صمود وانتصار

رؤية الشهيد القائد.. الحكمة النابعة من القرآن الكريم

الصمود | الحديث عن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، حديث ذو شجون، مليء بالأحداث والحكم والدروس.. إنه وضع اللبنات الأولى لمعالم واتجاهات المرحلة الجديدة في حياة الأمة..

بل إن بصماته حاضرة في كل الفعاليات العلمية والثقافية والسياسية، والعسكرية..والحكمة عند الشهيد القائد حسين- رضي الله عنه- تتجسد بشكل مواقف، ورؤى عملية.. وهي تعكس وعياً راقياً.. وزكاءً في النفس، تعكس عظمة لدى الإنسان.. وعن رؤية الشهيد القائد نستعرض بعض ما تناولته الملازم والدروس والمحاضرات التي ألقاها الشهيد القائد..

عشرون عاماً مضت منذ انطلاقة السيد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي على مشروعه القائم على إعادة الأمة الى منبع القرآن الكريم بحيث تكون كل حركاتها وأعمالها مستمدة وفق الرؤية والثقافة القرآنية..
وقد أصبح هذا المشروع مقلقاً ومزعجاً لبعض القوى العميلة والمرتبطة بمصالح مع قوى خارجية.. فرأت فيه تهديداً، وخطورةً على مصالحها في المنطقة.. فالمشروع قائم على رفض الوصاية والارتهان، والاستسلام والخضوع أياً كانت..
لذلك جاءت رؤيته الحكيمة من منطلق المنهج القرآني وأهدافه السامية، التي تعمل على البناء النفسي للفرد والمجتمع والأمة.. وتؤسس لمرحلة جديدة منبثقة من القرآن وثقافته وحركته العملية..
لذا لقد اهتم الشهيد القائد بالمشروع القرآني.. ومستوى الاهتمام بالجانب الروحي النفسي لأنه يشكل المحور الأساس في إصلاح الأمة.. ونهوضها وتقدمها.. وفي مواجهة كل التحديات الداخلية والخارجية.. ومن خلال المحاضرات التي قدمها الشهيد القائد ندرك مدى اهتمامه بالقرآن وما احتواه من تعاليم إيمانية.. وقصص تاريخية مليئة بالعبر والدروس.. تحكي لنا حركة وسيرة الأنبياء والصالحين بشكل عام.. التي يتوجب ترجمتها عملياً في حياتنا وواقعنا العملي..
من هنا كانت الانطلاقة نحو تحديد الهوية الإيمانية.. ووضع البرامج العملية للبناء الداخلي في كافة مجالات الحياة.. ومواجهة التحديات بكل عزيمة قوية.. فمأساة الأمة اليوم تكمن في الفرقة والشتات والجهل والتخلف والخنوع لأعداء الله تعالى..
لذا فمفهوم الحكمة عند الشهيد القائد هو مفهوم واسع.. ويحمل حدثاً ودلالات.. ومفاهيم نحو بناء الفرد والمجتمع والأمة.. لأن الحكمة تعكس وعياً راقياً ورؤية إيمانية صادقة.. مصداقاً لقوله تبارك وتعالى: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً) البقرة: 269..

تحديات الهوية الإيمانية
أكد الشهيد القائد على مسألة الهوية الإيمانية لأنها تمثل مشروع الأمة النهضوي لأية أمة.. ولا تستطيع أية أمة أن تحقق مشروعها النهضوي دون أن يترسخ في وعيها مفهوم جذور تاريخها وثقافتها وحضارتها وعقيدتها..
وكل ذلك يتحقق عن طريق معرفة الذات.. وقد اهتم الشهيد القائد بقضية تعريف الذات.. من نحن.. ومن أنت.. كفرد، وشعب، وأمة.. وكوطن.. فأهمية الهوية الإيمانية هي مرتكز الانطلاق نحو النهوض والتقدم والرقي..
كما ركز الشهيد القائد على شمولية القرآن.. فما من قضية إلا ولها حضور في القرآن.. رغم البعد الزمني بين واقعنا الحالي.. وزمن نزوله..
لهذا لم تكن فكرة الارتباط بالقرآن غريبة أو مستهجنة.. غير أن تاريخ الأمة مليء بالصراعات والمماحكات والخلافات.. ما جعل البعض يتحايل على القرآن ومنهجه الواضح من خلال الاهتمام ببعض نصوصه وترك الآخر.. ومن خلال التأويل والتفسير الخاطئ لبعض آياته..

حملات الأعداء والخصوم
الموقف المخزي والمشين أن الكثير من الناس لم يطلع على محاضرات الشهيد القائد.. ولذلك انطلقوا الى مهاجمته، ومحاولة تشويه أفكاره ورؤيته القرآنية بإدعاءات باطلة.. وأقاويل مضللة.. منها على سبيل المثال: إبراز بعض القضايا والمواقف.. وقراءتها منفصلة عن المنهج والرؤية الإيمانية المنبثقة من القرآن ومنهجه..
وحتى هذه اللحظة ما يزال المشروع يتعرض للحملات من ذوات النفوس الضعيفة.. والعقول المضللة.. فالرؤية الإيمانية الصادقة ترفض أي ارتباط بقوى تحارب هوية الأمة.. وتمارس عليها سياسة الوصاية والارتهان..
كما ركزت محاضرات الشهيد القائد على قضايا أخرى تتعلق بين إسرائيل مثل: الكفر، والعصبيات، والاعتداء على الآخرين.. ومن يمارس أعمال اليهود، ويسلك مسلكهم سوف يواجه نفس المصير، ولن ينفعه إنتماؤه الى الإسلام.. مصداقاً لقوله تبارك وتعالى: (لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم).. وهذه اللعنة قائمة عليهم الى أن يرث الله الأرض ومن عليها..
لماذا رأينا أنفسنا تحت أقدامهم؟!.. بما اقترفته هذه الأمة من جرائم في إعراضها الكبير عن دين الله.. وفي تخليها عن مسؤوليتها وهي خاتمة الأمم.. والمسؤولية عن إصلاح الأمم جميعاً.. وعن النهوض بهذا الدين..

رؤية الشهيد القائد للتاريخ
لقد حث الشهيد القائد على أن نقرأ التاريخ عن ما حدث للإمام علي عليه السلام، وما حدث للأئمة الحسن والحسين وزيد وغيرهم.. نجد فيه عبر وعظات ودروس.. لذلك على الأمة اليوم أن تستمد القوة والثبات منها وأن تعي تلك الدروس.. وتعمل على تطبيقها.. لتعيش حياة كريمة..
مؤكداً أن إحياءنا لذكرى العظماء الذين قدموا أرواحهم ودماءهم في سبيل إعلاء كلمة الله، وإقامة منهجه القويم فيها دروس وعبر.. وعلى الأمة اليوم أن تعي تلك الأحداث والتجارب التي مرت على الأمم السابقة.. ولنأخذ منها الدروس ونطبقها في حياتنا كسلوك عملي..

تصحيح الوقائع التاريخية
كما أكد الشهيد القائد أن معظم وقائع التاريخ وأحداثه تم تحريفها وتحويرها.. بشكل متعمد أو بحسن نية.. ومع مرور الزمن تحولت الى حقائق.. وقد حدث هذا أثناء تدوين السيرة النبوية، والأحداث التاريخية في العصر الإسلامي.. مما تسبب في إثارة الخلافات بين المسلمين.. ولذلك لابد من تصحيح تلك الأخطاء..
ومن هنا أكد الشهيد القائد لابد من عرض تلك الوقائع والأحداث على القرآن، حتى الى الحقيقة..
فالسيرة النبوية تحتاج الى إعادة تدوين، وتصحيح بعض الأحداث والوقائع تماشياً من النص القرآني..

عشاق حق لا سلطة
كما أشار بعض المؤرخين أن أهل البيت يلهثون وراء السلطة.. وما حدث بين الإمام علي عليه السلام، ومعاوية هو صراع على السلطة.. وهذا يعتبر من المغالطات والافتراءات الباطلة.. والصحيح هو أن آل البيت كانوا يعملون على أن يسود حكم الله في أرضه.. وعلى عباده.. كما وضح الشهيد القائد أن آل البيت كانوا عشاق حق.. وهم من قال جدهم- وهو يوصي الحسن: خض غمرات الموت من أجل الحق حيثما كان..
وإذا أردنا معرفة الدين الحق علينا العودة الى دراسة التاريخ والسير بطريقة صحيحة.. خاصة لسيد الأنبياء والأئمة الأعلام.. وعلى رأسهم الإمام علي عليه السلام، كما ذكر الشهيد القائد: “نحن شيعة علي يجب أن نرجع الى دراسة تاريخ علي.. والى دراسة سيرة علي عليه السلام، لنعرف كيف نقتدي به.. وكيف نسير على خطاه.. وكيف نتمسك بنهجه..؟!.

وصفوة القول:
من خلال ما سبق كان علينا من الضروري أن نعمل على تنقية أحداث التاريخ ووقائعه مما شابه من الوشايات والأكاذيب والتخريف والأخطاء.. بقصد أو بدون قصد.. حتى نتمكن من الاستفادة من الماضي في إصلاح الحاضر والمستقبل..!!.