى الإرهاب من السعودية إلى باقي الدول الخليجية، خاصة تلك التي حرضت ومولت ودعمت إسقاط الأنظمة وخاضت حرب بالوكالة في منظقة الشرق الأوسط.
دعم وتنظيم وتدريب وتمويل الجماعات الإرهابية كانت لعبة مستساغة لقطر وغيرها من الدول المعادية لاستقرار المنطقة العربية، والتي تعتبر يد الخراب الأمريكة في المنطقة العربية، إلا أنها كانت نقطة في بحر العداء القطري لبعض الدول العربية، والذي دفعها إلى خوض حرب ليس لها فيها ناقة ولا جمل، من خلال إشتراكها في التحالف السعودي الأمريكي للعدوان على اليمن، لمجرد دعم الحليفة السعودية التي تواجه الآن مخاطر كارثية اقتصاديًا وأمنيًا وسياسيًا، أفقدتها نفوذها في المنطقة كما أنها لم تستطع حتى الآن الخروج منها.
#البديل_صوت_المستضعفين