العدو يحاصر «الشيخ جرّاح» ويساوم أهله
الصمود:
جدّدت محكمة الاحتلال الإسرائيلي عرضاً سابقاً قُدِّم للعائلات الفلسطينية في حيّ الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة، للبقاء في منازلها كـ«كأُسر مستأجِرة» لمدّة 15 عاماً، وهو ما كانت رفضته سابقاً العائلات التي لا تزال تتعرّض لحملة مضايقة شرسة من قِبَل شرطة العدو والمستوطنين منذ عدّة أشهر. وفي ظلّ عجز الاحتلال عن إيجاد حلّ لهذه القضية التي مثّلت إحدى شرارات معركة «سيف القدس» في أيار الماضي، تُحاول الحكومة الإسرائيلية التوصّل إلى تسوية مع السكّان الفلسطينيين، إلّا أن جميع مشاريع الحلول التي تطرحها تبدو مرفوضة من قِبَل هؤلاء، الذين يرون أنها تحاول ترسيخ مُلكية المستوطنين للحيّ. و
ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أن المحكمة العليا الإسرائيلية قدّمت ما وصفته بأنه «حلّ وسط» مبنيّ على الاعتراف بالعائلات الفلسطينية كـ«مستأجِرين محميّين» لمدّة 15 عاماً، أو «حتى يتمّ التوصّل إلى ترتيب آخر».
وخلال هذه الفترة، سيدفع الفلسطينيون الإيجار لجمعية «نحلات شمعون» الاستيطانية والتي تدّعي ملكيّتها للأرض التي أقيمت عليها المنازل، فيما لم يصدر بعد أيّ ردّ من العائلات الفلسطينية. وكانت محكمة العدو أمهلت أربع أسر مُهدَّدة بالإخلاء (الجاعوني، إسكافي، الكرد، القاسم)، حتى الثاني من تشرين الثاني المقبل من أجل التوصّل إلى اتفاق مع الشركة الاستيطانية، وذلك عقب المناقشة التي عُقدت للنظر في القضية في الثالث من آب الماضي.
لكن كرمل القاسم، أحد نشطاء الحيّ وسكّانه، نفى وجود مقترح رسمي جديد للتسوية مع المستوطنين، مؤكداً أن موقف السكّان ثابت بعدم قبول أيّ قرار يمسّ بحقوق ملكيّتهم للبيوت والأراضي، أو يدّعي وجود حقّ للمستوطنين فيها.
وأمام الرفض المتكرّر من قِبَل سكّان «الشيخ جراح» للطروحات الإسرائيلية، تمضي قوات الاحتلال في تشديد ضغوطها على السكّان، بدءاً من إغلاق الحيّ بالكامل بحجّة «الأعياد اليهودية»، وفرض تصاريح على الفلسطينيين للدخول والخروج إلى منازلهم، وصولاً، يوم الجمعة الماضي، إلى وضع حواجز على مداخل «الشيخ جراح» ومنع دخول أيّ متضامن إليه.
وتُواجه 27 أسرة فلسطينية في الحيّ خطر التهجير على يد العدو الذي قرّرت محاكمه، لمرّات عدّة طوال سنوات، إخلاء منازله لصالح مستوطنين، على الرغم من استخدام هؤلاء وثائق مزوّرة في تلك المحاكم لادّعاء ملكيّتهم لها، بحسب تأكيد السلطة الفلسطينية.
ويأتي العرض الجديد بعد شهر ونصف شهر من إصدار محكمة الاحتلال قراراً بتجميد إجراءات تهجير ثلاث عائلات، إلى حين انتهاء الإجراءات القضائية كافة.
ومنذ منتصف تموز، ينفّذ العدو على الأرض خطّة لفرض التهجير على سكّان «الشيخ جراح» كأمر واقع، مشابهةً لخطّة إخلاء شارع الشهداء في الخليل. إذ عمد إلى فرض سلسلة إجراءات عسكرية من شأنها تقييد الوصول إلى الحيّ، إلّا أمام المستوطنين وبعض ساكنيه من الفلسطينيين، فيما لم يُسمح لِمَن تبَقّى من السكّان بالدخول إلّا عبر حواجز مشدّدة، تماماً مثلما حدث في شارع الشهداء الذي أصبح شبه فارغ من الفلسطينيين بعد سنوات من التضييق والحواجز والاعتداءات. وبدأت قصة «الشهداء» في شباط 1994، عندما أغلق الاحتلال الشارع الواقع وسط مدينة الخليل بحواجز مأهولة تُدقَّق في هويات المارة، قبل أن يضيف إليها سواتر حديدية ومكعّبات إسمنتية، ثمّ بوابات حديدية يُطلَق عليها «معاطات»، وهي بوّابات لا تسمح إلّا بمرور شخص يضطرّ للدوران معها، وقد سُمّيت بهذا الاسم نسبة إلى آلة فصل الريش عن الدجاج. وفي عام 2015، أغلق جيش العدو مدخل الشارع تماماً بحاجز عسكري شديد التحصين، وأضاف إليه بوابة إلكترونية، وأعدّ قوائم للسكان الذين يُسمح لهم دون غيرهم بالدخول من خلالها.
جريدة الأخبار