منتخب الناشئين يعانق الذهب لأول مرة في تاريخ الكرة اليمنية
الجماهير اليمنية تحتفي في الشوارع والألعاب النارية تضيء سماء العاصمة والمحافظات
لحظة تاريخية فارقة.. فرحة عارمة.. و”اليماني” يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
يحيى يحيى محمد
في خضم الأحزان والمعاناة التي يمر بها الشعب اليمني العظيم، نثر المنتخب الوطني لناشئي كرة القدم الأفراح وأشعل اليمن من شرقها إلى غربها.
عاشت اليمن – في مدنها وقراها، مساء أمس – فرحة عارمة رافقها إطلاق الألعاب النارية فرحاً وابتهاجاً بتتويج منتخبنا الوطني لناشئي كرة القدم بكأس بطولة غرب آسيا الثامنة، لأول مرة في تاريخ الكرة اليمنية، في إنجاز سجله نجوم اليمن الصغار في أنصع صفحات التاريخ بأحرف ذهبية، تناقلتها ألسن كل اليمانيين.
مساء أمس كان يوماً مختلفاً لم تعشه اليمن من قبل، جاء في زمن يبحث فيه اليمنيون عن فرحة تداوي جزءاً من جراحهم وتمنحهم السعادة والبهجة، فتحقق لهم ما أرادوا حين تفوق نجوم اليمن الصغار على المنتخب السعودي وانتزعوا كأس البطولة الغالية من أرضه ومن بين جماهيره، راسمين أروع صور الإنجاز الرياضي وأهم لحظات الكرة اليمنية.
نهائي غرب آسيا – الذي أقيم مساء أمس – تابعه الملايين في أرجاء اليمن وعاشوا اللحظة وكانت صرخاتهم تملأ الأماكن وأيديهم تلامس قلوبهم من أجل الفرحة.
فالقلوب كانت ترقص فرحاً مع كل هجمة يمنية وتنبض فزعاً مع كل ركلة سعودية، ولكن كلمة الفصل كانت لأبناء اليمن أصل العرب ومنبع العروبة.
الفوز اليماني جاء بركلات الترجيح.. بعد مباراة نهائية دراماتيكية تقدم فيها منتخبنا الوطني بهدف في مستهل الشوط الثاني ولكن المنتخب السعودي أدرك التعادل في وقت قاتل وتحديداً في الوقت بدل الضائع من عمر المباراة، ولأن اليمن كان الأفضل طوال اللقاء والأجدر وأرهق المنتخب السعودي الذي يلعب في أرضه وبين جمهوره، فقد جاءت النتيجة النهائية 5/ 4 لصالح اليمنيين.
تجاوز منتخبنا كل الصعاب وكل العراقيل وتفوق على كل الإمكانيات التي تتمتع بها المنتخبات المشاركة في البطولة – وفي مقدمتها المنتخب السعودي – وأعلنها نجومنا الصغار “اليمن بطلاً لبطولة تاريخية جاءت في زمن القحط والحرب”.
تتويج يماني تاريخي
المنتخب الوطني للناشئين لكرة القدم توج لأول مرة في تاريخه بكأس بطولة غرب آسيا لكرة القدم التي اختتمت منافساتها مساء أمس في السعودية، وجاء التتويج اليماني عقب الفوز في المباراة النهائية على المنتخب السعودي بركلات الترجيح 3/4 بعد انتهاء المباراة في وقتها الأصلي بالتعادل الإيجابي بهدف لكل منهما، لتصبح النتيجة النهائية 4/5، ليجرد المنتخب اليمني نظيره السعودي من لقب البطولة، حيث أن المنتخب السعودي هو حامل لقب البطولة في نسختها الماضية.
بدأت المواجهة النهائية بضغط هجومي مكثف من قبل لاعبينا بغية استكمال مشوارهم الرائع في البطولة بمعانقة الذهب، وشهدت الربع الساعة الأولى محاولات هجومية من قبل المنتخبين مع أفضلية يمنية في بعض الأوقات وتألق يمني في إبطال مفعول بعض الهجمات السعودية، التي كانت أبرزها في الدقيقة التاسعة والعشرين، حيث تألق حارس منتخبنا وضاح أنور في إبعادها، وجاء الرد اليمني سريعاً حين أهدر عبدالرحمن الخضر فرصة كادت أن تهز الشباك السعودية في الدقيقة الثانية والثلاثين وبعدها فرصة أخرى من عبدالله الدقين، لم تثمر كل المحاولات اليمنية عن شيء حتى انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي.
وفي الشوط الثاني لم يمهل النجوم اليمنيون – بقيادة مدربهم قيس محمد صالح – نظراءهم السعوديين كثيراً ليكللوا تفوقهم بهدف السبق في الدقيقة السابعة والأربعين من عمر اللقاء بهدف النجم محمد البرواني الذي استغل كرة عرضية وصلته من زميله عادل عباس، ليشعل الهدف مدرجات الملعب الذي اكتظ بالجماهير اليمنية وكذا يشعل الأفراح في كل أرجاء الوطن.
استمر التفوق اليمني خلال الشوط الثاني وشن لاعبو منتخبنا العديد من الهجمات مهددين المرمى السعودي كثيراً والتي كان أبرزها تسديدة عادل عباس ورأسية محمد البرواني، في المقابل كانت هناك محاولات ضئيلة من قبل المنتخب السعودي لم تثمر عن شيء في ظل تألق لاعبي منتخبنا وحارسهم وضاح أنور حتى الوقت بدل الضائع، حين استثمر المنتخب السعودي كرة ركنية وصلت لرأس اللاعب محمد العيسى الذي وضعها بدوره في الشباك معادلاً النتيجة والمباراة تلفظ أنفاسها الأخيرة.
ورغم أن هدف التعديل جاء في وقت صعب ما قد يسبب الكثير من الإحباط للاعبي منتخبنا إلا أنهم – وفي ركلات الترجيح التي حسمت البطل- كانوا أبطالاً بكل ما تعنيه الكلمة وهزوا الشباك السعودية بأربع ركلات مقابل ثلاث، بعد أن نجح الحارس المتألق وضاح أنور في التصدي لركلتين وليتوج المنتخب اليمني بطلاً تاريخياً لبطولة غرب آسيا.
عقب آخر ركلة جزاء في المباراة، عمت العاصمة صنعاء ومحافظات اليمن أفراح عارمة وابتهاجات كبيرة بهذا التتويج التاريخي لنجوم اليمن الصغار، حيث خرج أبناء اليمن صغارهم وكبارهم للشوارع للاحتفاء بهذا الإنجاز الكبير مطلقين الألعاب النارية التي أضاءت سماء العاصمة وكل المحافظات دون استثناء وخرجت الجماهير تجوب الشوارع على متن السيارات ومشياً على الأقدام ابتهاجاً بما حققه نجومنا الصغار الذين دخلوا قلوب كل اليمنيين وأدخلوا معهم الفرحة التي فقدها اليمنيون منذ زمن، معيدين ذكريات منتخب الأمل الذي وصل إلى العالمية في العام 2003م.
وظل اليمنيون يحتفون بإنجاز صغارهم حتى ساعات متأخرة من ليلة أمس في مختلف شوارع العاصمة صنعاء ومحافظات الجمهورية، يرددون بصوت واحد وبلسان واحد وبقلب واحد «حيو اليماني حيوه».
المنتخب حديث الشارع
وقبل اللقاء النهائي، وعقب النتائج الرائعة التي حققها المنتخب خلال مسيرته في البطولة منذ بدايتها – أصبح منتخب الناشئين هو حديث الشارع اليمني برمته، وسبق المباراة النهائية استعدادات غير مسبوقة من قبل الجماهير اليمنية التي حرصت على تهيئة نفسها لمباراة التتويج، وهو ما لم يقصر فيه نجومنا الصغار الذين تألقوا وصالوا وجالوا بالطول والعرض في الأراضي السعودية مكللين بذهب البطولة.
المؤيدي يهنئ الأبطال
وعقب التتويج، بارك وزير الشباب والرياضة محمد حسين مجد الدين المؤيدي الإنجاز الكبير الذي حققه نجوم منتخبنا بالتتويج بكأس بطولة غرب آسيا، مهنئاً الجهاز الفني والإداري ولاعبي المنتخب بهذا الإنجاز التاريخي.
وأوضح أن نجوم المنتخب تمكنوا بحماسهم من تجاوز كل الظروف وتوهجوا في البطولة بتحقيق الانتصارات المتتالية على دول متطورة وظروفها أفضل من ناحية الإعداد والإمكانيات المادية، مبدياً فخره واعتزازه بما حققه نجوم المنتخب الذين توجوا بالبطولة تأكيداً على استحقاقهم وجدارتهم بما حققوه في البطولة منذ بدايتها.
وأشار إلى أن شباب اليمن ورياضييه لا يقلون شأنا عن باقي الرياضيين في مختلف الدول وأنهم صنعوا – رغم قلة الإمكانيات – إنجازاً للجماهير اليمنية في الداخل والخارج، مؤكداً أن هذا الإنجاز يعد محل فخر واعتزاز كل أبناء اليمن، متمنياً أن يكون هذا المنتخب هو بطل اليمن في المستقبل وخير من يشرفه ويمثله خير تمثيل، مشيداً بما قدمه لاعبو منتخبنا في البطولة منذ بدايتها وحتى التتويج باللقب.
البرواني.. هداف بجدارة
وخطف النجم الصغير لاعب منتخبنا الصغير محمد البرواني لقب هداف البطولة برصيد أربعة أهداف كان آخرها الهدف الذي سجل في مرمى المنتخب السعودي أمس في نهائي البطولة.
مشوار أكثر من رائع
وبالعودة لمشوار منتخبنا في البطولة فهو مشوار أكثر من رائع حيث وضعت قرعة البطولة منتخب اليمن الناشئ ضمن المجموعة الثالثة بجانب منتخبي: الأردن والبحرين وتمكن منتخبنا من اعتلاء صدارة المجموعة برصيد ست نقاط من فوزين وله ثمانية أهداف وعليه هدف وحيد، حيث فاز على الأردن بثلاثة أهداف لهدف، ومن ثم تغلب على المنتخب البحريني بخماسية نظيفة، وفي نصف النهائي تجاوز المنتخب السوري بهدفين لهدف قبل أن يضيف السعودية لقائمة ضحاياه في المباراة النهائية ويتوج باللقب الغالي.
مواقع التواصل الاجتماعي تغني يا يماني
وعقب الإنجاز اليماني الكبير اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر تتويج منتخبنا الناشئ بكأس البطولة وكانت المنشورات والتغريدات الخاصة بالمنتخب هي الأكثر تداولاً في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت تغني «يماني يا يماني يا يماني».
اللحظة الفارقة
ليلة أمس كانت لحظة فارقة في تاريخ اليمن واليمنيين، حين اجتمع كل أبناء اليمن على قلب رجل واحد وكانوا صفاً واحداً خلف منتخبهم الصغير، تناسوا كل شيء ولفظوا السياسة والمآسي التي أقحمتهم فيها، فكانت دموعهم تنهمر على خد واحد وابتسامتهم ارتسمت على شفة واحدة وفرحتهم على قلب واحد وأحاديثهم من فم واحد.. يا لها من لحظة تاريخية فارقة لم يمر بها اليمنيون من قبل!!