مهند من سيوف الله مسلول
بقلم سفير الشهداء/ نصر الرويشان
عندما نكبر وننجب أطفالا” ، عندها نحس أننا كبرنا فعلا” ، فأولادنا هم الأمل الذي يمنحك شعورا” بالمسؤولية لرعايتهم والإهتمام بهم ، وتربيتهم تربية طيبة لتغرس فيهم كل المثل والفضائل ، فليس هناك أجمل من أن ترى إبنا” لك في قمة الرجولة والتدين والخلق الكريم ، وليس هناك أبا” لا يتمنى أن يكون إبنه أفضل منه ، وعندما يكبر الأبناء تكبر معهم آمالنا وطموحاتنا ونرى الحياة بهم أكثر جمالا” ونكون أعظم سعادة بهم .
وليس أغلى من أن يضحي الإنسان بإبن له دونما تردد يذكر ، ودونما ندم ، بل هو عظيم إخلاص إن كنت تحب إبنك خبا” جما ، ومع ذلك تقدمه قربانا” لله إبتغاء مرضاته وتلبية لندائه ، وهذا دليل واضح على عظيم صدقك وإخلاصك وبذلك وعطائك .
كان أحد هؤلاء الآباء هو الأستاذ /عادل عبدالقادر ، وكان أحد هؤلاء الأبناء هو المهند ، فلذة كبده وثمرة فؤاده.
كان يوم قدوم المهند بالنسبه لأباه في 13/9/1999 هو بوم سعادة وإستبشار بالخير القادم ، فكان مولده في حي الجراف بصنعاء التاريخ والحضارة والأصالة ، عندما نتحدث عن حي الجراف نتحدث عن صفات وشمائل ولا نتحدث عن أحجار وأرصفة ، إذا ما تبادر لسمعك إسم ذلك الحي بصنعاء فإنك تشعر بإخلاص وصدق الرجال وعظيم المبدأ وروح البذل والعطاء .
فحي الجراف ربى رجال تخلوا عن طابع المدنية ليعيشوا حياة الجبهات والمتارس فصنع من أولئك المتحضرين رجال سطروا بطولات وملاحم وكأنهم أبناء صحراء قاحلة صنعت بأسهم وأنتجت قوتهم.
مهند كان من أولئك الأبطال ، درس في مدرسة النهضة بحي الجراف ، ثم أنتقل لمدرسة عمر بن عبدالعزيز ليدرس الصف الأول الثانوي ، ولكن نداء الله عندما يطرق المسامع ويلامس القوب الممتلئة محبة لله لا يعرف صغيرا” لم يكمل دراسته ، فالجهاد باب مفتوح لمن رغب برضاء الله ، لمن تحمل مسؤليته أمام الله ، باب مفتوح لمن أراد نصرة الحق وحينما يحين الوقت للإصطفاء فتنال الشهادة ، تكون أنتصرت لقضيتك وأنجزت مهمتك ، ليأتي آخرون فيمضون بذات المسيرة ويواصلون الطريق الذي بدأته ، ليلحقوا بذلك الركب العظيم ، ركب الإباء والشرف والإقدام ، ركب المؤمنيين الصادقين من باعوا لخير من أشترى هو الخالق سبحانه.
المهند غادر أباه وأمه وأحبائه وكانت وجهته جبهة الشرف والصمود ليذود عن دين الله ويثبت للخالق سبحانه عظيم محبته وإنصياعه لما أمر الله به من نصرة للحق ودرأ الباطل ، ذهب لجبهة مأرب -صرواح ليمكث هناك مرابطا” لمدة أربعة أشهر ويعود بعدها في زيارة لأهله ؛ ومعنوياته مرتفعه وهمته عاليه ور أسه يعانق السماء ، ووعد وأفى بعهده ، وقالها حين عاد لن أرجع لكم إلا بنصر” أو شهادة ، فهو يعرف أنها إحدى الحسنيين ، فإما نصر أو شهادة .
مكث مع أهله أسبوعا” وواحده ، ولكن نفسه التواقه للجهاد ، النفس المشتاقه للشهادة دفعته دفعا” ، لينطلق عائدا للجبهة ، فالجبهة عشق لمن رابط فيها لا يعلمه إلا المجاهدون.
أبو هاشم هو الإسم الجهادي للمهند ، كان لحوزته دراجة نارية ، يعمل بإمداد المجاهدين ، وفي فترة عمله الجهادي تلك أستهدف الطيران المعادي دراجته وأحرقت ولك تكن المرة الأولى فقد تم إستهدافه ثلاث مرات وقد نجا في الأولى والثانية ولكن الثالثة كانت الأخيرة التي منحته تأشيرة لدهول الجنة والفوز بالشهادة ونيل الإصطفاء الرباني العظيم.
وصية الشهيد التي بعث بها لأباه يقول فيها :
( بسم الله الرحمن الرحيم
أسألوا كل الناس إذا كانوا يسألوني دينا” فلتقضوا ديني ، وأوصيكم بالصبر والجهاد .
إلى من ربياني أولا” أطلب منكم السماح ، ثانيا” انصح جميع المؤمنيين وأهلي وأسرتي وخاصة أمي وأبي أن يكونوا من أولياء الله في الدنيا ومن المجاهدين، وأتمنى أن يدخلوا في عذه النسيرة القرآنية التي ستستمر بإذن الله وإذا تخاذلنا فسيستبدل الله مؤمنيين غيرنا، قال تعالى :مالكم إذا قيل لكم إنفروا في سبيل الله أثاقلتم إلى الأرض ، وسيأتي الله في آخر الزمان بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنيين أعزة على الكافرين، وأنا أريد أن أكون من أولئك القوم الصالحين ، ولا أطلب منكم إلا أن تسمحوا لي بأن أبيع نفسي ومالي وجسدي لله وحده ، وأتمنى منكم السماح لي .
لقد أخطأت بحقكم ولكن أرجوا منكم أن تسامحوني .
أعلموا أنني أحببتكم والموت يأتي في ثواني وما أتى من الله فمرحبا” به .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشهيد القادم بإذن الله إبنكم المهند عادل محمد شرف الدين
الوداع أحبكم ) .
هل علمتم كم نحن صغار وكم هم كبار ، بقولون عنهم أطفالا” ولا أراهم إلا عظاما” وعمالقة ، فالجهاد لا يعرف سنا” ، فالمهند شهيد ومصطفى المتوكل شهيد وعبدالسلام بن يحيى بدر الدين شهيد وإلياس الشامي شهيد والكثير منهم في مسيرة أمتلأت بالعظماء وبذل فيها الكبار أرواحههم ولم يقتصر ذلك عليهم بل لحق بهم صغارهم ، فكم هي عظيمة مسيرة القرآن التي غيرت ثقافات وأحيت مبادئ وقيم فالمجد للشهداء الأحياء ، والخلود والرفعة لك يا شهيد ، فهنيئا” لأباك وأمك وأهلك وجيرانك وكل من حظي بشرف لقائك وسلام عليكم يا شرف الأمة وضميرها الحاضر وقلبها النابض .
#ماذا_تعرف_عن_الشهيد