المقاومة الفلسطينية لن تعود إلى ما قبل «سيف القدس»
الصمود | في الوقت الذي تُواصل فيه سلطات الاحتلال مماطلتها في ملفّ تبادل الأسرى مع حركة «حماس»، تُتابع المقاومة الفلسطينيّة اشتغالها على فرْض معادلات جديدة على الأرض، تكسر الخطوط الحمراء للعدو وفق قواعد ردع غير مسبوقة، فيما تعلن صراحةً نيّتها زيادة غلّتها من الجنود الإسرائيليّين الأسرى، بعدما نقلت رسائل بالمضمون نفسه إلى الوسيط المصري، خلال المباحثات التي جرت في الأشهر الماضية.
وتَمثّلت آخر رسائل الحركة في هذا السياق في تلميح رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، إلى أن عملية الأسر المنويّ تنفيذها لن تقتصر على قطاع غزة، حيث مركز ثقل المقاومة، بل إن «كتائب القسام ستزيد الغلّة عبر أذرعها الممتدّة في كلّ مكان». وقبل ذلك بأيام، كان قائد ركن الاستخبارات العسكرية في «القسام»، أيمن نوفل، أكد، خلال مناورة «الركن الشديد 2»، أن المقاومة ستعاود الكَرّة مجدّداً لأسر مزيد من الجنود، وأنه لن يقرّ لها قرار حتى تحرير الأسرى كافّة من سجون الاحتلال.
ومنذ بداية الأسبوع الحالي، فرضت المقاومة الفلسطينية معادلة ردع جديدة مع الاحتلال، بعدما أجبرته على تنفيذ ردّ هامشي على قصفها شاطئ تل أبيب بصاروخَين، قالت إن انطلاقهما كان بسبب الأحوال الجوّية. وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر في حركة «حماس»، فإن المقاومة أبلغت المصريّين أن المعادلات السابقة لمعركة «سيف القدس» في أيار الماضي، لن تظلّ سارية، وأن أيّ تجاوز للخطوط الحمراء وكسر لقواعد الاشتباك في قطاع غزة، سيقابَل بردّ كبير.
وبالفعل، حينما حاولت طائرات الاحتلال الإغارة على عدد من المواقع العسكرية في القطاع، تصدّت المقاومة لها بإطلاق صاروخَين أرض – جو من طراز «سام 7»، الأمر الذي دفع العدو إلى الاكتفاء بقصف موقع واحد للمقاومة، بالإضافة إلى أراضٍ فارغة في المنطقة الحدودية، وهو ما يُعدّ سابقة، بعدما كانت إسرائيل في أحداث مشابهة تقصف أكثر من 30 موقعاً.
ووفقاً لمصادر فلسطينية، فإن الاحتلال تفاجَأ بإطلاق الصواريخ المضادّة للطيران أثناء القصف، وهو ما اضطرّه لسحب الطيران المروحي من بحر غزة، علماً أن هذه ليست المرّة الأولى التي تَستخدم فيها المقاومة هكذا صواريخ، إذ كان أوّل استخدام لها عام 2012، ثمّ في حرب عام 2014، ثمّ خلال معركة «سيف القدس»، وسط تكتّم متعمّد من قِبَل الرقابة العسكرية للعدو.
وتُعدّ المعادلة الجديدة تلك، الاختبار الحقيقي الأوّل لرئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينت، مع القطاع؛ إذ أجبرته على مناقضة نفسه بعدما كان وجّه انتقادات لاذعة إلى الحكومة السابقة، آخذاً على رئيسها، بنيامين نتنياهو، صمته على قصْف المقاومة تل أبيب، وإبلاغها المصريّين بأن القصف سببه الأحوال الجوية أيضاً.
في هذا الوقت، تستمرّ معاناة الأسير هشام أبو هواش، المُضرب عن الطعام منذ 141 يوماً، مُهدِّدة بتفجُّر الأوضاع في غزة، حيث أفادت مصادر في المقاومة بأن رسائل ساخنة وصلت الاحتلال عبر الوسيط المصري، مفادها بأن بقاء وضع الأسير على ما هو عليه، سيدفع نحو مواجهة عسكرية جديدة. ويواصل أبو هواش إضرابه المفتوح عن الطعام رفضاً لاعتقاله الإداري، بينما بات وضعه الصحّي حرجاً للغاية. ووفقاً للمتحدّث باسم «هيئة شؤون الأسرى والمحرَّرين»، فإن الأسير يعاني من غيبوبة شبه كاملة، نتيجة نقص الأملاح والفيتامينات والبروتينات في الدم، الأمر الذي أدّى إلى خلل كبير في حواسه وأعضائه الحيوية، خاصة عضلة القلب والكلى. وتتخوّف الأوساط الفلسطينية، والحال هذه، من قيام الأطباء بتغذيته قسرياً، في ما يُعتبر انتهاكاً لحقّه في التعبير عن رأيه بالإضراب، قد يؤدي أيضاً إلى انتكاسة وموت مفاجئ إذا ما تمّت تغذيته بشكل خاطئ. وتتواصل الجهود السياسية والشعبية للإفراج عن أبو هواش في ظلّ تعنّت محاكم الاحتلال ورفضها الجهود القانونية الهادفة إلى تحقيق ذلك، في وقت دانت فيه حركة «حماس» قمْع العدو الوقفات التضامنية مع الأسير في مدينة أم الفحم في الداخل المحتل عام 1948، واصفةً فِعْلته بـ«الجريمة العنصرية والسلوك الهمجي».