صمود وانتصار

مآلاتُ الأحداث ونتائجُها الحتمية

مآلاتُ الأحداث ونتائجُها الحتمية

مقالات|| الصمود|| مصطفى العنسي

ما آلت إليه الأحداثُ اليوم هو نتاجٌ طبيعي لسُنَنِ الله في عالمِه ومملكته.

 

فهلاكُ الجبابرة والطواغيت سُنَّةٌ من سنن الله ومآلٌ حتمي آتٍ لا مَحَالةَ، (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنْقُصُهَا مِنْ أطرافهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَاب).

 

ما يحدث اليوم من أحداث ومتغيراتٍ هي ارهاصاتٌ لتحقُّقِ وعدِ الله القائل: (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَو نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْس).

 

فقوى الاستكبار اليوم يجنون نتائج أعمالهم وجرمهم وطغيانهم.

 

وبنيانهم الذي بنوه بدماء شعوبنا وفلذات أكبادنا نراه اليوم يتضعضع ويتصدع.

 

ومجريات الأحداث اليوم تسير نحو المصير المحتوم.

 

فالنهاية هي الخسارة والسقوط والانهيار لمن طغى في الأرض واستكبر وعاث في الأرض فساداً واستكثر.

 

إِنَّ الصَّراعَ الذي انبثق فجأةً وطرأ بين روسيا وأوكرانيا هو بداية حدث عالمي سيمتد ويتوسع ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، (بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنْقُصُهَا مِنْ أطرافهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ).

 

أوكرانيا التي تفانت في سبيل أمريكا وعملت لخدمتها واتخذت قرارها طاعة لأمريكا وثقة بها وبوعودها وحمايتها لها خسرت ولم تفِ معها أمريكا وهذا المآل الحتمي لمن يتولونها من المسلمين والمشركين.

 

أمريكا تتجه نحو السقوط والتلاشي ومن يعتمد عليها مآلُه الخُسارةُ والندم.

 

وما فعلته أمريكا مع أوكرانيا ستفعلُه مع كُـلّ عملائها دولاً وشعوباً.

 

أمريكا تزُجُّ بعملائها وحلفائها لما يحقّق مصالحها فقط.. وَإذَا اقتضت مصلحتها القتال فستقاتل؛ مِن أجلِ مصالحها وليس لحماية حلفائها.

 

لذا يجب أن لا يفرح المطبِّعون مع الصهاينة وعلى رأسهم بعران الخليج الذين يسارعون فيهم بكل خساسة.. في اصطفاف واضح وتطبيع معلَنٍ وبكل تبجح ووقاحة.

 

أمريكا وإسرائيل لن تفيَ مع حلفائها ولن تتخلَّى عنهم فقط.. بل ستنقض عليهم بعد أن تستغني عنهم، هذه سياسة قائمة وثابتة لدى الأمريكيين.. وأكبر مثال على ذلك صدام وجيشه الذي تفانى في مواجهة الشعب الإيراني ومواجهة ثورة الإمام الخميني -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- بعد أن خدم صدام أمريكا وشن حرب الثمان سنوات قتل فيها ملايين الإيرانيين.. كلنا يعلم كيف كافأته أمريكا وكيف اجتاحت بلده ودمّـرت جيشه وكان مصيره القتل شنقاً وإعداماً على يد من خدمها وتفانى في سبيلها.. فما جرى على صدام سيجري على كُـلّ عميل لأمريكا.

 

أمريكا تتحَرّك ضمن أولوياتها في احتلال الشعوب، فعندما غزَّت العراق قال بعضُ ساستها لقد أخطأ بوش في غزو العراق كان عليه أن يبدأَ باليمن قبل العراق حينَها تدارِكُ بوش الموقف وزج بالسلطة اليمنية لمواجهة المشروع القرآني وشارك فعلياً بإرساله خبراء أمريكيين إلى اليمن للإشراف على الحرب التي تشنها السلطة آنذاك؛ لأَنَّهم عرفوا أن الخطرَ عليهم هو من اليمن أولاً ومن محور المقاومة إيران وحزب الله وفصائل المقاومة في فلسطين ثانياً.

 

بعدها غرق الأمريكيون في المِلَفِّ اليمني الذي أرهقهم وأخذ كُـلّ وقتهم وفشلوا في احتلال اليمن وفرض وَصايتهم عليه وخسروا السلطة الموالية لهم حينها.

 

فزَجُّوا بحليفتِهم السعوديّةِ وأدواتهم داعش والقاعدة وفشلوا.. ثم أنشأوا حينها تحالُفاً عربياً وإسلامياً وشاركوا فيه بكل قوتهم وإمْكَاناتهم وفشلوا حتى اليوم في مواجهةِ الشعب اليمني ووأد ثورته ومشروعه التحرّري التنويري القرآني.

 

هم في مشروعِهم الاستعماري لن يبقوا على السعوديّة أبداً وسبق أن صرَّحوا بذلك عندما ظنوا أن اليمنَ لُقمةٌ سائغةٌ لهم قالوا حينَها سنقضي على إيران أولاً ثم السعوديَّة ومصر، ولكن هزيمتَهم في اليمن أضعفتهم وأخذت كُـلَّ اهتماماتهم وجعلتهم يهابون إيران ويغيرون سياستهم تجاهها.

 

لولا اليمنُ وشعبُه المقاوم والعظيم لكانت السعوديّة في خبرٍ كان.. ولكانت أمريكا قد زجت بها في مواجهة إيران وتخلت عنها.. وجعلتها تواجه نفس المصير الذي تواجهه أوكرانيا اليوم.

 

اليمنُ وَقَى العالَمَ الإسلامي والعربي شَرَّ أمريكا وإسرائيل فقد استنفدت أمريكا وإسرائيلَ طاقتَها ووقتها في اليمن وغرقت فيه ولم يتركهم الشعب اليمني أَو يتيح لهم فرصة للانقضاض على بقية الشعوب الإسلامية بل عمل وتصدر المواجهة في دفاع مقدس عن الأُمَّــة جميعاً.

 

ومن هنا من اليمن من نفس الرحمن سيأتي الفرج بإذن الله لكل العالم.

 

فقد فتحت أمريكا على نفسها باباً لا يغلق؛ لأَنَّه باب فتح بدم ولن يغلق إلا بالدم.

 

وحينئذ سيتحقّق وعد الله في إظهار دينه بعد أن يضرب الله المشركين بالمشركين ويشغلهم عن تناول أطراف المسلمين.. فالهزيمة والفشل هو مآل أمريكا ومن يسارعون فيها.. والغلبة والنصر مآل (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.